الرئيسية / أخبار / هل الحرب العالمية الثالثة على الأبواب؟

هل الحرب العالمية الثالثة على الأبواب؟

شهاب المكاحله – نيويورك

بعد  التهديد الكوري الشمالي والوعيد الأميركي بالضربة المدوية ضد كوريا الشمالية يرى بعض الخبراء العسكريين والمحللين الاستراتيجيين أن اية ضربة قد تشعل نار حرب في منطقة الباسيفيك (المحيط الهادئ) ليشترك فيها أكثر من لاعب منهم روسيا والصين واليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأميركية ما ينعكس على كثير من الدول.  لذلك باتت دول مثل الصين وروسيا تدرس المخاطر المحتملة المرتبطة بإمكانية ضربة استباقية أميركية ضد كوريا الشمالية لمنع بيونج يانج من تهديد جيرانها.

ولعل الضربات التي وجهها سلاح الجور الأميركي باسقاط القنبلة التي تسمى اصطلاحاً” أم القنابل” على موقع لـ”داعش” في أفغانستان استهدف أنفاقاً للتنظيم تُعد إشارة مباشرة لزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ بأنه إذا ما تمادى في تهديداته لوشنطن فإن عقابه وخيم. منذ بداية ها الشهر، قام مجلس الأمن القومي الأميركي بوضع اللمسات الأخيرة على مراجعة السياسة الخاصة بكوريا الشمالية. وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” قد نشرت في عددها الصادر في مارس 2017 أن نائب مستشار الأمن القومي  كاتلين ترويا مكفارلاند، قامت بتقديم نصائح وتوصيات فيما يتعلق بالرد على التهديدات الكورية الشمالية للولايات المتحدة الأميركية.

ولكن السؤال المهم هو هل سيكون هناك رد لإيراني في حال قصفت القوات الأميركية بيونج جانج؟

ففي سياق التغير الكبير في مواقف واشنطن المتعلقة بالسياسة الخارجية ، قصف الطيران الأميركي مواقع  “داعش” في أفغانستان بأمر من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعد أيام قليلة من الضربة الصاروخية على مطار الشعيرات العسكري في سوريا، تزامناً مع تحركات عسكرية أميركية قرب كوريا الشمالية وتبادل للاتهامات مع روسيا.

ويبدو أن الولايات المتحدة تغير من نهجها تجاه القضايا الدولية على عكس الإدارة السابقة. فقد أظهرت بعض التقارير الإعلامية الغربية عزم القوات الأميركية القيام بضربات عسكرية وقائية ضد بوينج يانج في حال تأكد واشنطن من أن كوريا الشمالية لديها أسلحة نووية وهذا ماقاله ترامب في لقاء يوم الخميس 13 أبريل 2017 رداً على أسئلة الصحفيين:  “كوريا الشمالية مشكلة سيتم التعامل معها”.

وفي هذا السياق، توجهت حاملة الطائرات كارل فينسون برفقة سفن وقطع حربية أميركية أخرى إلى المياه القريبة من كوريا الشمالية في إشارة على ما يبدو لزعيم كوريا الشمالية بوقف طمووحاتها النووية ووقف أية أنشطة قد تؤثر سلباً على جيرانه.

إلى ذلك، نشرت صحيفة الـ”هفنجتون بوست” على لسان الناطق باسم القيادة الأميركية في المحيط الهادىء ديف بينام أن البحرية الأميركية في طريقهما إلى شبه الجزيرة الكورية. وأشار بينام إلى أن  التهديد النووي الكوري الشمالي لا يشكل خطراً على واشنطن فحسب بل على العالم أجمع. وكان بينام قد أوضح أن هذا الاجراء احترازي في حال قيام الرئيس الكوري الشمالي بإعطاء أوامره بضرب القوات أو الأراضي الأميركية لأن كوريا الشمالية لا تزال تشكل “التهديد الأول في المنطقة بسبب برنامجها الصاروخي غير المسؤول والمزعزع للاستقرار والمتهور وسعيها الدؤوب لامتلاك أسلحة نووية”.

ومن جهة أخرى كان وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون قد حذر في 14 أبريل 2017 أن واشنطن مستعدة للتحرك وحدها ضد كوريا الشمالية إذا لزم الأمر في حال فشل الصين في التنسيق مع الولايات المتحدة لاحتواء الازمة. ونظرا لارتباط إيران بكوريا الشمالية في عدة محالات منها التعاون العسكري فهنا لا بد لنا من معرفة طبيعة العلاقة بين الدولتين لمعرفة كيف يمكن أن تتصرف القوات الأميركية في المحيط الهادئ وفي الخليج العربي لأن طهران حليف قوي لبيونج يانج بدءاً من منظمة “تعاون شنجهاي” حيث بنت طهران وبيونج يانج تعاوناً استراتيجيا منذ الأيام الأولى لقيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية إذ كانت طهران تسعى من هذا التعاون الحصول على التكنولوجيا العسكرية للإبقاء على طموحاتها الإقليمية في مقابل الحصول على النفط الإيراني بأسعار مخفضة لدعم برامجها العسكرية. فقد بدأ التعاون بين البلدين فيما يتعلق بسلسلة صواريخ نودونج وتايبودونج الكورية الشمالية إذ قامت إيران بتطويرها لتصبح (شهاب 1و شهاب 2 وشهاب 3) وهي نواة الترسانة الصاروخية الإيرانية. ولكن الأمر لا يتعلق فقط بالحلف الكوري الشمالي – الإيراني بل بالورقة الصينية إذ أن كلا الدولتين (إيران وكوريا الشمالية) هما من حلف بيجينج وكلاهما تعتبران الصين بمثابة الأخ الأكبر الذي يكنان له كل الاحترام والتقدير ما يعني أن الصين صار بامكانها التحكم في منطقة الباسيفيك ومنطقة الخليج العربي نظراً لقوة هذا الحلف السياسي والاقتصادي والعسكري.

واليوم يبدو أن الولايات المتحدة تريد خلط الأوراق والتحالفات في منطقة الشرق الأوسط والباسيفيك ما يعني إعادة تموضع عدد من الدول في محور كوريا الشمالية وإيران والصين وروسيا ومحور آخر هو محور الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان والناتو.

فهل سيشكل هذا نواه حرب عالمية من نوع جديد ام أننا سنشهد حربا من الجيل الرابع؟

لعل تصريحات سفير كوريا الشمالية في موسكو كيم هيون جونغ قبل أيام أن الإدارة الأميركية تمارس الضغط على بلاده،وأن بيونج يانج جاهزة للرد على أي تحد أميركي يعد أمراً لافتاً للانتباه وفق ما قاله مركز (جيوستراتيجيك ميديا) الذي تحدث عن ضربة وقائية فجائية شاملة تخرج الشعب الكوري الشمالي عن صمته وتحرره من القمع الذي مورس بحقه أعواماً طويلة للإطاحة بنظام دكتاتوري عسكري حكم البلاد والعباد بالحديد والنار.

ونظرا لم شهدته الفترة الماضية من حالة عدم استقرار في العلاقات التجارية بين واشنطن وبيجينج ترى الولايات المتحدة أن كوريا الشمالية هي الإبنة الصغرى للصين والتي يمكن من خلالها الضغط على الصين أكثر تجارياً واقتصادياُ للحصول منها على تنازلات اقتصادية لواشنطن، وفق مركز (جيوستراتيجيك ميديا).

وأضاف المركز هناك تراكماً في العجز التجاري الأميركي في السلع والخدمات مع بكين وصل إلى حوالي 4 تريليون دولار. فعلاقة واشنطن وبيونج يانج باتت اليوم على صفيح ساخن أكثر من قبل وباتت الحرب وشيكة ولكن قد تطال دولا عدة منها إيران التي لن تتوانى عن الرد على أية ضربة عسكرية على كوريا الشمالية لأنها تعلم أن الدور القادم بعد بيونج يانج هو طهران إيماناً منها بقصة “ألا إنني أكلت مثلما أكل الثور الأبيض”.