الرئيسية / أخبار / تركيا وإيران وقطر: حلف ثلاثي وسلاح روسي

تركيا وإيران وقطر: حلف ثلاثي وسلاح روسي

تم نشره في الأربعاء 30 آب / أغسطس 2017. 12:00 صباحاً

شهاب المكاحلة – نيويورك

في ظل العديد من الزيارات الإقليمية لروسيا مؤخراً من قبل المسؤولين العسكريين الأتراك والقطريين والإيرانيين لمناقشة شراء أنظمة الدفاع الجوي الروسية بما في ذلك S-400، تستعد الدول الثلاث إلى لعب دور تكاملي لتغيير الجغرافيا السياسية الإقليمية في الشرق الأوسط بتشكيل تحالف ثلاثي يجمع طهران والدوحة وأنقرة.

ففي 25 تموز (يوليو) 2017، صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمام أعضاء حزب العدالة والتنمية الحاكم أن بلاده وقعت اتفاقاً عسكرياً مع موسكو لشراء نظام بطاريات الدفاع الصاروخي من طراز S-400 بكلفة 2.5 مليار دولار كصفقة تشمل عدة بطاريات نظراً لقيام ألمانيا بسحب منظومة بطاريات باتريوت بسبب خلافها السياسي مع أنقرة. ويعتبر نظام S-400 نظاماً متطوراً جداً يستطيع التحكم بالأهداف ذات المستوى العالي أو المتوسط إذ يعمل وفق رادارات متطورة تستطيع الكشف عن الأهداف عن بعد 570 كم. كما يستطيع الكشف عن طائرات الجيل الخامس من مسافة تصل إلى 150 كيلومتراً. وتقوم  منظومة الـS-300 فى عام 2016.

ومع ذلك، ومع تزايد الخلاف القطري الخليجي تعقيداً، سعت إيران وتركيا إلى استثمار الأزمة القطرية لتعزيز نفوذهما الإقليمي، مع ميلهما إلى تبني موقف أقرب إلى الدوحة. ومنذ اندلاع الأزمة، بدأ الإيرانيون والأتراك اجتماعاتهم الواسعة في أنقرة وطهران. وهذا يترك الباب مفتوحاً على مصراعيه أمام إمكانية تغيير التحالفات الإقليمية وتحول أولويات بعض البلدان بما فيها تركيا وإيران من حيث المصالح. وهذا بالطبع لا يستبعد إسرائيل التي تحاول أن تكون موجودة في هذه الأزمة. فقد دخلت تركيا بسرعة في أزمة قطر الخليجية. ففي 7 أيار (مايو) 2017، أصدر البرلمان التركي تشريعاً يسمح بنشر قوات في قاعدة عسكرية تركية في قطر وفقاً لاتفاقية الدفاع المشترك الموقعة بين البلدين في العام 2014.

وعلى الرغم من أن الرئيس التركي انتقد قرار مقاطعة قطر ورفض اتهام الدوحة بتمويل الإرهاب، إلا أنه تجنب في الوقت نفسه انتقاد دول المعسكر الآخر بل قام بزيارة إلى الرياض في الوقت الذي أعلنت فيه الشركات التركية عن استعدادها لإدارة إمدادات الغذاء والمواد التموينية والمياه لقطر.

ويرجع دعم تركيا لقطر إلى المصالح الاقتصادية والسياسية التي تربط الدوحة وأنقرة. فقد فازت الشركات التركية بعقود بلغت قيمتها أكثر من 13 مليار دولار في مشاريع البنية التحتية القطرية المرتبطة بكأس العالم في عام 2022. ويعتقد الأتراك أنه يجب عليهم الاستفادة من الفرص الحالية بدلاً من الانتظار لمستقبل غير معروف. فتركيا تعتبر روسيا حليفاً مذبذباً وغير دائم، لذلك لا تريد أنقرة أن تنصاع لإملاءات موسكو في إمدادات الغاز طالما أن حليفتها قطرعلى استعداد لتزويد تركيا بالغاز بأسعار تفضيلية.

من ناحية أخرى، فإن تدخل الجيش التركي في الأزمة القطرية عبر نشر قوات تركية في قطر قد يزيد من تأثير تركياً عسكرياً بعد تركز قواتها في الصومال، وكردستان العراق، وفي سورية، حتى على الرغم من انتهاء “عملية درع الفرات”.

من ناحية أخرى، فإن علاقات أنقرة مع دول الخليج الأخرى قد تشهد توتراً وفتوراً في الفترة المقبلة. إذ كانت هناك تكهنات بأن الرياض ستنهي أكبر صفقة أسلحة ثنائية مع تركيا بقيمة ملياري دولار، لشراء السفن العسكرية (MILGEM)، وطائرات الهيليكوبتر التركية الصنع (Attack). ومن المتوقع أيضا أن ينخفض الاستثمار السعودي في تركيا على الرغم من أن البلدين حققا تقدماً كبيراً من حيث التبادل التجاري الذي بلغ نحو 20 مليار دولار.

وقد يكون موقف أنقرة بشأن الأزمة القطرية قد ساهم في ظهور نداءات من المواطنين السعوديين لمقاطعة المنتجات التركية على مواقع وشبكات التواصل الاجتماعي. ومع ذلك، فإن العلاقة بين أنقرة ومحور الرياض لن تواجه نهاية مسدودة لأن أي حالة حرب قد تندلع في منطقة الخليج لأي سبب كان فإن ذلك يعني إضعاف المعسكر السني الذي تسعى الرياض  بنشاط لتعزيزه وتقويته في مواجهة إيران.

وبالنسبة لإيران، التزمت على المستوى الرسمي بموقف حذر بشأن الأزمة القطرية، وشددت على حرصها على مواصلة تعزيز العلاقات مع جميع الأطراف، ورفضت التدابير المتخذة ضد قطر. ومع توتر العلاقات بين دول الخليج وقطر، أعلن المسؤولون الإيرانيون رفضهم اتخاذ تدابير عقابية ضد قطر. وقال المستشار السياسى للرئيس الايرانى حامد ابو طالبي “ان عصر العقوبات وإنهاء العلاقات الدبلوماسية وإغلاق الحدود وحصار الدول قد انتهى وأن الطرد من التحالفات والتكتلات ليس وسيلة للخروج من الأزمة”.

وينبع الموقف الإيراني الداعم لقطر من عدة اعتبارات. أولها التعاون المتنوع مع قطر. ففي العام 2016، وقع البلدان اتفاقاً يسمح للقوات الإيرانية بالعمل داخل المياه الإقليمية القطرية كجزء من محاربة التهريب والإرهاب. كما أن هناك تعاوناً أمنياً بين طهران والدوحة ظهر من خلال استغلال نفوذ قطرلدى بعض الجماعات السورية المسلحة. كما لعبت قطر دوراً رئيسيً في المساعدة لإعادة جثث 13 ضابطاً إيرانياً قتلوا في مدينة خان طومان السورية.

ومن الناحية الاقتصادية، توجد منطقة حرة بين الدوحة وطهران في مدينة بوشهر الإيرانية، التي أنشئت بموجب اتفاق العام 2014. وعشية أزمة الخليج مع الدوحة، عرضت إيران على قطر تصدير المنتجات الزراعية والمواد الغذائية من خلال ثلاثة موانئ في جنوب إيران. كما أن العلاقة بين قطر وإيران مرتبطة بحرص طهران على استعادة علاقاتها مع أنقرة التي تشهد نقلة نوعية بين البلدين. فبعد أشهر من التوتر بين تركيا وإيران واتهام أنقرة لطهران بالسعي إلى تقسيم المنطقة على أسس طائفية وعرقية، فإن زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى أنقرة يوم 7 أيار (مايو)، في سياق مناقشة أزمة الخليج، أذابت الجليد وفتحت آفاقاً جديدة مهدت لزيارة رئيسيا هيئة الأركان العسكرية الإيرانية الجنرال محمد باقري إلى تركيا مؤخراً إذ تحدث مع نظيره التركي حول مختلف الملفات الإقليمية بما في ذلك العلاقات المتوترة بين قطر ودول الخليج. ففي الآونة الأخيرة زاد التعاون بين ايران وتركيا مع روسيا التي اصبحت لاعباً رئيساً في الشرق الأوسط بعد تراجع النفوذ الأميركي بسبب العديد من القضايا الداخلية في الإدارة الأميركية وتركيزها على مناطق المحيط الباسيفيكي.

 المصدر: Al-Ghad