د. شهاب المكاحله –
ليس من الغريب أن تصبح الدجاجات ذئاباً في أيامنا هذه. ففي حادثتين منفصلتين وخلال أسبوع في كل من فرنسا وروسيا تمكنت دجاجات من قتل ثعلبين داهما مخدعها في الريف الروسي والفرنسي. لا أعرف إن كان السبب هو طبيعة الغذاء والهواء أو أنها الهرمونات والجينات أم أنها نوع جديد من الديمقراطية واستراتيجية الدفاع عن النفس وعدم الاستسلام للظروف مهما بلغت التحديات والضغوط الدولية والإقليمية.
يبدو أن أمراً ما قد تغير فأجبر تلك الدجاجات على التحول من الدفاع إلى الهجوم أو أن تكتيك الدجاج قد بات بالياً فاستبدلته بآخر أحدث وأشد فتكاً. في قصة الثعلب والدجاج حِكمٌ كثيرة منها السياسي والاقتصادي والاجتماعي وحتى الثقافي. فقد استعادت تلك الدجاجات الإرادة وزمام المبادرة ولم تقبل أن تكون فريسة لعدو لا يرحم، فاستجمعت قواها وتحالفت وبادرت بالهجوم وكانت النتائج في صالحها.
إنه العقد الاجتماعي الذي بنته دجاجات لم تعرف القراءة والكتابة يوماً ولم تدخل مدارس ولم تحمل شهادات من كبرى الجامعات. هو حلف على الخير لا على الشر. عقد اجتماعي يقود مئات بل الآف الدجاجات للتجمهر وراء إمرة دجاجة واحدة اتخذت على عاتقها إخراج مئات من أبناء جلدتها من أنياب ثعلب مكَار حاول بكل الوسائل أن يتربص بهن. أليس في ذلك عبرة لمن يعتبر يا أولى الألباب؟!
اليوم جميعنا يلهث وراء لقمته لا هدف له سوى مصلحته ولا هَمَ له سوى نفسه فقط،
بل إنه على استعداد أن يضحي بالغير في سبيل تلك مصلحته الشخصية. فلا حياة بلا تضافر للجهود ورؤية وحرص على المستقبل والمصير الواحد لأن العدو واحد.
علمت الدجاجات أن أخبث الأعداء من سعى بسياسة فرق تسد، فكانت الحكمة منهن أن المصلحة واحدة والعدو واحد. فلم يستطع الثعلب عزل اي منهم والانفراد بها.
قصة الدجاجات تلك جرس إنذار بأن الطفرات الجينية قد تلعب دورها يوماً ما وتنقلب المعادلات فيصبح الضعيف قوياً والقوي ضعيفاً وهذا ينطبق على الأفراد والمجتمعات والدول. ينبغي على الجميع أن لا يستهتروا بمصالح ومشاعر الآخرين لأن القطة تتحول إلى نمر إن هي أكرهت على أمر أو أجبرت على ما لا تقوى. ولا نريد أن نصل بلا عقد اجتماعي إلى مصاف “ألا إني أكلت كما أكل الثور الأبيض”.