فى: 2017/09/16 الساعة 10:34 صباحًا
د.شهاب المكاحله –
حديث جلالة الملك عبدالله الثاني للاردنيين يعيدنا إلى فترة 1989-1991 إذ يريد جلالته أن يقول للجميع أن عصر الاعتماد على الغير لانقاذنا قد ولى بلا رجعة وأنه لا بد لنا من تدارك ما فاتنا من أجل النهوض بالمجتمع معتمدين على قدراتنا الذاتية.
لعل المتابع لمقابلة جلالته مع وكالة الأنباء الأردنية (بترا) قبل أيام يرى أن همه تركز على الجانب الاقتصادي ثم الأمني والإقليمي. فالاقتصاديون يعلمون أن الأردن يعاني من نسبة مديونية عالية وتضخم. لقد زاد الدين العام منذ “الربيع العربي” ووصل إلى 91 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي (GDP) من أصل 39 مليار دولار قيمة الناتج المحلي وهي نسبة تذكرنا بما كانت عليه الأوضاع في عام 1991 إذ وصلت نسبة الدين إلى 93 في المائة. واليوم وصل الدين العام إلى حدود خطيرة 26 مليار دولار وفق بيانات عام 2016 كما أن التضخم وصل إلى حدود -1% مع عحجز تجاري وصل إلى 10 مليار دولار. والأخطر من ذلك كله هو أن نسبة الفقر قد وصلت حسب البيانات الرسمية إلى حدود 14%.
ويشار هنا إلى أن الأردن قد تلقى مساعدات خارجية وصلت في العام 2017 إلى 1.47 مليار دولار. وعندما تكون 65 في المائة من الدين العام بالدينار الأردني ومحلية مع تلقي أصحاب تلك المبالغ فوائد عليها فإننا نرى أن الاقتصاد الأردني مبني على أفراد لا هيئات اي أن من يتحكم بالوضع العام هم أفراد. ما يطمئن الوضع العام هو أن احتياطي العملات الأجنبية وصل إلى 12.5 مليار دينار وهو مؤشر إيجابي على الوضع الاقتصادي في المملكة.
ويمكن القول إن المشكلات الاقتصادية في دول الخليج قد فاقمتمن المشكلات الاقتصادية في الأردن ناهيك بتراجع كبير في المساعدات الخارجية والاستثمار والأموال التي تصل من الخارج (إذ تشكل تلك15-18 في المائة من الناتج المحلي الخام). ولما كان الاقتصاد الأردني يعتمد في نموه على المساعدات الخارجية التي باتت محدودة في الوقت الحالي، فإن الحل يكمن في الاعتماد على ما لدينا والإسراع في سرعة دوران النقد وعدم تكديسه لدى البنوك للتسريع في عملية التطوير والنمو الحقيقي بدل الاعتماد على الخارج وانتظار وعود “عرقوب” لأن الحال اليوم سيسحق ما تبقى من طبقة وسطة في المملكة ما لم يتم التنبه لذلك مع الاهتمام بكل المحافظات وليست عمان وحدها لأن الأردنيين انتصروا على عاصفة “الربيع العربي” وشعروا بنشوة النصر تلك ومن حقهم أن تكون حقوقهم محمية.
فعلى الحكومة الرشيدة استثمار الاحتياطي من العملات الأجنبية في عمل مشاريع انتاجية حقيقية تخلق فرص عمل متجددة تحاكي السوق الإقليمية خصوصاً في العراق وسوريا اللتين سيتوعب سوقيهما الكثير من المنتجات السلعية الأردنية التي ستستخدم في إعادة إعمار كل منهما. كما ينبغي على القطاع الخاص الأردني القيام بإجراء اتصالات مع الشركات في كل من العراق وسوريا من أجل الترتيب لمرحلة ما بعد القضاء على الإرهاب في كم منهما.
لا يريد الاردنيون برامج إصلاحية قاسية تفرغ ما تبقى في جيوبهم، إن بقي فيها شيء، وتثري جيوب غيرهم ممن أثروا على حساب المواطنين الذين لا حول لهم ولا قوة ولا واسطة. كما يجب أن يفعل مبدأ من أين لك هذا ولا أن يفعل على أناس يتلقون مساعدات وحوالات من ذويهم في الخارج ممن اغتربوا وفقدوا أحلى لحظات حياتهم مع من أحبوا فباتوا أغراباً في مساكنهم اليوم وفي أوطانهم.
تبدو تلك هي المكاشفة الأولى للملك للشعب الأردني بأنه على الأردنيين الاعتماد على قدراتهم ومقدراتهم من أجل بناء اقتصادهم وفي ذلك إشارة إلى أنه سيدعم الحكومة للنهوض بالمجتمع والاقتصاد نحو الأفضل.
المصدر: Alawalnews