ربا شاهين
تشهد الضفة الغربية تصاعدًا غير مسبوق في التوترات العسكرية والسياسية، حيث أصبحت هذه المنطقة الحيوية ساحة مواجهة بين المصالح الإسرائيلية والإيرانية. في ظل هذا التصاعد، تبدو الضفة الغربية وكأنها واقعة بين المطرقة الإسرائيلية التي تسعى لتعزيز قبضتها على الأراضي الفلسطينية، والسندان الإيراني الذي يدعم المقاومة الفلسطينية لتعزيز نفوذه الإقليمي. هذا الصراع المتشابك يزيد من تعقيد الوضع، ويهدد بمزيد من التصعيد الذي قد ينعكس سلبًا على المنطقة بأكملها.
الضغوط الإسرائيلية: تكثيف العمليات العسكرية والاستيطانية
في السنوات الأخيرة، شهدت الضفة الغربية زيادة ملحوظة في العمليات العسكرية الإسرائيلية، بما في ذلك الهجمات على المدن والمخيمات الفلسطينية. تبرر الحكومة الإسرائيلية هذه العمليات بحماية أمنها القومي، لكن الواقع يشير إلى أن هذه الإجراءات تأتي ضمن استراتيجية أوسع تهدف إلى تحقيق أهداف جيوسياسية قديمة.
من بين هذه الأهداف، يمكن القول إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسعى لتحقيق رؤية مستوحاة من خطة ألون، التي اقترحت ضم أجزاء من الضفة الغربية، وخاصة غور الأردن، إلى إسرائيل. هذه السياسة تتجلى بوضوح في التوسع الاستيطاني وزيادة التواجد العسكري في المناطق الاستراتيجية. هذه الخطوات تضع الفلسطينيين في موقف حرج، حيث تواجه المدن والمخيمات الفلسطينية ضغوطاً متزايدة تهدف إلى تقويض المقاومة الفلسطينية وزيادة السيطرة الإسرائيلية على الأرض.
الدور الإيراني: دعم المقاومة وتعزيز النفوذ
في مقابل هذه الضغوط، نجد أن إيران تسعى لاستغلال هذا الوضع لتعزيز نفوذها في المنطقة من خلال دعم المقاومة الفلسطينية. عبر تقديم الدعم المالي والعسكري للفصائل الفلسطينية، تعمل إيران على تقوية جبهتها في مواجهة إسرائيل، مستغلة بذلك حالة الغضب والإحباط المتزايدين في الشارع الفلسطيني. إيران ترى في دعم المقاومة الفلسطينية فرصة لتعزيز موقعها في الصراع الإقليمي ضد إسرائيل وحلفائها.
ومع تزايد الضغط الإسرائيلي، تجد الفصائل الفلسطينية نفسها في حاجة متزايدة للدعم الخارجي، وهو ما تستغله إيران لتعميق تواجدها في القضية الفلسطينية. هذا الدعم يأتي ضمن استراتيجية إيرانية أوسع تهدف إلى تقوية المحور المناهض لإسرائيل في المنطقة، مما يضع الضفة الغربية في قلب هذا الصراع.
تداعيات الصراع على الشعب الفلسطيني
لا شك أن هذا الصراع المتشابك بين إسرائيل وإيران يترك آثارًا كارثية على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية. مع تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية، يعاني الفلسطينيون من تدمير منازلهم، وتشريد عائلاتهم، وتعطيل حياتهم اليومية. وفي الوقت نفسه، فإن الدعم الإيراني للمقاومة الفلسطينية يسهم في إطالة أمد الصراع، مما يزيد من معاناة الفلسطينيين.
الضفة الغربية باتت عالقة بين مطرقة إسرائيلية تسعى لتعزيز السيطرة على الأرض، وسندان إيراني يستخدم المقاومة الفلسطينية كأداة لتحقيق أهدافه الإقليمية. هذا الوضع يفاقم من الأزمة الإنسانية ويزيد من حدة الانقسام السياسي، مما يجعل الحلول السلمية بعيدة المنال.
خاتمة
في ضوء التصعيد الحالي، تظل الضفة الغربية ساحة مفتوحة للصراع بين القوى الإقليمية. وبينما تسعى إسرائيل لتكريس سيطرتها على الأرض من خلال العمليات العسكرية والتوسع الاستيطاني، تستغل إيران هذا الوضع لتعزيز نفوذها الإقليمي من خلال دعم المقاومة الفلسطينية. هذه المواجهة المستمرة لا تؤدي إلا إلى مزيد من التوتر والعنف، مما يضع الشعب الفلسطيني في مواجهة مستقبل غامض ومليء بالتحديات.