كمال خلف:
رجح المساعدة الخاص للرئيس باراك أوباما والدبلوماسي الأمريكي السابق “دينس روس “أن يكون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو الوسيط الفاعل ومفتاح التسوية بين الولايات المتحدة وإيران، بعد أن وصل مستوى التصعيد إلى حد جعل من الصعب على الطرفين الإذعان والجلوس على طاولة مفاوضات واحدة.
ويرى “روس” في مقاله “لمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى” أن الرئيس الروسي، بعد وقت قصير من مقتل سليماني، كان يستعرض دوره كحَكَم حقيقي في المنطقة، من خلال زيارته إلى دمشق وبعدها تركيا، ويرى كذلك الدبلوماسي الأمريكي الشهير والوسيط السابق لعملية السلام في الشرق الأوسط ان “من الوهم الاعتقاد بأن الهجوم الصاروخي على القاعدة العراقية التي تتواجد فيها قوات أمريكية كان مجمل ما سيفعله الإيرانيون للانتقام. لذلك حسب “روس” فانه يجب على الأمريكيين أن يقلقوا. فمع لجوء إيران إلى استخدام الأساليب الخفيّة، أو الأعمال الإرهابية أو الهجمات بواسطة الوكلاء على المنشآت النفطية والأهداف الناعمة الأخرى، ستتعرض إدارة ترامب لضغوط متجددة من أجل الردّ عليها. بالإضافة إلى ذلك، قد يعني إعلان إيران أنها لم تعُد مُلزمة بأيٍّ من القيود المنصوص عليها في الاتفاق النووي أن الجمهورية الإسلامية ستبدأ في التقليل بشكل كبير من الوقت اللازم لتخطّي العتبة النووية وإنتاج مواد انشطارية لصنع سلاح نووي. فماذا سيفعل ترامب آنذاك؟ ويصف “روس” سياسية ترامب الحالية ونظرته إلى الآتفاق النووي الموقع 2015.
ويقول في مقاله: “ترامب اليوم يشهّر بسياسة أوباما تجاه إيران، إلّا أن سياسة أوباما نجحت في تمديد مدة تخطي العتبة النووية لدى إيران إلى عام واحد – وحتى قبل الهجوم، كان الخبراء يقولون إن المدة التي تحتاجها إيران لإنتاج المواد اللازمة لصنع سلاح نووي تقلّصت إلى أقل من ذلك. والواقع أن إمكانية نشوب حرب مع إيران لا تزال قوية، سواء بسبب سوء التقدير أو الحاجة إلى منع إيران من إنتاج سلاح نووي.”
وبناء على ذلك يرى “دنيس روس” ان من الواضح أن الرئيس ترامب لا يريد صراعاً ولكنه لا يتمتع بالقدرة الكافية على التوصل إلى وضع تبدأ فيه المفاوضات التي قال مراراً وتكراراً إنه يريدها مع إيران. ولا شك في أن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي لا يهتم بالتفاوض مباشرةً مع قاتل سليماني. وهنا يستطيع بوتين أن يلعب دوره – خاصة مع رغبته في الظهور بهيئة الحَكَم المحوري في المنطقة.
لذلك يصل روس في مقاله إلى استنتاج مفاده، أن ثمة احتمالٌ كبير بأن يصبح بوتين هو الوسيط، ومن المرجّح أن يسارع ترامب إلى استناح الفرصة لإبرام اتفاق نووي جديد وفق معيار واحد فقط: أن يكون قادراً على الادعاء بأن أعماله أفضل من تلك التي قامب بها أوباما. ولا شك في أن بوتين سيستغل هذه النقطة فيقول لترامب إنه إذا أراد المزيد (مثل تنازلات حول تاريخ انتهاء الاتفاقية، ما يسمى بـ “النفاذ الموقوت” أو انقضاء الاتفاق)، فعليه تقديم المزيد للإيرانيين عن طريق الإغاثة الاقتصادية والاستثمارات.
وهذا أمر طبيعي بالنسبة لترامب، وبالنظر إلى رغبته في التوصل إلى اتفاق، خاصة في عام الانتخابات الرئاسية الأمريكية . لذلك ينصح” روس” المقرّبين من الرئيس أن يُطلعوه على بضعة حدود بسيطة يجب الالتزام بها في أي اتفاق، وهي تمديد أحكام انقضاء الاتفاق لفترة 15 عاماً على الأقل أي من 2030 إلى 2045، وتوفير قدر أكبر من الشفافية بشكل عام، وخاصة فيما يتعلق بمواقع تخزين المواد النووية غير المعلنة، وتدمير جميع المنشآت والمعدات المستخدمة في اختبارات التسلح، ووضع حد لعمليات نقل الصواريخ الإيرانية وتحديثات دقة الصواريخ المتواجدة في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وبختم دنس روس بالقول انها ستكون من المفارقات الكبيرة حقيقةً، إذا كان انجذاب ترامب لبوتين يمكن أن يوفر طريقاً لنزع فتيل التهديد الإيراني.
ومن غير المعروف لماذا أسند دينس روس مهمة الوساطة للرئيس بوتين حيث لا توجد مؤشرات على هذا الدور ولم تقم روسيا بأي تحرك بين الجانبين على الأقل ظاهريا، وبدلا من ذلك تبدو القنوات عبر مسقط أو الدوحة هي القنوات الناقلة للرسائل والوساطة بين الجانبين .