2017/08/30 الساعة 1:20 مساءًفى
د.شهاب المكاحله –
بعد أيام على لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عاد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو والوفد الأمني المرافق له من زيارة سوتشي بروسيا بخفي حُنين إذ ظهرت بوادر خلاف حاد بين تل أبيب وموسكو حول دور إيران في المنطقة خصوصاً بعد أن قال الرئيس بوتين “إن إيران حليفتنا الاستراتيجية”.
واليوم باتت السياسة الإسرائيلية تتخبط خصوصاً بعد أن دخلت مأزقاً سياسياً ودبلوماسياً حاداً مع الأردن لأن عمًان هي مركز مراقبة العمليات العسكرية في سوريا. والمهم هنا هو أن الحكومة الإسرائيلية باتت تفكر بشكل جدي باتخاذ أجراء عسكري أحادي الجانب في سوريا وفق ما يراه عدد من مراكز الأبحاث والدراسات الإسرائيلية.
وترى تلك الدراسات أن العمل العسكري سيكون لقلب المعادلة على الأرض السورية باستهداف القوات الإيرانية القريبة من الحدود الأردنية السورية الإسرائيلية لإجبار الدول الكبرى على الانصياع لإرادة إسرائيل ومصالحها القومية بضمان حدود آمنة. ويرى الجنرال أفرايم سنيه، وهو وزير أمن أسبق، ويعمل حالياً مديراً لمركز أبحاث الدراسات الإستراتجية في نتانيا أنه “ليس من المستبعد أن تضطر إسرائيل للقيام بعملية عسكرية في سوريا” ولكن ذلك سيكون في ظروف سياسية وعسكرية صعبة للغاية.
ويرى سنيه أن الاتفاق الروسي الأميركي بخصوص سوريا، لم يكن في حسبان الحكومة الإسرائيلية وكان على حد وصف صحيفة “إسرائيل اليوم” بمثابة “ضربة استراتيجية لإسرائيل” خصوصاً بعد دعوة روسيا لدول منها إيران والأردن وتركيا وتجاهلها إسرائيل إذ اعتبرت موسكو تلك الدول بمثابة شركاء حقيقيين يعول عليهم. ولم تتلق تل أبيب حسب رأي الصحيفة صفعة من روسيا وحدها في هذا المجال بل كانت الصفعة مزدوجة من واشنطن كذلك إذا أدارت الإدارة الأميركية ظهرها لإسرائيل وتركت الأمور لسيطرة روسيا وشركائها في سوريا وهذا ما غيًر المعادلة على أرض الواقع ما ساهم في تفكير عدد من دول الإقليم في أعادة عقارب الساعة إلى الوراء إلى ما قبل أحداث مارس عام 2011 في علاقات طبيعية مع دمشق.
وخلاصة القول إن لقاء نتنياهو مع بوتين تمخض عن أن روسيا فضلت علاقات استراتيجية مع طهران على علاقاتها بتل أبيب كونها غير مأمونة الجانب وهو ما يشكل تهديداً لمستقبل نتنياهو السياسي الذي سيخوض انتخابات في نوفمبر 2019. وألقت الصحيفة الإسرائيلية باللوم والعتب على نتنياهو بالفشل السياسي الذريع قائلة: “لقد فشل فشلاً ذريعاُ له عواقب وخيمة. لقد كان بإمكان إسرائيل تجنيد الأردن بسبب ذلك الاتفاق الروسي الأميركي الذي قد يعرض مصالح الأردن للخطر مثلنا.” وأضافت صحيفة “إسرائيل اليوم” أننا فقدنا تقرب الأردن منا بسبب سلوك نتنياهو السيء فيما يتعلق بقضية حارس الأمن في عمان”.
وفي ذات المقام، قالت صحيفة (يديعوت أحرونوت) أن هناك خلافاً حاداً إسرائيلياً روسياً بشأن إيران وسوريا بدت ملامحه من خلال عصبية رئيس الحكومة الإسرائيلية في اللقاء المفتوح بين المسؤولين الروس والإسرائيليين. باختصار كان بوتين يقول لنتنياهو: إن إيران شريك استراتيجي نعتد بعلاقتنا معها ولن “ندع مجالاً لأحد بأن يدخل بيننا ليسئ لعلاقتنا الوثيقة مع طهران سواء أكانت في سوريا أم في غيرها”.
وجاءت أقوال الرئيس الروسي كرد على ما تسعى إسرائيل لتشكيله من تكتل اقليمي يهدد مصالح روسيا في المنطقة. وتزامنت زيارة نتنياهو إلى روسيا مع زيارة نائب وزير الخارجية الإيراني إلى بيروت في 22 من الشهر الجاري إذ أجرى محادثات مع قادة حزب الله اللبناني ورئيس الحكومة اللبنانية.
والسؤال المطروح اليوم هو هل ستفعلها تل أبيب وتنفذ تهديداتها بضرب سوريا والقوات الإيرانية في سوريا تمهيداً لتغيير موازين القوى على الأرض؟ كل ذلك ممكن لكن القوات الروسية المرابطة في سورياوزيادة عدد القطع البحرية الروسية في البحر المتوسط كان بمثابة رد على تهديدات نتنياهو بأن يعد للمليون قبل إلإقدام على خطوة مثل هذه قد تجر المنطقة والعالم إلى حرب عالمية ثالثة.
المصدر: Alawalnews