الرئيسية / أخبار / حكومة نتنياهو إلى الحرب در على الجبهة الشمالية

حكومة نتنياهو إلى الحرب در على الجبهة الشمالية

ذكرت صحيفة “يسرائيل هيوم” الاثنين السابع عشر من يونيو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أبلغ الكابينت بإلغاء مجلس الحرب بعد انسحاب بيني غانتس وغادي آيزنكوب.

وأشارت إلى أنه “بعد طلب” وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير الانضمام إلى مجلس الحرب، أبلغ نتنياهو الوزراء بهذا الأمر وقال لهم “مجلس الحرب ألغي”.

عنوان للحرب، يجب التوقف عنده مع مواصلة الجيش الإسرائيلي قصفه البلدات الجنوبية على وقع الزيارة التي قام بها المبعوث الأميركي آموس هوكشتين إلى إسرائيل ولبنان الاثنين والثلاثاء السابع عشر والثامن عشر من يونيو الماضي، للبحث في وضع غزة والجبهة الجنوبية.

وأفاد إعلام إسرائيلي بأن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أوصى هوكشتين بأن “ينقل رسالة واحدة لرئيس وزراء لبنان، إما عودة حزب الله إلى ما وراء الليطاني الآن أو الحرب”، فهل الحرب على الجبهة الشمالية باتت قاب قوسين؟

الأبرز في رسالة نتنياهو تبقى المهلة التي حدّدها ولخّصها بعبارة “الآن” في دلالة واضحة على أن الأمور على الجبهة الشمالية مع لبنان باتت مقلقة، وعليه العمل سريعا على إنقاذ حكومته من التصدّع الذي تعانيه نتيجة الاستقالات فيها، وبسبب المظاهرات الإسرائيلية الضاغطة والتي تصبّ في خانة إسقاطها في الشارع إن تعذّر ذلك دستوريا، إذ دعا رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق إيهود باراك إلى شلّ مرافق الدولة من أجل إنهاء حرب غزة وإسقاط حكومة نتنياهو.

عودة حزب الله “الآن” إلى ما بعد الليطاني، على ما يبدو طلب من المستحيل تحقيقه، لأن الحزب يشكّل المكوّن الأساسي لأهل الجنوب في لبنان، فهو الطبيب والمحامي والعامل، وإن الذين يسقطون في ميدان المعركة ويشيّعون هم من أبناء هذه القرى الجنوبية. فقد يكون نتنياهو يعمل بحسب المثل الشائع “من لا يريد تزويج ابنته يرفع مهرها”، فهو يقود حكومة متشدّدة من اليمين المتطرف لا تتوانى عن دعوته إلى فتح جبهة الشمال والحرب الأكيدة مع حزب الله.

إن حتمية الحرب تبقى قائمة على هذه الجبهة بسبب الصداع الذي يشكّله تنامي قدرات الحزب عسكريا. فبالنسبة إلى إسرائيل لا خيارات متاحة أمامها سوى حرب توسيعية مع الحزب، لأسباب منها ما يتعلق بلمس إسرائيل مدى فعالية الحزب في الحرب بعد ثمانية أشهر من القتال نسبة إلى الأضرار الكبيرة التي أحدثها. كما وتدرك حكومة نتنياهو أيضا مدى جهوزية الحزب المرتفعة لحرب استنزاف، لاسيما وأنه بات يمتلك الأسلحة المتطورة، لاسيما منظومته الدفاعية الجوية التي أسقطت سربا من أحدث طائراته المسيرة، والتي كادت صواريخها أن تطال طائرات أف – 16، وهنا قد تبدأ المعادلة بالتغيير لصالح الحزب ومحوره.

لا يتوقف الأمر عند السلاح الإيراني الذي يحارب به الحزب، بل ما يتوجّس منه نتنياهو هو ما أكّده وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في التاسع من يونيو الماضي لوكالة سبوتنيك الروسية، من أن “الغرب تلقى إشارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن احتمال تسليم أسلحة روسية إلى دول وجماعات في العالم لمحاربة الغرب”. تأكيد لافروف يشكّل تحديا عند حكومة نتنياهو، إذ سيسمح للحزب بامتلاك أسلحة متطورة ذات قدرة تدميرية، ما يسمح بكسر معادلة “التفوق الإسرائيلي في المنطقة”.

صداع يعاني منه الحزب على الجبهة الشمالية، لا يقلّ خطورة عن حالة التصدّع التي أصابت حكومة نتنياهو بعد انسحاب بيني غانتس منها. فهي التي باتت تعاني من ضغط المظاهرات في الشارع نتيجة اتهامه من قبل الأهالي برفضه لأي تسوية تُطرح.

تعيش إسرائيل منذ السابع من أكتوبر على وقع مطالبات أهالي الرهائن بإطلاق سراحهم تحت أي تسوية أتت، إضافة إلى شارع آخر معارض لسياسة نتنياهو ويتّهمه بأنه سبب تراجع هيبة الدولة الإسرائيلية أمام حركة حماس وحزب الله.

التصدّع في الشارع الإسرائيلي انتقل من داخل الحكومة إلى العلاقة المتوترة مع الجيش، إذ هاجم نتنياهو الأحد السادس عشر من يوينيو الماضي القيادة العسكرية للجيش الإسرائيلي بعد أن أعلنت عن “هدنة تكتيكية” في مدينة رفح بقطاع غزة دون التنسيق معه حسب قوله، وأكّد أن هذه الهدنة “غير مقبولة”، وأنه “سمع عنها عبر الإعلام”. وأضاف نتنياهو أن “إسرائيل دولة لديها جيش، وليس جيش لديه دولة”، وأكّد أن هناك من يريد تغيير أهداف الحرب على قطاع غزة، على غرار الوزيرين المستقيلين، اللذين يريدان قرارات انهزامية.

تصدّع في الداخل وصداع على الجبهة الشمالية، حيث حرب الإسناد المستمرة التي بدأها حزب الله، رغم رفع سقف التهديدات من جانب المسؤولين في إسرائيل بحرب شاملة في هذه الجبهة. فحرب الجبهة الشمالية تشهد المزيد من التوتر، حيث كسرت قواعد الاشتباك، وباتت تهدّد بالانزلاق نحو الحرب الشاملة إذ لا حظوظ لفرص نجاح أي تسوية حتى ولو كانت الإملاءات أميركية.

تشعل إسرائيل حرب الشرق الأوسط بالتوازي مع الحرب الدائرة في شرق أوكرانيا، فالأمور لن تقف عند ما يريده نتنياهو ولا عند حرب الإسناد، بل على ما يبدو مرتبطة بحرب الانقسامات الدولية، حيث الإيراني جزء منها. فهو إلى جانب روسيا والصين يمثّل المحور الذي يهدف إلى تغيير النظام العالمي القائم، وجعله متعدّد الأقطاب حيث يجعل من حضورهم فعالا.

عالم يرسم المتغيرات بالنار، فالحرب قائمة ولن تتوقف وما حرب غزة سوى حلقة منها، حيث باتت ترتبط بالمجريات القائمة بعيدا عن المفاوضات والتسويات، وذلك على وقع حكومة إسرائيلية تتصدّع ولا خيار أمامها سوى الاستمرار في الحرب.

تدرك إسرائيل خطورة الوضع المتمثّل في الجبهة الشمالية التي باتت تسبّب صداعا حقيقيا معها، خصوصا وأن المعادلة باتت وجودية، والحرب وصلت إلى نقطة “اللاعودة”. إذ لا معنى للعودة إلى الوراء لاسيما وأن طرفي النزاع لم يحقّقا أهدافا ملموسة تحاكي انتصارا جديا للذهاب إلى تسويات جدية يفرضها أحد الطرفين على الآخر. إنّها حرب لا تشبه أي حرب خاضتها إسرائيل في تاريخها، وخرجت هذه المرة عن إيقاع الضابط الأميركي والإيراني.