الرئيسية / أخبار / لاهيا…يا ذات الحزن النبيل

لاهيا…يا ذات الحزن النبيل

 د. بسام الهلول

لو اردت ان تذهب في تقسيم   الكلمة على طريقة (اللسانيين).. في تقسيماتهم  ومعالجتهم نسيجها  تحت باب ( كيف يكون الملفوظ نصا )  ومعطياتها  في العربيه   وعلى تصنيفات البلاغيين المحدثين    فانك تجد في خبيء تقسيماتها ( لا) الرفض مع العناد و( هيا) الاصرار على المسير قدما. كانك امام موسيقى المارسلياز والتي يساق بها الجند نحو المعركة  En Avant  وان لاتقعد بهمتك الهموم واذا ما قاربتها  سمعا فانك امام وقع وايقاع   وانت تكابد وتئن  من وطأة الم ما تشاهده من هدم وهدمى   واصرار على الدمار خبيئه ( الحقد الجبان)  ولا يصدر هذا السلوك من شجاع  فثمة مفارقة بين حقد الجبان وعقد الشجاع فترميزة الاول الخسة والوضاعة واما الثاني فترميزته النبل في الخصومة وشتان ما بين الاثنين  في الإل داء في الخصومة  . وانت ترى هذا الدمار واليتم والثكل والايامى والإصرار على استئصال شأفة اهل غزة ليصل بك اليقين بل وتقسم على ذلك ولا تحنث فتقول (وحق الله القسم) انها ضربة جبان ذلك ان من سنن (بالفتح) في مواجهة الجبان ان الجبان في ثأره وفي مستقر وعيه ان ما قدر له في مواجهة الحق هي (ضربة) واحدة ليس غير  فما رأيناه وما جرى لغزة  يذكرك بما قاله الشاعر في وصف دمار مدينة( مسينا) الإيطالية عندما ضربها الزلزال وانشد شاعر النيل( ما لمسينا. عوجلت في صباها ودعاها من الردى داعيان ….. ….    (.     يا ذات الحزن النبيل….) .(…..يا ذات الحزن النبيل….)….لا هيا

…وانت تتابع الغزو الهمجي والحقد اللدني  مما نراه من دمار وتدمير مغولي بربري توحشي ، وانت ترى سقوفا  آيلة في السقوط على رؤوس ساكنيها  بل وسقطت يذهب بك اليقين   والغضب ان من كان يقطنها دفنت ضحكاتهم وابتساماتهم معهم مودعة مولية غضبى  بل اصبحت هذه مدافن لكل ابتسامة وضحكة  ويذهب بك اليقين  ان لا عودة لهاته لأنها ذهبت مع الهدمى  كل ذلك يحصل في الوجدان من باب البداهة وما فطرت عليه غرائز البشر  ويحصل في كل مدينة من مثل ما قرأناه عن ستالينغراد وهانوي   والبوسنة والهرسك..ونجزاكي وهيروشيما…وصبرا وشاتيلا …كل ذلك يحدث بالطبع والفطرة..إلا في غزة  وتراه يقينا  عندما تخرج من تحت انقاضها فتيات ممتشطة شعورهن وابتسامة  رضى وضحكات تشد من أزرك كل ذلك يحيا  عندما تأخذ بيدك  وتخلف يقينك بقولها …لا….. هيا… انها بيت لاهيا…غضب نبيل..وشعور نبيل.. يجتمعان في كل المدائن من غزة

تقول لك لا تحزن ولا تقعد بك همتك فانت الان مأخوذ بيدك ومن معصمك ويتسلل اليك عبر انفاس طفلة رغم   ان الحمام (الموت)..  بعمّها والخال ذهب الموت الجبان بوالديها واخوتها فتقول لك لا تقعد ولا تحزن انت الان في بلدة رغم دمارها.. لا….. هيا يا عم فالبدء قريب المنال انت الان في (لاهيا).. الرفض والإصرار على المسير واستئناف حياة لا …مرة اخرى رغم الجراح ورغم الموت والحقد المنسكب على راسها

تطل برأسها طفلة.. ناولني يدك وهيا   انت في لاهيا…واستأنفنا المسير وهي تخاطبني بأنفاس المعاتب والموبخ.

ارأيت معي يا عزيزي ثمة رايات غدت مزقا وانهزاما ذاك يعقد…

…واخر يفكر واخر كيف يعبر من مطلقه وفريق نجا بخيانته واخر مضى بخيانته…اما الكلمات هنا في غزة نغسل الدم بالدم…

اما رايت معي فعلة بعضهم فقد البحر لذاكرته فنسي زرقته….

دعهم يتناوبون النباح. وما بقي وهم يأخذون نوبتهم إلا ركلة ليستأنفوا لغة النباح .وتبقى غزة  البسملة  لمفتتح النسك والصلاة…وتبقين على الدوام سيدتي..  ميثاقا للجرح …انه ابتداء انتهاء.

د. الهلول كاتب ومفكر أردني