الرئيسية / أخبار / الحرب المقبلة في الشرق الأوسط: أطرافها، تحالفاتها، وأدوار الدول

الحرب المقبلة في الشرق الأوسط: أطرافها، تحالفاتها، وأدوار الدول

تشهد العلاقة الإيرانية الأمريكية تجاذبات كبيرة في ظل حرب كلامية يُخشى أن تتحول لحرب حقيقية. ويرى خبراء بأن المنطقة العربية ستشهد عواقب وخيمة في حال اندلاع أية حرب بين طهران وواشنطن. التهديدات الكلامية على تويتر بين الرئيس الأمريكي ترامب والحكومة الإيرانية أدخلت البيئة العربية في حالة من الترقب الحذر، لا سيما بعد الرد الإيراني بأن المعركة لو حصلت فإنها ستكون “أم المعارك”، وتحذير واشنطن من “اللعب بالنار”.

ويرى خبراء في العلاقات الدولية أن سيناريو الحرب وارد خاصة أن هناك عوامل  قد تلعب لصالح اندلاعها. من بينها تطورات الأحداث منها إعلان ترمب انسحاب القوات الأمريكية من شمال شرق سوريا والضغوط الداخلية الشديدة علىه، بالإضافة إلى التحقيقات المتتالية بشأن الفساد التي يتعرض لها رئيس الوزراء الإسرائيلي، والتي انتهت بإجراء انتخابات إسرائيلية مبكرة في نيسان/ إبريل القادم. فالحرب قد تكون عاملا للتنفيس عن هذه الضغوط حسب الخبراء. ويستدركوا أن الأطراف جميعها لا تريد حربا شاملة لأن الكل يدرك فظاعة تكلفتها، لكنهم يضيفوا في المقابل بأن الولايات المتحدة قد تغض الطرف عن حرب محدودة؛ كأن تقوم إسرائيل مثلا بتدمير للقوات الإيرانية أو الموالية لها في سوريا أو لبنان. ويؤكدون أن إيران ستلتزم الحذر في تصرفاتها بداية، وأنها لن تلجأ لتطبيق تهديداتها في إغلاق مضيق هرمز ـ كخطوة أولى على الأقل ـ إلا لو هوجمت، فهي تدرك أن تصرفا كهذا سيستخدم كورقة في التصعيد ضدها.

ويرون أن أي حرب محتملة  بين إيران والولايات المتحدة سيكون لها عواقب وخيمة على العالم العربي. مؤكدين أن هذه الحرب لو حدثت فإن شرخا كبيرا سوف يظهر داخل الدول العربية، بحيث سيكون هنالك  3 معسكرات متباينة سياسيا .

المعسكر الأول بحسب الخبراء يضم دول الخليج وأبرزها السعودية والإمارات التي ستكون في الخندق الأمريكي، وستقف لا محالة إلى جانب الولايات المتحدة في الحرب. وحتى لو شاركت إسرائيل فإن ذلك لن يغير من موقفها. وستمر الطائرات الإسرائيلية عبر أجواء عربية ومن ضمنها الأردن من أجل قصف إيران بحسب الخبراء. ويعتقدون أنه بالنسبة لقطر، وبالرغم من التباين الكبير في الموقف السياسي بينها وبين السعودية وكذلك الإمارات، إلا أنها لا تملك خيارا آخر خاصة، وأنها تحتضن قاعدة أمريكية كبرى في المنطقة العربية، وكذلك قد يكون الأردن مشاركا خاصة ضمن ضغوط أمريكية وخليجية قوية.

المعسكر الثاني سيضم دول رافضة  لهذه الحرب على إيران، ورافضة للوقوف إلى جانب اسرائيل، ومن أبرز هذه الدول الجزائر، والعراق، ولبنان، وسوريا وفلسطين. بالنسبة لفلسطين قد يكون الأمر مفهوما خاصة في ظل تدخل اسرائيلي، إلا أن دولا أخرى ستشهد تحركات عسكرية موالية لإيران لا سيما في سوريا ولبنان والعراق.

المعسكر الثالث: سيكون مكونا من عدة دول ستحاول أن تنأى بنفسها عن هذه المشكلة، بحيث ستتجنب نشر أية تصريحات ولن تتبنى أية مواقف ومن أبرز هذه الدول المغرب وتونس.

*التحليلات السياسية الدولية للحرب القادمة

ويرون أن التصعيد الكلامي المتبادل بين واشنطن وطهران يعكس ميولا مقلقة للغاية في سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران، حيث ترسخت في واشنطن فكرة تغيير النظام الإيراني. ويرون أن هذه السياسة قد تجر معها الحرب إلى المنطقة في نهاية المطاف. ومثل هذه الحرب ستكون كارثة إنسانية وسياسية ذات أبعاد عالمية، وفي هذا السياق أدلى هنري كسينجر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق برأيه بشأن التطورات الإقليمية والدولية بقوله:” إن الحرب العالمية الثالثة باتت على الأبواب وإيران ستكون هي ضربة البداية في تلك الحرب” وأضاف كسينجر بأن :”  طبول الحرب تدق بالفعل في الشرق الأوسط، و الأصم فقط هو من لا يسمعها”.

أما السياسي والباحث الأمريكي ريتشارد هاس توقف أمام مشهد منطقة الشرق الأوسط خلال العام الجديد، في حوار مع قناة أمريكية، معتبرا أنه “من القوانين الأساسية في الشرق الأوسط أن تسوء الأمور قبل أن تصبح أكثر سوءا”.وقال هاس، في حوار مع قناة “إم أس إن بي سي”، “أنا أعتقد أننا سنرى ذلك. أنا أراهن أنه إذا ما اندلعت حرب خطيرة في عام 2019، فلن تكون مع كوريا الجنوبية ولا حتى على بحر الصين الجنوبي. لا نستطيع توقع ما سيفعله السيد بوتين في أوكرانيا، ولكني أراهن على إيران، سواء جاء ذلك عقب مواجهة بينها وبين إسرائيل، أو من خلال شيء ما تفعله السعودية بأمل صرف النظر عن صورتها كقاتلة لصحافي، وظهورها كشريك ضروري ضد إيران، أو ربما تكون على يد إيران نفسها؛ بسبب الضغط الذي تشعر به بسبب العقوبات”.وأضاف هاس وهو مدير مجلس العلاقات الخارجية، وكان مدير تخطيط السياسات بوزارة الخارجية سابقا: “بنظري، سوف تكون هناك حرب. حتى إذا ما كنت مخطئا ولم يحدث ما أتوقع، أعتقد أنه على مدى العامين المقبلين، علينا تخيل عودة الإرهاب. لن تعود سوريا إلى سابق عهدها أبدا. فنحن نرى القتال المتزايد هناك. عاجلا أم آجلا، احتمالية لجوء دول أخرى إلى الأسلحة النووية كالسعودية ومصر وتركيا غير مستبعدة”.مشهد الشرق الأوسط الحالي يراه هاس على هذا النحو: “كل الاتجاهات في وضع سيئ حاليا، نحن ننظر إلى عالم تكاد الحدود فيه لا تعني فيه الحدود شيئا. لا وجود لمفاوضات جدية. الدول بدأت بالانهيار من الداخل”.وأشار هاس في نهاية حديثه إلى أن “ما يحدث هناك (في الشرق الأوسط) لن يبقى هناك فقط، هي ليست لاس فيغاس. المشاكل في الشرق الأوسط لديها القدرة على الانتشار إلى جميع أنحاء العالم”.

فالحرب- من وجهة نظر خبراء العلاقات الدولية- المحتملة ستكون مدمرة والهدف ليس غزوا بريا على  ايران بل سيكون تغيير الوضع القائم وستراهن الولايات المتحدة، حسب رأيهم، على أن الدمار سوف يجلب تغييرا في نظام الحكم القائم. ويوضحوا “واشنطن أرسلت عدة رسائل كلامية أن الخطوة الأمريكية ستكون أكبر مما يتخيل البعض. وهو ما يبين حجم الدمار المتوقع لا سيما إن أخذنا بعين الاعتبار حجم القنابل التي استخدمتها الحكومة الأمريكية في أفغانستان والتي بلغت عدة أطنان للقنبلة الواحدة”. ويعتقدون أن إيران لن تدخر جهدا في استخدام كافة أسلحتها، وهو ما صرحت به أكثر من مرة. ويقولون: “إيران تدرك أن هذه المعركة ستكون آخر المعارك في المنطقة وستحاول أن تضرب بكل جهدها، وستكون المجالات مفتوحة أمام الصواريخ الإيرانية، مثل القواعد الأمريكية وأيضا عواصم عربية وكذلك إسرائيل”.  ويتابع “إيران ستحاول تحريك أذرعها في المنطقة العربية للهجوم على خصومها، لا سيما في العراق ولبنان وسوريا، وأنه من غير المستبعد أبدا أن يشارك حزب الله والحكومة السورية في تنشيط الجبهة الجنوبية لإسرائيل”.

والسؤال الذي يطرح في هذا السياق، والذي انشغلت به مراكز الفكر والبحث الدولية، هل الانسحاب الامريكي من سوريا سيتبعه الانسحاب من العراق؟

*العراق

بعد زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وزوجته ميلانيا إلى القاعدة العسكرية الأمريكية غرب محافظة الأنبار بالعراق في الـ 26 من كانون الأول / ديسمبر 2018، خرجت تقارير تتحدث عن عدد القواعد الأمريكية في العالم ومن بينها العراق.إذ كشف تقرير لأحد المواقع الأمريكية الشهيرة السبت 29 كانون الأول، وجود أكثر من 10 قواعد عسكرية للولايات المتحدة في العراق تتنوع مهماها من ضمن 800 قاعدة حول العالم تسيطر بها أمريكا على شؤون العالم وفيما يتعلق بالعراق، فقد توزعت القواعد على مناطق شمال وغرب ووسط العراق. التقرير تحدث عن اتفاق بين الأكراد والولايات المتحدة تم في 2014، يقضي بإنشاء الأخيرة 5 قواعد شمال العراق تحت السيطرة الكاملة للأمريكيين تتوزع على النحو التالي:قاعدتين في مدينة حلبجة بمحافظة السليمانية قرب الحدود مع إيران ، وقاعدة في منطقتي أتروش والحرير، قاعدة سنجار وقاعدة ألتون الكبرى التابعة لمحافظة كركوك المتنازع عليها مع بغداد، فضلا عن أن قاعدة كركوك “رينج” تعد معسكرا نموذجيا للتأهيل العسكري والتدريب، إضافة إلى تأسيس الولايات المتحدة قاعدة كبيرة لقواتها في مطار القيارة العسكري جنوبي الموصل. أما عن وسط العراق، فقد اتخذت الولايات المتحدة من قاعدة بلد الجوية بمحافظة صلاح الدين مقرا لها خاص بطائرات إف 16، فضلا عن قاعدة أخرى في معسكر التاجي شمال بغداد لتدريب القوات العراقية.وحتى العاصمة بغداد، يوجدا بها قاعدة أمريكية داخل حدود المطار الدولي وهي تسمى قاعدة النصر “فكتوري”، وتستخدم للعمليات الاستخبارية والتحقيقات والتحكم والقيادة.وأخيرا غرب العراق، الذي اتخذت منه الولايات المتحدة قاعدتين عسكريتين كبيرتين في محافظة الأنبار أولها التي زارها ترامب “عين الأسد”، والثانية “الحبانية” في قضاء البغدادي”، وهما قواعد هامة لتأمين إسرائيل كونهما على حدود الأردن وسوريا.اللافت أن من بين كل تلك القواعد الأمريكية المنتشرة في العالم، لم يزر ترامب غير تلك غرب العراق، وكأنه يعطي رسالة واضحة بأن هذه القاعدة نقطة انطلاق وتحضير لعمليات في المستقبل القريب، فضلا عن أن عدد هذه القواعد المرشحة للزيادة ينفي أي نية للانسحاب من العراق. وعلى الرغم متعدد القواعد العسكرية الأمريكية في العراق، فإن الإدارة ترامب لن تحتفظ بقوة عسكرية كبيرة في العراق، وإنما ستبق على عدد قليل لكنها تتسم بالقوة والنوعية والنشطة في العراق.

إعلان ترامب عن عَزمَه سَحب قُوّاته مِن سورية، وزيارته المُفاجِئة والسِّريَّة إلى قاعدة بلاده في عين الأسد غرب الرمادي العِراقيّة، وتأكيده أنّ هَذهِ القاعِدة قَد تُستَخدم في أيّ هجَمات ضِد تنظيم “الدولة الإسلاميّة” (داعش)، كلها تَعكِس مَلامِح المُخطَّط الأمريكيّ في العامِ الجَديد ومَحطّاتِه.واشنطن لا تُريد قَتال “داعش” في سورية أو العِراق، وإنّما الاستِعداد لأيّ مُواجَهة مُحتَملة مَع إيران بتَحْريضٍ إسرائيليٍّ، وتُريد تَهيئَة قواعَدها سواءً في العِراق أو في مِنطَقة الخليج، وخاصَّةً في قَطر (العيديد) والبَحرين والسعوديّة والإمارات والكويت.

إقليم كردستنان العراق

 أضف إلى ذلك القواعد العسكرية الموجودة في العراق، هناك معسكر “حرير” و”باتاس” يقع تحت سيطرة حزب الديموقراطي الكردستاني، فالحزب الآن في حالة لا يحسد علها إذ يقع تحت الضغط الأمريكي والإيراني، فإذا رضخ الحزب إلى الضغوط الإيرانية فأنه بذلك يخسر الدعم الأمريكي والدعم الإسرائيلي والغربي له، وإذا وقف الحزب إلى جانب واشنطن فإن طهران ستقوم بدعم القوى الكردية المناوئة له لإضعافه، وفي هذا السياق حصل مركز الروابط للدراسات الاستراتيجية على معلومة في غاية الأهمية مفادها بأن هناك طلب قدم لمسعود بارزاني بأن هذا المعسكر يشكل خطر كبير على إقليم كرديستان ولابد من إيجاد مخرج له.

هل تنجح طهران في إغلاق هذا المعسكر أم تنجح واشنطن في الإبقاء عليه؟وتبرز أهمية هذا المعسكر للجانب الأمريكي والمخاوف الإيرانية منه، فيه قوات خاصة وطائرات حربية ومطار، وهو يعد أقرب معسكر أمريكي غربي محاذي للحدود الإيرانية. لذا فإن هذا المعسكر على هذا النحو يقلق طهران كثيرًا لذلك تقبل نهائيًّا أن تشن حربًا عليها وهذا المعسكر تحت إمرة واشنطن.

السؤال الذي يطرح في هذا السياق: هل فعلا المنطقة مقبلة على حرب؟

*إيران

تهدئة في اليمن وانسحاب من سوريا وقريباً من أفغانستان، هو عملية تركيز للجهود باتجاه مقصد واحد… الاستعداد لاشعال نار بمنطقة أوسع لأنها ضرورة أميركية إسرائيلية، تخصّ الداخل الأمريكي واستراتيجية بعيدة المدى لإضعاف الحضور الروسي في الشرق الأوسط بضرب حليفته إيران “محور الشر”.‏يرى البعض أنّ انسحابات القوات الأميركية من الدول المجاورة لإيران دليل ضعف وتراجع، بينما نرى في مركز فيريل أنها إعادة حسابات ومؤشرٌ لخطة جديدة.

‏الولايات المتحدة تقوم بإبعاد قواتها عن ميادين مكشوفة سهلة الاصطياد، لا تتمتعُ بغطاء جوي كامل، ويمكنُ لمجموعات صغيرة اصطياد الجنود الأميركيين بأسلحة متوسطة. كما تغلق قواعد عسكرية صغيرة غير كاملة التجهيزات، لتنضم تلك القوات إلى القواعد الكبيرة كاملة الحماية. لا شك أنّ الحرب في سوريا تسببت بتراجع السيطرة الأميركية على الشرق الأوسط بدخول اللاعب الأساسي الروسي، والتغلغل الإيراني الذي وصل إلى باب المندب… وهذا أمرٌ لا يمكن لصقور واشنطن وحكام تل أبيب التسليم به والسكوت عنه، لهذا لا نرى أنّ الدولة العظمى استسلمت، بل انتقلت لمرحلة جديدة متجددة وهي التصعيد المتدرج بكافة الوسائل.

‏محاصرةُ إيران من الجهات الأربع

‏الأخبار الواردة من جارة إيران الشرقية غير مطمئنة، حركة طالبان اجتمعت بحكومة كابول وكذلك التقت مع المبعوث الأميركي زلماي خليل زاد، برعاية “خليجية”، والحديث تركز حول خروج القوات الأميركية من أفغانستان. الذي يحدث هو تجمّعٌ لآلاف المقاتلين من الحركة قرب الحدود الإيرانية، وإنشاء معسكرات في هلمند وفراه، ويكفي أن نعلم أنّ الحكومة الأفغانية باتت تسيطر على 55% فقط من الأراضي في نهاية 2018 مقابل 73% عام 2015!. باقي الأراضي تسيطر عليها القاعدة وطالبان و… داعش.

‏الخطر ليس فقط من حركة طالبان التي يُقدر مركز فيريل عدد مقاتليها بـ75 ألفاً… الخطر القادم من داعش أيضاً! يتساءلُ كثيرون أين “تبخّرَ” عشراتُ الآلاف من الإرهابيين الذين قاتلوا مع داعش في سوريا والعراق؟ تقديرات مركز فيريل أنّ بين 7 إلى 10 آلاف منهم أصبحوا شرق وغرب أفغانستان.

‏الأمرُ ليس وليد اللحظة، فالكلام جاء على لسان المتحدث باسم تنظيم داعش أبو محمد العدناني، في 26 كانون الثاني 2015، حين أطلق على “دولة الخلافة الإسلامية” في تلك المنطقة اسم “ولاية خراسان” وتضم أفغانستان وباكستان وإيران وبايعوا يومها “أبو بكر البغدادي”… داعش موجودة بقوة في إقليم ننغرهار شرقي أفغانستان وهي تنمو بسرعة بانضمام إرهابيين من شتى الدول، بما في ذلك باكستان المجاورة.

‏الحراك “الشعبي” والمظاهرات في إيران يجب أن تتوسع، لتترافق مع حراك مسلح من داخل وخارج إيران، حيث ستختار التنظيمات التي ذكرناها المناطق ذات التغطية الأمنية الأضعف، في الشمال الشرقي خاصة. في شمال غرب إيران يتم التحرك العسكري في صفوف الأكراد. بينما الحراك الشعبي ستدعمهُ دول الخليج في الأهواز وغيرها. ‏من المُسلّم به أنّ حزب الله يقعُ ضمن مجموعة الأهداف، والتهديدات الإسرائيلية والتصعيد جنوب لبنان بين أخذ ورد، لكن حسابات إسرائيل قاصرة عن الوصول إلى الهدف وعلى عاتقها التصعيد الإعلامي فقط، لأنها أعجز من أن تنتصر على حزب الله لوحدها.
‏انسحاب الجيش الأميركي من سوريا وتخليه عن العميل “الأصغر” قسد، لصالح العميل الكبير في أنقرة، حركة واضحة، بقصد الابتعاد عن الروس، واستخدام النفوذ التركي في دول شمال إيران وجنوب روسيا، أي دول بحر قزوين.

‏بقاءُ محمد بن سلمان لن يكون مجانياً، وعليه دعم الناتو العربي ضد إيران، والتحرّك عسكرياً وإشعال النيران فيها. عقوباتٌ اقتصادية، انسحاب من الاتفاق النووي، اضطرابات داخلية وتحرّك مسلح، محاصرة إيران من كافة الجهات، بانتظار الفرصة المناسبة للانقضاض. هذا هو عنوان المرحلة القادمة وما نراهُ من قراءتنا للأحداث… هل لدى إيران خطة مضادة؟ بالتأكيد. هل يمكنها حماية نفسها؟ طبعاً. فلنراقب ونرى ماذا يحمل لنا عام 2019

وفي المقابل قامت إيران بتفويض وتخويل وفد الجهاد الإسلامي الفلسطيني الذي يزور طهران بإلحاق المليشيات الشيعية العراقية التي تدير فيلق القدس وحزب الله بقيادة العمليات الارهابية المشتركة في قطاع غزة – طبقا لتقارير من مصادر استخبارية وعسكرية أفاد بها الموقع الاستخباري الاسرائيلي (ملفات ديبكا Debka Files) كما تقرر المضي قدماً في تفعيل غرفة العمليات الموسعة فقط في حال نشوب حرب فلسطينية – اسرائيلية على نطاق واسع حول قطاع غزة بمثابة جبهة اسناد ثانية .وان وفد الجهاد الفلسطيني الذي يجري محادثات مع مسؤوليين إيرانيين كبار ، ومنهم المرشد الأعلى آية الله خامنئي ، برئاسة القائد العام زياد رشيد نخالة ومدير قطاع غزة محمد الهندي.

وان قراراتهم هذه قد دفعت رئيس الاستخبارات العسكرية الاسرائيلي (امان) اللواء تمير حايمان Hayman Tamir ، إلى التحذير يوم الاثنين الموافق للحادي والثلاثين من كانون الأول/ديسمبر الماضي ، بأن إيران أصبحت متمكنة وقادرة على شن هجوم على إسرائيل من داخل الأراضي العراقية .
كما أشار نخالة الى القدرة الموسعة للحركات الارهابية المدعومة إيرانياً في مقابلة مع التلفزيون الرسمي الايراني، حيث قال: لم تعد هنالك خطوط حمراء بين ايران وحزب الله ، ومن الآن وصاعدا لاتوجد تحديدات لمجال وعمق التعاون بين حركة الجهاد الاسلامي وايران وحزب الله.ومضى القيادي في حركة الجهاد الفلسطيني بالتفاخر بأنه تم تحسين دقة مجموعة الصواريخ الجديدة التي تم اطلاق خمسمئةٍ وثلاثين صاروخاً منها ضد إسرائيل، خلال وابل واسع من نيران الجهاد وحماس من قطاع غزة يومي الثاني عشر والثالث عشر من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.في إشارةٍ منه إلى صواريخ “عسقلان” القادرة على حمل رؤوسٍ حربيىة بوزن يقدر بين (200-500) كيلو غرام ، وذات مدى يصل الى (10) كيلو مترات . وحددت المصادر العسكرية الاسرائيلية (ملفات ديبكا) هذا السلاح بأنه عبارة عن صاروخ “كراد مُحَسَّن” مزود بنظام تحديد الهدف.

وأخبر المرشد الأعلى آية الله خامنئي زائريه الفلسطينيين بأن وابل النيران الذي استمر لمدة يومين في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي وما تبعه من صدامات، قد برهن بأن قوات الدفاع الإسرائيلية لم تعد قادرة على مواجهة وتحمل ضربات المقاومة الفلسطينية، واضاف منوهاً انه خلال الحربين الماضيين ، طلب النظام الصهيوني عقد هدنة بعد (22) يوما من المواجهة، في مناسبة واحدة، وبعد ثمانية أيام اخرى ، ولكن في المواجهات الاخيرة طلبت إسرائيل وقف اطلاق النار بعد (48) ساعة فقط . كما التقى الوفد الفلسطيني أيضا بمستشار الأمن القومي علي شمخاني، وعقد مؤتمرات سرية مع كبار قادة الحرس الثوري الايراني. ما يُقلِق الإدارة الأمريكيّة حاليًّا هو تَطَوُّر البَرنامَج الصاروخي الباليستيّ الإيرانيّ بشَكلٍ مُتسارعٍ، وإعلان إيران عَن عَزمِها إطلاق مجموعة مِن هَذهِ الصَّواريخ إلى الفَضاء حامِلةً أقمار تَجَسُّس، الأمْر الذي دَفَع بومبيو إلى تَوجيهِ تَحذيرٍ شَديدِ اللَّهْجَة إلى القِيادَة الإيرانيّة بالتَّراجُع عَن هَذهِ الخُطوة التي يَقول أنّها تُشَكِّل انْتِهاكًا لقَرارات مجلس الأمْن الدوليّ.إيران، وبَعد أنْ نجَحَت في تَطوير صِناعَة الصَّواريخ الباليستيّة مِن مُختَلف الأبعاد والأحجام، وألْغَت عَمَليًّا مَفعول التَّفوُّق الجَويّ الأمريكيّ والإسرائيليّ، انتَقَلت إلى تَطوير صِناعاتها العَسكريّة البَحريّة، ابتَداءً مِن تصنيع الغَوّاصات، وانتِهاءً ببِناء مُدمّرات بَحريّة على دَرجةٍ عاليةٍ مِن الكَفاءَة، الأمْر الذي مَكَّنها مِن زعْزَعَة هيْمَنَة حامِلات الطَّائِرات الأمريكيّة في مِنطَقة الخَليج والمُحيط الهندي وباب المَندب بشَكْلٍ أو بآخَر.التحدّي الإيرانيّ البحريّ للولايات المتحدة جاء على لِسان الإدميرال تورج حسني مُساعد قائِد البحريّة الإيراني عندما أعلَن عَن عزم بلاده، وبتَعليماتٍ مِن المُرشد الأعلى السيّد علي خامنئي، إرسال مُدمّرة “سهند” الحامِلَة للمِروحيّات إلى جانِب مُدَمِّرات أُخْرَى إلى غَرب الأطلَسي كرَدٍّ على إرسال الوِلايات المتحدة حامِلة طائِرات إلى مِنطَقة الخَليج.. والمُدمّرة “سنهد” صِناعة مَحليّة يَصْعُب رصْدها مِن قَبَل الرّادارات، ومُجَهَّزَة بصَواريخ أرض جو، وأُخْرَى مُضادّة للطَّائِرات، ومُجَهَّزَة لخَوض أيّ حَربٍ إلكترونيّةٍ مُحتَملةٍ، وبِهذا تُصبِح إيران رابِع قُوّة بَحريّة تُقْدِم على هَذهِ الخُطوة بَعد الاتِّحاد السُّوفيتيّ والصين، وروسيا الاتِّحاديّة (أرسَلَت طائِرات قاذِفَة تَحمِل قنابل نَوويّة إلى فنزويلا قبْل شَهر).القِيادَة العَسكريّة الأمريكيّة تَأخُذ تهديدات إيران على مَحمَل الجَد، فعِندما هدَّدَت نَظيرَتها الإيرانيّة، وعَلى لِسان المُرشَد الأعلى، والجَنرال قاسم سليماني، رئيس فيْلق القُدس في الحَرس الثوريّ، بأنّها ستُغْلِق مَضيق هرمز في حال تَم فرض حظْر أمريكيّ كامِل على صادِراتِها النِّفْطيّة، تَراجَعت إدارة الرئيس ترامب عَن هَذهِ التَّهديدات تحت ذَريعَة إعْطاء ثَمانِي دول إعفاءات، والسَّماح لها بالاستِمرار في استِيراد النِّفط الإيرانيّ، ومِن المُفارَقة أنّ مُعَدَّل الصَّادِرات النفطيّة إلى الهند والصين وتركيا وأوروبا ما زالَ على حالِه ولم يَتَأثَّر.لا نَعرِف تفاصيل المُهمّة التي سيَحمِلها بومبيو إلى دول النّاتو السنّيّ الخَليجيّة والعَربيّة (مِصر والأُردن)، وما هِي الأدوار التي سيُوزّعها على هَذهِ الدول الثَّمانِي، وما إذا كانَت زيارة زميله جون بولتون، مُستشار الأمن القَوميّ لتل ابيب التي بدأت اليوم، مُكَمِّلة لهَذهِ الجَولة، وتَعكِس تَبادُل الأدوار بينهما، فضَم دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى جولة بومبيو ربّما يُشَكِّل حَرَجًا للدول العربيّة الثَّماني التي ستَشْملها، وستَظهر إسرائيل بمَظهر الدولة العُضو في حِلف الناتو العربي المُتبلوِر، خاصَّةً أنّ الرئيس المِصري عبد الفتاح السيسي كشَف في مُقابَلته المُثيرة للجَدل مع محطّة :سي بي إس″ الأمريكيّة أنّ طائِرات إسرائيليّة تتَعاون مع نَظيراتِها المِصريّة وقَصَفَتْ مَواقِع “داعش” في سَيناء.

 والسؤال ما هي الأدوار التي ستقوم بها دول المنطقة في حال نشوب الحرب ؟

*تركيا

سوف لن تكون طرفا” فيها، سيقتصر دورها خلال المعارك أن تتصدى للصواريخ التي ربما ستعبر أجوائها … بدليل منظومات الباتريوت التي سلمت على عجل إلى تركيا … وموافقة أمريكا على صواريخ أس ٤٠٠ الروسية لتركيا ،تركيا ستتصرف كما تصرفت مع الغزو الأمريكي للعراق في آذار/ مارس عام 2003م، ستعلن أنها لن تقدم أي مساعدة لوجستية لأمريكا ، علما” أن أمريكا سوف لن تحتاجها ، كما لم تحتاجها خلال غزوها للعراق ، تواجد تركيا في شرق الفرات، سيكون لتجميع قوى داعش وفتح ممرات آمنة لها للتوجه إلى إيران وأفغانستان، لإكمال الصفحة الأخيرة من مشروع الفوضى الخلاقة ، والبدأ بمشروع تقسيم المنطقة ،العراق سيكون في منأى عن عمليات داعشالقوات الأمريكية ستكون في مواجهة مباشرة مع المليشيات العراقية ، التي ستتشرذم ، بين فصائل في العراق ، وفصائل في سوريا ، إذا سمحت روسيا ، وفصائل في إيران ، إن دعت الضرورة.

إسرائيل

ستتولى مهمة تحييد حزب الله في لبنان بضربة إستباقية ، وإن تطور الأمر ومالت الكفة لإسرائيل سيتم القضاء على حزب الله ، أو سيكون الأمر فقط تثبيت حزب الله في قواعده ومنعه من تقديم أي دعم لإيران ، أو إزعاج قوات الصولة التي ستقوم بمهامها في إيران بريا” أو بحريا” أو جويا”. عن هذه الحرب يرى جنرال اسرائيلي تهديدا محتملا من العراق مع نمو النفوذ الإيراني، ويمكن لإيران ان تستخدم نفوذها المتنامي في العراق ، وتحوله الى منصة وقاعدة للهجوم ضد اسرائيل”  هذا ماقاله رئيس الاستخبارات العسكرية الاسرائيلي يوم الاثنين الماضي .وترى إسرائيل ان نفوذ إيران ينتشر في المنطقة ، ما يشكل تهديدا متزايدا , وقد نفذت العشرات من الغارات الجوية في سوريا التي مزقتها الحرب الأهلية ، ضد عمليات الانتشار المشبوهة ، وتسليم الأسلحة من قبل القوات الإيرانية التي تدعم دمشق.

العراق
الذي ليس له حدود مع اسرائيل , هو من الناحية الفنية عدوها ، وقد شكل آخر تهديد مفتوح في حرب الخليج عام 1991 ، ومنذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة الاميركية عليه عام 2003 ، والذي اسقطت فيه نظام صدام حسين , والمسلمين السنة , فإن إسرائيل ينتابها القلق من الأغلبية الشيعية في العراق ، والذين يميلون باتجاه إيران . العراق هو الآن تحت النفوذ المتنامي لفيلق القدس (وحدة العمليات الخارجية الايرانية السرية) هذا ما أخبر به رئيس الاستخبارات الاسرائيلية “اللواء تامير حايمان” في مؤتمر في تل أبيب .

وقال حيمان: ان الإيرانيين قد يرون في العراق مع قرار الرئيس الاميركي دوناد ترمب سحب قوات بلاده من المنطقة ، مسرحا مناسبا للتخندق والتحصن ، على غرار ما فعلوه في سوريا ، واستخدامه – أي العراق – كمنصة لتكديس القوة والتي يمكن ان تهدد ايضا دولة إسرائيل .وقال رئيس وزراء العراق يوم الأحد الماضي ، ان المسؤولين الامنيين من بغداد قد قابلو الرئيس السورى بشار الأسد في دمشق ، وأشارو ملمحين الى دور عراقي اكبر في محاربة مليشيات تنظيم داعش ، بينما تنسحب القوات الاميركية .ونقلا عن مصادر إيرانية وعراقية وغربية , أفادت تقارير من وكالة رويترز في آب الماضي ، بأن إيران قد قامت بنقل صواريخ باليستية قصيرة المدى الى حلفائها الشيعة في العراق ، وقد انكرت بغداد هذه التكهنات. وأشارت إسرائيل ، انها قد تهاجم مثل هذه المواقع في العراق، مؤكدة أن تركيزها حالياً منصب على سوريا في اطار حملة واسعة فعالة .وتوقع حايمان ، ان عام ألفين وتسعة عشر ، سيشهد “تغييرا كبيرا” في سوريا ، حيث سيكون الأسد قد تمكن من دحر المتمردين الى الخلف بمساعدة روسيا وايران وتعزيزات حزب الله اللبناني ، وتزامنا مع سحب ترمب قواته من سوريا .وأضاف حايمان قائلا “نحن نراقب عن كثب هذا الوجود الإيراني المتنامي مع عودة الاستقرار الى سوريا تحت المظلة الروسية .ان اسرائيل كانت ايضا تراقب السلوك الايراني منذ ان انسحب ترمب من الاتفاقية النووية مع إيران ، والتي أبرمت في آيار عام 2015 ، ومن ثم تم إعادة فرض عقوبات أميركية عليها ، ان هذه الصفقة وضعت قيودا على المشاريع ذات القدرة على صنع القنابل , رغم ان ايران نفت وجود مثل هذه التصاميم ، ويرى كل من ترمب وإسرائيل ان هذه القيود غير كافية .وقال حايمان “نحن نرى بأن إيران ستسعى للبقاء ضمن الصفقة، وسوف تبذل ما في وسعها من اجل إيجاد طرق للالتفاف والتحايل على العقوبات الاميركية. وقد يساعدها في ذلك تعاظم دور هيئة الحشد الشعبي في العراق وقوته تبرز بشكل كبير من خلال سيطرته على مؤسسات الدولة ليصبح قوة اقتصادية وسياسية وعسكرية قادر على انتاج الأسلحة.

 يرى مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية في حال وقوع حرب بين الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها وإيران وحلفائها في الجغرافية الممتدة من أفغانستان إلى شمال أفريقيا، فهذه الحرب ستجر العراق إلى مستنقعها، فالعراق كما هو معروف واقع تحت النفوذ الإيراني، وبهذا النفوذ، سيتحول العراق إلى قاعدة صواريخ إيرانية ضد أهداف للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، وهذا الأمر- إن حدث- فالمنطقة والعراق والإقليم أمام كارثة. لذلك لابد من تجنبها بكل الوسائل الممكنة للحيلولة دون وقوعها. لذلك يتطلب على القيادة العراقية أن تتعامل مع حالة الصراع بين واشنطن وطهران بحكمة وتروي وقوة أيضًا لتجنب هذا المشهد الكارثي. لأن إذا وقعت الحرب بين واشنطن وطهران فإن العراق سيكون مسرحها.