مايا التلاوي
من يعتقد أن العلاقات الدولية تدار فقط في أروقة مجلس الأمن والطاولات المستديرة أو الاجتماعات المغلقة يكون أحمق لأن في كثير من الأحيان تكون دماء الأبرياء فتيل إشعال أزمات وحروب أو إنهاء صراعات وتنافسات بين دول العالم.
في صباح يوم الجمعة ولما له من خصوصية عند المسلمين في أرجاء العالم قام مواطن استرالي بقتل وجرح العشرات من الأبرياء داخل مسجد في مدينة كرايست تشيرش في نيوزيلندا.
تعمد القاتل أن يقوم بالمذبحة على الهواء مباشرة وفي بث حي مظهرا للناس أن الميكانيزم الخاصة به تدفعه لتصوير فيلما قصيرا و ترجمت أفعالا لا يتقبلها العقل الإنساني وكأنما مايحدث عبارة عن لعبة فيديو.
لنبدأ بترتيب الأحداث بالتفصيل وندرك ماذا يدور في فلك الإدارة الأمريكية
أقدمت تركيا على إعلان صفقة شراء منظومة S400 من روسيا فصبت أمريكا جام غضبها على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ودفعته للتراجع عن شرائها فقامت السلطات التركية بالتصريح أن التنسيق بين روسيا وتركيا بخصوص المنظومة شأن تركي داخلي ولاتسمح للدول التدخل بالقرار.
أمس قامت روسيا بالتنسيق مع تركيا باستهداف مخازن أسلحة وذخيرة لمسلحي هيئة تحرير الشام في إدلب وصرحت وزارة دفاعها بذلك.
اللاعب الأمريكي لايريد للتركي أن يذهب بكل مايملكه من قوة تأثير إقليمية إلى الروسي لأن في ذلك مساس بالدور الذي تلعبه الإدارة الأمريكية والتي من مصلحتها أن تبقي أردوغان قائد عملياتها ومنفذ سياساتها في الشمال السوري.
لنعود إلى ماحصل في نيوزيلندا مذبحة بشرية خطفت أرواح عشرات الأبرياء
وندقق قليلا في ماكتب على الأسلحة الرشاشة التي استخدمها القاتل في القتل ( التركي الفج/ كما كتب عليها عبارات عن معركة فيينا التي حصلت في عام ١٦٨٣ عندما خسرت الدولة العثمانية المعركة ووضعت هذه الخسارة حد لتوسعها في أوروبا.)
هدد القاتل اللاجئين في الدول الأوروبية ووجه رسالة إلى الشعب التركي والحكومة عليهم أن يبقوا في بلادهم ولو حالوا الوصول إلى أوروبا سيقومون بحرقهم ( رسالة مبطنة عن دور تركيا في إرسال اللاجئين من على أراضيها إلى دول أوروبا وفي حال ساهمت في معركة تحرير إدلب ستقوم بإرسال الآلاف من النازحين السوريين إلى أوروبا عبر أراضيها وتستخدمهم كورقة ضغط على القارة التي أثقلها نزوحهم اقتصاديا وأمنيا وسياسيا.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتبع سياسة ناعمة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ويقوم بتوقيع عقود بيع عسكرية ليصل إلى الاتفاق في تنفيذ ضربات ضد المجموعات المسلحة المدعومة من السلطان التركي في إدلب وهذا مانجح به بوتين من خلال تنسيق الجانبين على استهداف مخازن أسلحة تابعة لهيئة تحرير الشام في إدلب وحرقها بالكامل.
دونالد ترامب قلق من التقارب الروسي التركي لما فيه من بداية نهاية الحرب السورية لأننا كلنا نعلم أن نهاية عملية تحرير إدلب سوف تعبد الطريق لتحرير شرق الفرات وبالتالي إنهاء الأزمة السورية وهذا ماترفضه الدولة العميقة في أمريكا بالإضافة إلى الكيان الصهيوني الذي يساهم في إعادة إحياء الأزمة السورية ومحاربة كل من يقدم الدعم للجانب السوري والعمل على إعادة احتلال مناطق سورية بتأييد أمريكي كما حصل في الجولان السوري ورفع صفة محتل عنه.
ماجرى في نيوزيلندا من محرقة الأبرياء تؤكد أن العرب والمسلمين على وجه الخصوص ليسوا سوى أدوات وبيادق عند الملك والوزير وأعوانهم.
كاتبة وباحثة سياسية