الرئيسية / أخبار / لماذا لا ترغب مصر والأردن في استقبال لاجئين فلسطينيين؟ (تحليل)

لماذا لا ترغب مصر والأردن في استقبال لاجئين فلسطينيين؟ (تحليل)

سلط الكاتبان، جاك جيفري وسامي مجدي، الضوء على أسباب عدم رغبة مصر والدول العربية الأخرى في استقبال اللاجئين الفلسطينيين المحتملين حال اجتياح الجيش الإسرائيلي لقطاع غزة أو تهجيره لقطاعات من سكان الضفة الغربية، وأشارا إلى أن الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، أدلى بأشد تصريحاته في هذا الشأن، الأربعاء، قائلا إن الحرب الحالية لا تهدف فقط إلى قتال حماس، لكنها محاولة لدفع السكان المدنيين إلى الهجرة لمصر.

وذكر الكاتبان، في مقال نشره موقع شبكة cbc الأمريكية وترجمه “الخليج الجديد“، أن مصر والأردن يحيطان بإسرائيل من جانبين متقابلين ويتقاسمان الحدود مع غزة والضفة الغربية المحتلة على التوالي، وقابلا سيناريو تهجير الفلسطينيين برفض شديد، خاصة الأردن، الذي يستضيف بالفعل عدد كبير من السكان الفلسطينيين.

وكان العاهل الأردني الملك، عبدالله الثاني، قد وجه رسالة مماثلة للسيسي يوم الثلاثاء الماضي، قائلاً: “لا لاجئين في الأردن، ولا لاجئين في مصر”.

وترجع جذور رفض مصر والأردن إلى الخوف من أن إسرائيل تريد فرض طرد دائم للفلسطينيين إلى بلدانهم وإلغاء المطالب الفلسطينية بإقامة دولتهم.

وفي هذا الإطار، قال السيسي إن النزوح الجماعي قد يؤدي إلى خطر جلب المسلحين إلى شبه جزيرة سيناء المصرية، و”قد يشنون هجمات على إسرائيل، مما يعرض معاهدة السلام الموقعة بين البلدين منذ 40 عامًا للخطر”.

تاريخ التهجير

وكان التهجير موضوعًا رئيسيًا في التاريخ الفلسطيني. ففي حرب عام 1948 التي اندلعت قبيل إنشاء إسرائيل، تم طرد ما يقدر بنحو 700 ألف فلسطيني أو فروا مما يعرف الآن بإسرائيل. ويشير الفلسطينيون إلى الحدث باسم “النكبة”.

وفي حرب عام 1967، عندما استولت إسرائيل على الضفة الغربية وقطاع غزة، فر 300 ألف فلسطيني آخر، معظمهم إلى الأردن.

ويبلغ عدد اللاجئين وأحفادهم الآن ما يقرب من 6 ملايين، يعيش معظمهم في مخيمات ومجتمعات محلية في الضفة الغربية وغزة ولبنان وسوريا والأردن. وانتشر الشتات بشكل أكبر، حيث يعيش العديد من اللاجئين في دول الخليج العربية أو الغرب.

وبعد توقف القتال في حرب عام 1948، رفضت إسرائيل السماح للاجئين بالعودة إلى ديارهم. ومنذ ذلك الحين، رفضت إسرائيل المطالب الفلسطينية بعودة اللاجئين كجزء من اتفاق السلام، بحجة أن ذلك سيهدد الأغلبية اليهودية في البلاد.

وتخشى مصر أن يعيد التاريخ نفسه وأن ينتهي الأمر بعدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين من غزة إلى البقاء إلى الأبد. ويرجع ذلك جزئيًا إلى عدم وجود سيناريو واضح لكيفية انتهاء هذه الحرب.

وتقول إسرائيل إنها تعتزم تدمير حماس، لكنها لم تقدم أي إشارة إلى ما قد يحدث بعد ذلك ومن سيحكم غزة. وأثار ذلك مخاوف من أنها ستعيد احتلال المنطقة لفترة ما، ما يؤجج المزيد من الصراع.

وقال الجيش الإسرائيلي إن الفلسطينيين الذين اتبعوا أوامره بالفرار من شمال غزة إلى النصف الجنوبي من القطاع سيسمح لهم بالعودة إلى منازلهم بعد انتهاء الحرب.

مصر لا تطمئن

وقال السيسي إن القتال قد يستمر لسنوات إذا قالت إسرائيل إنها لم تسحق المسلحين بشكل كاف. واقترح أن تقوم إسرائيل بإيواء الفلسطينيين في صحراء النقب المجاورة لقطاع غزة حتى تنهي عملياتها العسكرية.

وقال ريكاردو فابياني، مدير مشروع شمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية: “إن عدم وضوح إسرائيل فيما يتعلق بنواياها في غزة وإجلاء السكان يمثل في حد ذاته مشكلة”.

ودفعت مصر إسرائيل للسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وقالت إسرائيل يوم الأربعاء إنها ستفعل ذلك، لكنها لم تذكر متى.

ووفقا للأمم المتحدة، فإن مصر، التي تعاني من أزمة اقتصادية متصاعدة، تستضيف بالفعل حوالي 9 ملايين لاجئ ومهاجر، بما في ذلك 300 ألف سوداني وصلوا هذا العام بعد فرارهم من الحرب في بلادهم.

لكن الدول العربية والعديد من الفلسطينيين يشتبهون أيضًا في أن إسرائيل قد تستغل هذه الفرصة لفرض تغييرات ديموغرافية دائمة لتدمير المطالب الفلسطينية بإقامة دولة في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، والتي احتلتها إسرائيل أيضًا في عام 1967.

وكرر السيسي تحذيراته يوم الأربعاء من أن النزوح الجماعي من غزة يهدف إلى “القضاء على القضية الفلسطينية.. أهم قضية في منطقتنا”، وقال إنه “لو تم إنشاء دولة فلسطينية منزوعة السلاح منذ فترة طويلة في المفاوضات، لما اشتعلت الحرب الآن”.

وفي السياق، قال إتش آي هيلير، الباحث بمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي: “كل السوابق التاريخية تشير إلى حقيقة أنه عندما يضطر الفلسطينيون إلى مغادرة الأراضي الفلسطينية، لا يسمح لهم بالعودة”، مشيرا إلى أن “مصر لا تريد أن تكون متواطئة في التطهير العرقي بغزة”.

وزاد مخاوف الدول العربية صعود الأحزاب اليمينية المتشددة في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والتي تتحدث بشكل إيجابي عن إزالة الفلسطينيين من الوجود.

 ومنذ هجوم حماس، في 7 أكتوبر/تشرين الأول، أصبح الخطاب أقل تحفظا، حيث دعا بعض السياسيين اليمينيين والمعلقين الإعلاميين الجيش الإسرائيلي إلى “هدم غزة وطرد سكانها”، وقال أحد المشرعين إن على إسرائيل تنفيذ “نكبة جديدة” في القطاع.

وفي الوقت نفسه تقول مصر إن النزوح الجماعي من غزة سيجلب حماس أو نشطاء فلسطينيين آخرين إلى أراضيها، وقد يؤدي ذلك إلى زعزعة الاستقرار في سيناء، حيث قاتل الجيش المصري لسنوات ضد المتشددين الإسلاميين، وفي وقت ما اتهم حماس بدعمهم.

ودعمت مصر الحصار الذي تفرضه إسرائيل على غزة منذ سيطرة حماس على القطاع في عام 2007، حيث فرضت رقابة مشددة على دخول المواد وعبور المدنيين ذهابا وإيابا، كما دمرت شبكة الأنفاق تحت الحدود التي استخدمتها حماس وفلسطينيون آخرون لتهريب البضائع إلى غزة.

وقال فابياني إنه مع قمع التمرد في سيناء إلى حد كبير، فإن “القاهرة لا تريد أن تواجه مشكلة أمنية جديدة في هذه المنطقة التي تعاني من مشاكل”.

وحذر السيسي من سيناريو أكثر زعزعة للاستقرار، وهو تدمير اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979. وقال إنه مع وجود المسلحين الفلسطينيين، فإن سيناء “ستصبح قاعدة لشن هجمات على إسرائيل. وسيكون لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، وستضرب الأراضي المصرية”، محذرا: “السلام الذي حققناه سيختفي من أيدينا، كل ذلك من أجل فكرة تصفية القضية الفلسطينية”.