الرئيسية / أخبار / جيوبوليتيكال فيوتشرز: لهذه الأسباب لن تندلع حرب بالخليج بين أمريكا و إيران
Image processed by CodeCarvings Piczard ### FREE Community Edition ### on 2018-03-16 12:46:34Z | | ÿ7:;ÿ5

جيوبوليتيكال فيوتشرز: لهذه الأسباب لن تندلع حرب بالخليج بين أمريكا و إيران

ناقش الكاتب جورج فريدمان في تقرير له  بمجلة جيوبوليتيكال فيوتشرز الأمريكية أسباب عدم إقدام الإدارة الأمريكية على شن حرب ضد إيران رغم تصاعد التصريحات والتهديدات بين الطرفين خاصة بعد الهجوم الذي استهدف ناقلات نفط قبالة سواحل مدينة الفجيرة في الإمارات,

وبحس الكاتب فهناك الكثير من الحديث حول حرب بين الولايات المتحدة وإيران. و لكن من وجهة نظره، لا يعد هذا الأمر مرجحا؛ لأن مخاطر الحرب كبيرة جدا بالنسبة للبلدين. ولا يمكن لإيران أن تسمح بتدمير جيشها، ولا يمكن للولايات المتحدة أن تقبل التكاليف التي سوف تترتب على تحقيق انتصار حقيقي.

ومنذ كوريا، كان أداء الولايات المتحدة ضعيفا في الحروب، باستثناء عاصفة الصحراء، عندما دخلت الولايات المتحدة إلى الكويت لمحاربة الغزو العراقي. لكن في فيتنام وأفغانستان والعراق، واجهت الولايات المتحدة مشكلة فيما أسميه “حروب الاحتلال”، وهو نوع من الحروب تكون له تداعيات مكلفة حتى بعد كسب الحرب بشكل أولي.

المراحل الثلاث للحرب

وافترض المنظّر العسكري “كارل فون كلوزويتز” أن هناك 3 مراحل من الحرب، كل منها تتطلب قدرات مختلفة. المرحلة الأولى هي كسر القوة العسكرية للعدو، وهو ما نعتقد عادة أنه يتم عبر القتال العسكري. والثانية هي احتلال البلد، والذي ينطوي على الاحتلال الفعلي للبلد المهزوم، وإنشاء أدوات الحكم والإنتاج والاستهلاك. والثالثة هي كسر قدرة العدو على المقاومة، الأمر الذي لا يقتصر فقط على كسر معنوياته؛ بل وأيضا تدمير أي رغبة لدى السكان في القتال ضد المحتلين.

وتعد المرحلة الثانية ضرورية لأن هزيمة جيش العدو دون احتلال البلاد يفتح الباب أمام إنشاء قوة عسكرية جديدة في البلد المهزوم والعودة إلى التهديد الاستراتيجي الذي أشعل الحرب في المقام الأول.

وبعد الحرب العالمية الثانية، على سبيل المثال، اضطر الحلفاء إلى احتلال ألمانيا واليابان، أو المخاطرة بالسماح لهما بالقدرة على استئناف القتال وعودة القوى السياسية التي شكلت التهديد في البداية. وفي مفاوضات السلام النهائية، أصر الأمريكيون على الاحتلال رغم مقاومة اليابان له.

لكن المرحلة الثالثة من الحرب لم تظهر في اليابان أو ألمانيا لسببين. أولا، لأن الحلفاء لم يهاجموا الجيش فحسب، بل والسكان المدنيين أيضا. وتنطوي الحرب الحديثة على ضرب الأهداف الصناعية، ويحيط الناس بالمصانع غالبا. وتعني مهاجمة القاعدة الصناعية للعدو مهاجمة سكانه، الأمر الذي يقضي على أي إرادة للمقاومة في المقام الأول. وبالتالي، لم يقاوم السكان، ولم يتطور الأمر ليتطلب المرحلة الثالثة.

ثانيا، حتى لو كانت هناك إرادة للمقاومة، فقد حاول المحتلون التعرف بسرعة على مخابئ الأسلحة وتدميرها. وكان من الممكن استخدام أي أسلحة متبقية لإشعال القتال لفترة، ولكن في النهاية، يجب الحصول على إمدادات جديدة. وقد يتم سرقة بعض الأسلحة من قوة الاحتلال، ولكن، مع بعض الاستثناءات، يتطلب إنشاء قوة لمقاومة الاحتلال جهة خارجية مستعدة لتقديم العتاد.

وفي العراق، هزمت الولايات المتحدة الجيش العراقي في غضون أسابيع، وتمكنت من احتلال البلاد بسرعة. لكن أسلحة الجيش العراقي كانت مخبأة في عدد من الأماكن، وأخذ العديد من أفراد القوات العراقية الأسلحة إلى منازلهم.

وبعد أن دمرت الولايات المتحدة الجيش العراقي واحتلت البلاد، فإنها واجهت بعد ذلك قوى لديها كل من الإرادة والأسلحة لمقاومتها، لذا فشلت الولايات المتحدة في تلك المرحلة الثالثة من الحرب.

الرغبة في المقاومة

وفي “حرب الاحتلال”، لا يكون لدى الواقعين تحت الاحتلال أي أمل في هزيمة الجيش المحتل أو إلحاق أضرار جسيمة به. لكن يمكنهم استخدام مزاياهم لتقويض إرادة المحتل في البقاء.

ويكون للقوة المقاومة العديد من المزايا، أهمها التفوق الأخلاقي، فهو بلدهم ذلك الذي تم احتلاله، ومن السهل توليد الحاجة إلى المقاومة. بالإضافة إلى ذلك، يكون لديهم دراية تفوق المحتل ببلادهم وطبيعتها. وإذا سمحت التضاريس، فيمكنهم استخدامها لإخفاء أنفسهم. وفي البيئات الحضرية، يمكن للمدينة إخفاء المقاومين.

ويجعل تجذر المقاومة في المدينة الأمر صعبا، ويتطلب جمع معلومات استخبارية من السكان المدنيين، لكن استعدادهم للمساعدة يكون محدودا بسبب تعاطفهم مع المقاومة وكراهية المحتل وخوفهم من الانتقام. وعندما يقوم المحتل بعمليات في المناطق المأهولة بالسكان، فإن المدنيين يقتلون أو يصابون حتما، مما يزيد من عداء السكان ويقلل من فرص التعاون.

وهذا هو السبب في أن “حرب الاحتلال” صعبة للغاية. وتتطلب تلك الحرب من المحتل صياغة استراتيجية مناسبة للبلد الواقعة تحت الاحتلال، تعتمد على معرفة البلد، وهو ما لا تملكه قوة الاحتلال. لذلك، لا يمكن للمحتل أن يمحو قوة المقاومة، لكن قوة المقاومة يمكنها أن تضرب أينما ووقتما اختارت، وفقا لقدرتها.

ويعني هذا أن المحتل يبقى منتصرا لكنه يستنزف تدريجيا بسبب المقاومة. وتحاول المقاومة خلق حرب لا تنتهي، ليس لأنها تتوقع الفوز، ولكن لأنها تريد كسر إرادة عدوها للبقاء في البلاد.

وبمرور الوقت، فإن الخسائر المنخفضة نسبيا التي تلحق بالمحتلين سوف تجبرهم على إعادة النظر في القيمة السياسية لمواصلة شن الحرب. وقد أشار “كلوزويتز” إلى أن الحرب هي استمرار للسياسة بوسائل أخرى، ويعد هذا صحيحا عبر “حرب الاحتلال” ولكن تكاليفه مرتفعة.

وعلى مدار الأعوام، قد تستمر القوة المحتلة في التمسك بحالة الحرب على افتراض أن الانسحاب سيقوض مصداقيتها الدولية، وأن المحتل لا يمكن أن يسمح بإعلان هزيمته بهذه الطريقة. لكن في الوقت المناسب، يصبح ثمن الانسحاب أقل من تكلفة البقاء.

وتعد “حرب الاحتلال”، ضد المقاومة المحفزة والمسلحة جيدا هي أصعب أنواع الحرب. فهي تكسر المحتل، ليس بضربة حاسمة، ولكن باستنزاف موارده باستمرار.

وقد يقول البعض إن المقاومة لا يمكن أن تصمد أمام القوة الساحقة والوحشية. وقد يكون ذلك صحيحا في بعض الحالات، ولكن فكر في المحاولة الألمانية لقمع المقاتلين الشيوعيين في عهد “تيتو”. لقد احتل الألمان المنطقة، لكنهم لم يتمكنوا من هزيمة المقاومة على الرغم من الوحشية غير العادية. وكان لدى الثوار أماكن للاختباء فيه، وكانت قوة “تيتو” تعتمد على الجبال، وكان لدى كل منهما درجة من العون الخارجي. وكان كلاهما يعرف حقيقة أن الاستسلام يعني الموت، وقد دفعت وحشية المحتل المقاومة للصمود.

إغواء النصر

ويمكن للولايات المتحدة بالتأكيد تدمير الجيش الإيراني. ومن المحتمل أيضا أن تحتل إيران، لكنها ستضطر بعد ذلك إلى “حرب الاحتلال”. وسيفقد الإيرانيون بذلك السيطرة على بلادهم لفترة طويلة من الزمن، و لكن التكاليف ستكون مرتفعة للغاية على الجانبين.

وفي المقابل، تستطيع الولايات المتحدة بالطبع قصف إيران، لكن دولة واحدة فقط استسلمت بعد أن واجهت غارات جوية دون تدخل بري، وهي “يوغوسلافيا” في حرب “كوسوفو”. وحتى في هذه الحالة، كان للاستسلام علاقة بالدبلوماسية الأجنبية أكثر من ألم الحرب.

وقد تسبب القوة الجوية ضررا كبيرا، ولكن من المحتمل ألا تجبر البلد على التراجع. وتتطلب نهاية الحرب تحولا سياسيا لدى العدو، ولا يمكن للقوة الجوية عادة فرض مثل هذا التحول.

ولدى الولايات المتحدة خبرة في “حروب الاحتلال” في أفغانستان، وفي فيتنام إلى حد ما. وفي كل حالة، فإن قدرة الخصم على فرض حالة حرب مستمرة وممتدة على الولايات المتحدة أجبرت واشنطن على المدى البعيد، على قبول نتيجة لم تكن متصورة في السابق. وفي العراق، ظنت الولايات المتحدة أنها لن تواجه مقاومة لكن ما حدث كان عكس ذلك.

وسيكون هناك تهديدات متبادلة، وربما حتى غارات جوية وضربات مضادة. لكن تدمير الجيش الإيراني سيؤدي إلى الاحتلال، وسوف يتطلب كسر الإرادة في المقاومة. وتبقى مخاطر حرب الاحتلال معروفة جيدا، لكن الهدوء والتوقف بعد تدمير جيش العدو هو أخطر نقطة في الحرب. فهو يغوي الحكومة المنتصرة لتخيل أن هذه المرة ستكون النتيجة مختلفة، ونادرا ما يكون الأمر ذلك.