المهندس سليم البطاينه
يقول هنري الرابع ملك فرنسا 1553 – 1610: فُجور السياسة يبدأ عند تقديم الرذيلة مقابل الفضيل!
لا أستطيع التفكير في بعض القضايا دون انفعال،، ورغم أنني حاولت ان أغمض عيني وأنسى ما شاهدته من مشاهد في وسائل التواصل الاجتماعي لا يحكمها عقل ولا واقع!
فـ عندما تكون المنظومة السياسية محكومة وفق رؤية المغانم والبحث عن النجومية! لا يمكن التعويل عليها بأنها تمتلك مشروعاً لبناء البلد ونهضته.
رغم ان المشهد يحمل الكثير من الكوميديا السوداء! ويستدعي الكثير من الاسئلة، لكن يجب ان نضحك من اللامعقول! فالطبل جزءٌ من دلالات التشويش يرفض ان يكبر لأنه فارغ! والذي حدث هو فيلم سينمائي سيء الإخراج والسيناريو! وانموذجاً لخطاب سياسي مأزوم يعبر عن محاولة اختزال الوطن والدولة والملك لمجموعة معينة فقط دون غيرها! سيعود دون أدنى شك بمزيد من التصدع وتمزيق الأردن والزجُّ به نحو المجهول!
تلك هي العلة اليوم في الاردن؛ من يحس بالمصاب لا يملك منعه! ومن لا يملك منعه لا يحس بالنصاب (هذه جملة بليغة مقتبسة من رواية أرض النفاق للكاتب العربي المصري يوسف السباعي).
المكان هنا ليس للحديث عن الأسباب التي أوصلت الأمور الى ما نحن به الآن! بقدر كيفية التحوُّط من أيّة فصول قادمة مزعجة! والمسألة إن عدّها البعض سهلة، لكنها ليست كذلك: بل هي سابقة في التاريخ السياسي الأردني! فالحديث عن حل حزب سياسي وتوريث مقاعده هي وصفات خراب وتهديد للاستقرار … واعتبار الآخر شيطاناً أيضاً يعني اننا اغلقنا الباب في وجه كل حوار بيننا وبينه، وقطعنا كل سبل التواصل معه.
نقول هذا من اجل كبح جماح الموتورين وإيقاف العبث والفتنة الحاصلة حالياً على الساحة الاردنية ! فـ مُفترق الطرق في المفهوم السياسي: هو منطقة خطيرة لا تحتمل الخطأ او العناد، أو المراهنةً !
بالتأكيد… لا أحد فوق القانون، ولا يوجد من هو خارج دائرة الولاء المطلق للأردن وللملك والجيش والأجهزة الأمنية، وهذا لا يحتاج الى خطابات لإثبات ذلك، فـ الولاء كما وصفه رئيس الوزراء السابق عبد الرؤوف الروابدة ليس خطبة ولا بيت شعر، ولا لساناً طويلاً.
أكبر مشاكلنا الكبرى في الأردن تتمثل بطبيعة النخب المُتورّمة المزوّرة وثقافتها وخطابها وسلوكها! وما يعانونه من فقر وشُح في إنتاجهم الفكري فيما يخص قدراتهم !
أخشى ان نكون على شفا لحظة حرجة في معركة مع شيطان الكراهية! فـ كلما ظهرت في الأفق الأردني مشكلة جديدة، أو مفعول من مفاعيل تراكمات قديمة، يتبادر إلى ذهني أسئلة عديدة: لماذا؟ ولمصلحة من؟
ما أحوجنا هذه الأيام الى الرؤية والهدوء وحكمة العقلاء! فـ حوار العقل واحتواء الجميع هو الدواء الذي يشفي الكل بعيد عن الهزات الانفعالية.
اليوم فهمت كيف تتسلل إلى قلوبنا المشاعر اليائسة التي يفوح منها رائحة الوجع والغضب الناتجة عن التفاهة! ومن لا يفصح عن ما في داخلة فإنه بلا شك يضمرها في داخله.
كاتب اردني