شهاب المكاحله– نيويورك
أثارت ردة الفعل الرسمية الأردنية والتصريحات التي أطلقها رئيس هيئة الأركان المشتركة الفريق الركن محمود فريحات يوم 1 يونيو 2017 حفيظة العديد من المحللين السياسيين والعسكريين في العديد من وساءل الإعلام الأجنبية والتي أكد فيها عدم نية الجيش الأردني الدخول إلى الأراضي السورية أو التواجد فيها. فكانت تلك التصريحات بمثابة نفي لكل ما تم نشره مسبقاً من أن الأردن سيكون رأس حربة في الدخول إلى جنوب سوريا عبر درعا وخصوصاً في المناطق التي تخضع لسيطرة التنظيمات الإرهابية ومنها داعش والقاعدة وشقيقاتها.
فحسب تقرير لمركز “جيوستاتيجيك ميديا” بدا واضحاً وعلى لسان رئيس هيئة الأركان المشتركة أن الأردن لا نية لديه في الدفع إلى حل عسكري في سوريا وأنه يسعى إلى إبعاد النار عن حدوده الشمالية التي باتت تحت مرمى نيران الجيش السوري والتنظيمات الإرهابية وأن الممكلة تسعى إلى إيجاد تسوية سياسية للخروج من مأزق الصراع الذي بات يشكل استنزافاً ليس لسوريا فقط بل لدول الجوار السوري ومنها الأردن التي باتت تعاني من تدفق اللاجئين إليها.
وأضاف المركز أن المؤشرات الأولية تشير إلى أن تدريبات “الأسد المتاهب” والتي اختتمت بحضور ٧٢٠٠ عسكرياً من ٢٢ دولة بمشاركة القوات الخاصة الأردنية. والمهم هنا أن هذه التدريبات مع عدد من الدول الحليفة والصديقة للأردن ليست سوى تدريبات دورية وروتينية. وأشار المركز إلى وجود ضباط من الاستخبارات الأميركية والبريطانية والفرنسية في جنوب سوريا قرب قاعدة التنف التي تقع بالقرب من الحدود الأردنية السورية العراقية.
من جانبه علًق موقع “بوليتيكو” على تصريحات المسؤولين الأردنيين من عدم التدخل بالقول: يبدو أن الأردن بات يدرك أن تواجد الإرهابيين على حدوده بات كابوساً يهدد أمنه وخصوصاً أن الأردن يعمل بالتنسيق أمنياً واستخباراتياً مع كل من روسيا والولايات المتحدة الأميركية ضمن مبدأ الحرص على أمن واستقرار المملكة من اية تداعيات للأزمة والصراع في سوريا.
وأشارت إلى اجتماعات عقدت مؤخراً بين مسؤولين أمنيين أردنيين وروس وأميركيين في الأردن بهذا الخصوص. ويبدو أن تلك الاجتماعات تسير وفق وتيرة الضربات الجوية والصاروخية ضد تنظيم داعش خصوصاً عقب شن القوات الروسية ضربات بصواريخ كاليبر من على متن بوارجها في البحر الأبيض المتوسط.
ويبدو أن تلك التصريحات لم تأت من فراغ خصوصاً في ظل تحشيدات عسكرية كبيرة للجيش السوري بالقرب من الحدود الأردنية تمهيداً للحسم في درعا وفق معلومات تشير إلى وصول أكثر من 10000 من أفراد الجيش السوري إلى تلك المنطقة وهذا ما يشكل السبب الرئيسي لتخوف الأردن من تقهقر العناصر الإرهابية عبر الحدود السورية وهو ما قاله أكثر من مرة المسؤولون الأردنيون من أن الأردن يخشى من تلك التداعيات وأثرها على حدوده مع سوريا لأن البلدين يشتركان بحدود طولها395 كلم.
ووفقاُ لموقع “المونيتور”الأميركي فإن هناك محادثات روسية أردنية أميركية للتنسيق الأمني والاستخباراتي في الكثير من الأمور عند الحدود الجنوبية لسوريا والتي تشكل تحدياً كبيراً للجيش الأردني الذي بات يضع أكثر من 50% من قواته لحماية حدوده مع العراق وسوريا إذ احتضن الأردن جولة أولى من المحادثات الأميركية الروسية لإقامة منطقة آمنة في الجنوب السوري، المحادد للمملكة.
ففي الأيام الأخيرة شهدت الساحتان السورية والعراقية تطورات عديدة ميدانياً وعسكرياً واستراتيجياً متمثلة في إعادة تموضع للجيش السوري في مدينة درعا وذلك بهدف منع تشكيل اقليم حوران الذي تم الإعلان عنه عبر وسائل إعلام عديدة ويشمل هذا الإقليم: محافظة درعا والسويداء والقنيطرة.
ووفقاً لمصادر أردنية فإن الأردن يسعى من خلال احتضانه لتلك المباحثات مع كل الأطراف الدولية والاقليمية الفاعلة للوصول إلى مرحلة وقف إطلاق النار في سوريا، لأن في ذلك مصلحة أردنية. ومن المتوقع أن تعقد قريباً في عمان جولة محاثات جديدة بين الجانبين الروسي والأميركي حول إقامة مناطقة آمنة في سوريا إذ ستركز على مساحات المناطقة الآمنة والمجالس المحلية والمساعدات الانسانية ما يضع النقاط على الحروف حول آلية عمل تلك المناطق وسبل التسوية للأزمة السورية.
وعلى الصعيد العملياتي، فعلى ما يبدو فإن التركيز الذي يخطط له الجيش الروسي والسوري على الجبهة الجنوبية يعود إلى تعرض وحدات الجيش السوري المتمركزة في درعا جنوباً لهجمات يومية بعد سيطرة “جبهة النصرة” على أجزاء من حي المنشية في المدينة.
ومن المتوقع أن تشهد الفترى القادمة احتدام المعارك في الجنوب السوري الذي عزز تواجده هناك بنصب صواريخ “جولان” لضرب مواقع الإرهابيين في تلك المناطق بنقل تعزيزات كبيرة بغطاء جوي روسي.