سليم البطاينه
بدءاً من المواطن العادي البسيط، فجميع الأردنيين بشتى فئاتهم يجمعون على ان الاْردن يمرُ في أزمة، البعض يراها طاحنة والبعض الاخر يراها مزمنة وقابلة للانتشار؟ والجميع يصر على استخدام تعبير (أزمة)؟ فحين تنظر الى واقع البلاد وتستعرض المآسي التي يعيشها الناس تجدُ نفسك أمام أسئلة صعبة أرهقت وأرقت الكثيرين، لماذا تسوء حال البلاد من يوم الى يوم؟ ولماذا تغيب الحلول؟ وهل من أمل قادم في التغير؟ فالإجابة على تلك الأسئلة باعتقادي يستوجب لحظة صراحة ومصارحة، وان تكون الإجابات منطقية لنتمكن من الخروج من دائرة التردي والسقوط التي نعيشها، فما يجري في السر والعلن وفِي الداخل والخارج يُنبىء بأن لا أمل في تغير جوهري ينقُل البلد نقلة تُنقذهُ من واقعه المرير ،،،،،، فعلى ما يبدو فأن التفاؤل بامكانية التغير في قريب يدخُل في دنيا العجائب ! فتولوستوي Leo Tolotoy ( ١٨٢٨-١٩١٠) الروائي والمفكر الروسي قال ( الأمل والتغير بايدينا وبإرادتنا وأصواتنا ).
فهنالك ايضاً أسئلة أخرى حول مفردات التغير التي ينبغي التمسُك بها حيث انها تحتاجُ إلى فضاءات سياسية واجتماعية شريطة توفر الإرادة السياسية العليا وان تكون على أتم الاستعداد للتغير نحو الأفضل، فادارة عملية التغير تحتاج قدرة كافية ورؤى سديدة لقيادة تلك العملية وصبر للسير في هذا الطريق الوعر، فهل الدولة ام الحكومة هما المسؤلان عن إدارة التغير؟ ففرضاً كانت الدولة هي المسُؤلة فمن هي المؤسسات المعنية بقيادة عملية التغير؟ فباعتقادي بان التحدي الأساسي لا يتعلق في تحديد المسؤولية بل يكمنُ في تطبيق برامجُ مشروع التغير وقدرة تلك البرامج على إدارة التغير.
فعلى الدولة واجهزتُها ان تكون لديها صحًوة حقيقية وان تقرأ المرحلة الماضية قراءة موضوعية، فالتغير السريع للحكومات والأشخاص ما هو الا انعكاس وجود أزمات داخل النظام السياسي، فكثرة التغيرات والتعديلات سواء كانت دستورية أو غيرها من التعديلات هي سمة من سمات عدم الاستقرار السياسي ، ففي حالة عدم استقرار الحكومات ستكون الكلفة عالية وباهظة الثمن، وستقود الى مشاكل عدة بتدني درجة المؤسسية وازدياد الأبعاد الشخصية في الادارة على حساب البعُد القانوني ، حيث تُصبحُ الحكومة في تلك الحالة جزءاً من المشكلة وليست جزءاً من الحل! فاغلب عمليات الإصلاح السياسي التي تمت سابقاً كانت فقط لتجاوز أزمات المراحل! فسياسة حرق المراحل لن تحققُ شيئاً ولن تقود الى اصلاح جذري، فالاهتمام بالأهداف قصيرة المدى على حساب الأهداف طويلة المدى سيؤدي الى كارثة.
فما حدث بدول الربيع العربي كان نتاجاً طبيعياً للبيئة التي خلفتها أنظمة تلك الدول (اقتصادياً وثقافياً وسياسياً) ولَم تكُن بفعل قوى خارجية كما ادعت تلك الدول فهي نتاجُ مجتمعات سادها الاحباط والفقر والجوع وفقدان العدالة الاجتماعية وانتشار البطالة بشكل مرعب بين شبابها؟ فالاردنيون ليسوا عصيين على الإصلاح وهم يائسون، ومن ينظرُ إلى أحوالنا يراها تزدادُ سوءاً يوما بعد يوم! فالتغير في النهج يحتاجُ الى نقطة بداية تُحدد الاتجاه.
فتفاؤل الأردنيين مع كل تغير وزاري لا يلبثُ ان يتحول الى احباط والعودة الى المربع الاول والمطالبة بتغير الأشخاص بحيث نبقى ندور في حلقة مفرغة؟ فالموضوع ليس بتغير الأشخاص سواءً كان رئيس أو وزير.. الخ.
فأي نهج سياسي مستقبلي قادم لا يمكن له ان ينجح الا بتوفر الإرادة السياسية، فكلما تأخر التغير فان البلاد ستدفع الثمن من استقرارها السياسي والاجتماعي والاقتصادي فالتغير الذي يأتي من الداخل أنجح بكثير من التغير الذي يأتي بضغط خارجي ولنا في التاريخ عبر، فالمستحيل في الامس أصبح واقعاً اليوم.
كاتب اردني