على مدار الأشهر الأخيرة، ركزت وسائل الإعلام الإسرائيلية على الدور الذي يلعبه نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري الذي أعلنت الحركة اغتياله في لبنان الثلاثاء، في التهديدات الخطيرة التي تتعرض لها دولة الاحتلال.
واعتمدت وسائل الإعلام العبرية في كثير من الأحيان على مصادر وتقارير استخباراتية، حملت العاروري بشكل صريح المسؤولية عن أنشطة الجناح العسكري لحركة حماس في الضفة الغربية، وتفجر الأوضاع هناك.
وأكدت التقارير أن العاروري هو كبير الاستراتيجيين في حركة المقاومة الفلسطينية “حماس”، كما يعتبر العاروري أعلى مستوى من الجودة وصلت لها قادة الحركة في العقود الأخيرة، كما كان يتم وصفه بـ”ظل السنوار”
وفي 19 سبتمبر/ أيلول، أي قبل أيام من هجوم طوفان الأقصى، أبرز موقع دعوة قيادتا “حماس” و”الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” إلى تصعيد المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني والاستيطان ودعم قضية الأسرى.
وذكر الموقع أن العاروري ونائب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، جميل مظهر، دعيا الفلسطينيين إلى استئناف الانتفاضة ضد إسرائيل.
وقالا خلال اجتماعهم في بيروت: على السلطة الفلسطينية العودة إلى الانتفاضة لتحقيق الوحدة الوطنية وحل القضية الفلسطينية على أسس وطنية وديمقراطية.
وذكر الموقع أن دعوة العاروري ومظهر تأتي وسط توترات أمنية متصاعدة وتدفق مستمر من التقارير الاستخباراتية بشأن هجوم “إرهابي” مخطط له ضد الإسرائيليين.
وأضاف أن دعوة العاروري ومظهر إلى تكثيف الكفاح المسلح ضد إسرائيل، تأتي بعد عدة أسابيع من تهديد العاروري إسرائيل بحرب إقليمية، متعهدا بأن أي عمل عسكري تقوم به إسرائيل قد يؤدي إلى “هزيمة مدوية وانسحاب كامل من الضفة الغربية”.
هدف العاروري
وفي أبريل الماضي، خصص موقع صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية، مساحة للعاروري، أكد فيها على خطورته على الإسرائيليين.
وقال الموقع إن العاروري يستهدف قتل أكبر عدد ممكن من الإسرائيليين، وأن اسمه رغم أنه غير معروف بالشارع الإسرائيلي لكنه أحد أبرز قادة حماس.
وذكر الموقع أن العاروري الذي نشأ في الضفة وأصبح الشخصية الأكثر كاريزمية في حماس، هو الرجل الذي كادت الحرب تندلع بسببه في عيد الفصح.
وتابع أن العاروري أجرى اتصالات من طهران إلى غزة عبر بيروت والأقصى؛ لتحقيق هدفه النهائي المتمثل في “شن هجوم مشترك من جميع الجبهات على إسرائيل.
ظل السنوار
وفي 27 أغسطس/ آب الماضي، خصص الكاتب أمير بار شالوم، مقال مفصلا عن العاروري في صحيفة زمان إسرائيل، تناول فيه حياته ومخاطره على إسرائيل.
وقال إن العاروري، تخرج من كلية الدراسات الإسلامية في جامعة الخليل، ومن هنا كان الطريق إلى العضوية في حماس طبيعيًا، وقضى العاروري في سجون الاحتلال الإسرائيلي 17 عاما بتهمة الانتماء إلى منظمة إرهابية بسبب دوره في تنظيم الخلايا المسلحة لحماس في الضفة الغربية، والتي أصبحت فيما بعد الذراع العسكري للمنظمة، كتائب عز الدين القسام.
وأضاف أن العاروري اكتسب في السجن الإسرائيلي، الكثير من السلطة إلى جانب يحيى السنوار، مشيرا إلى الأخير كان شخصية مهيمنة بين سجناء غزة، والعاروري بين سجناء الضفة الغربية، ولكنه دائما في ظل السنوار.
وبعد إطلاق سراحه، رفض الأردن قبوله، ضمن خلاصات محاولة اغتيال خالد مشعل الفاشلة عام 1997، وهكذا وجد العاروري نفسه مهاجراً أولاً إلى سوريا ومن ثم إلى تركيا.
مطلوب من أمريكا
وذكر أن العاروري يعتبر شخصية مركزية في حماس لأسباب ليس أقلها الكاريزما التي يتمتع بها وحنكته. ولا يقلل مسؤولو الاستخبارات الإسرائيلية من شأنه على الإطلاق، على عكس العديد من الشخصيات الأخرى في الإرهاب الفلسطيني.
وأوضح أن العاروري إلى جانب إسرائيل فهو مطلوب أيضا من الولايات المتحدة الأمريكية، بمكافأة قدرها 5 ملايين دولار على رأسه، لدوره في التخطيط لعملية اختطاف 3 مراهقون إسرائيليون في يوليو/ تموز 2014
والمراهقين الثلاثة هم أيال يفراح (19 عاما) وجلعاد شاعر (16 عاما) ونفتالي فرانكل (16 عاما) الذي يحمل الجنسيتين الأمريكية والإسرائيلية.
وذكر الكاتب أنه في السنوات الأخيرة برز اسم العاروري أكثر من مرة كهدف اغتيال من قبل إسرائيل من أجل انتزاع ثمن من حماس بسبب موجة الهجمات التي نفذتها حركة المقاومة الفلسطينية.
اتصالات واسعة
وبحسب شالوم فإن العاروري يعرف بأنه “جنرال القيادة المركزية” لحماس، وهو في الواقع يقف وراء العمليات العسكرية واللوجستية والاقتصادية لكتائب عز الدين القسام في الضفة الغربية، وكجزء من هذا النشاط، فهو على اتصال منتظم مع حزب الله وعناصر من الحرس الثوري الإيراني.
وينعكس هذا التعاون في التمويل الضخم الذي يتم توجيهه إلى المناطق بطرق مختلفة: العملات المشفرة والصرافين والتهريب المادي، وفي عمليات تهريب الأسلحة العديدة إلى المناطق.
وفي الأيام الأخيرة، قال العاروري في حديث لشبكة الجزيرة إنه “لا توجد حاليا أي مفاوضات بشأن وقف إطلاق النار”. وأضاف أن “موقفنا الرسمي الآن هو أنه لن يكون هناك تبادل للأسرى قبل انتهاء الحرب ووقف إطلاق النار”.
وفي مقال بصحيفة معاريف العبرية في 21 ديسمبر/ كانون أول المنصرم، سلط الكاتب جاكي هوجي على خطورة العاروري التي لم ينتبه لها أحد رغم أنه تحدث بشكل علني.
وقال هوجي ” قبل شهر ونصف من هجوم طوفان الأقصى جلس العاروري – الرجل الثاني في حماس – وتحدث في استوديو في بيروت بارتياح عن الحرب القادمة، وتكلم بإسهاب وتفصيل.
وأضاف أن العاروري كشف أن حماس وأصدقائها يعتقدون أنه يجب شن حرب متعددة الجبهات ضد إسرائيل، ويبحثون عن طرق مختلفة لإدارتها. بل أنه أوضح مدى إلحاح الأمر.
نتنياهو والعاروري
وفي 27 أغسطس المنصرم، هدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، باغتيال العاروري، المتهم بالوقوف خلف سلسلة الهجمات التي نفذتها الحركة في الضفة خلال الأسابيع والشهور القليلة الماضية.
ومرَّر نتنياهو رسالة واضحة للعاروري، قائلاً إنه سمع تصريحاته التحريضية وهو مختبئ في لبنان، وإنه (أي العاروري) “يعرف جيداً سبب اختبائه هو ورفاقه”.