المهندس سليم البطاينه
ليس هذا وقت العتاب ،،،، فالشعوب بكل تجاربها السياسية والحياتية تصطفّ في زمن الأزمات والعدوان في جبهة داخلية شعبية متماسكة وواسعة ، ويصبح الحفاظ على وحدة الصف الداخلي والجبهة الداخلية من أمور الأمن القومي ، والتيقظ لها من أهم الواجبات خوفاً من الأجندات و السيناريوهات المرسومة في الغرف السوداء ،،، فـ الأعداء يهتمون دائماً بخلخلة الصف الداخلي لأي مجتمع يريدون تفكيكه بهدف إضعافه والسيطرة عليه.
فـ تماسك الجبهة الداخلية وصلابتها أول قاعدة لاستقرار الدول كبيرها وصغيرها ،،، وتفتيتها يقود إلى نتيجة واحدة فقط دون أي خيارات أخرى وهي ( التشظّي ) ،،، فـ في مثل هذه الظروف نحتاج أولا وأخيراً لوجود جبهة داخلية متماسكة تَكمن أهميتها في نضوج الشعور العام لدى المواطنين والنُخب.
الأسوأ لم يأت بعد، وهناك مخاوف من ان يتسع نطاق الصراع ويتحول إلى فوضى إقليمية ،،، فـ المحيط الاقليمي والدولي للأردن يشهد تحولات متسارعة وعميقة لها آثار وانعكاسات عليه لموقعه الجيوسياسي ،،،،، وحجم المؤامرة كبير جداً والخوف من تعرض الأردن والضفة الغربية والقدس إلى غدر الارشفة وسرقة التاريخ.
فما بالنا ونحن نعيش حالياً في وضع إقليمي ودولي غير مستقر ،،، ومرحلة انتقالية مُعقدة ومُتعرجة ، وظروف بالغة الحساسية والتعقيد مفتوحة على جميع الاحتمالات يتطلّب التعامل معها الكثير من الحكمة والمواءمة السياسية في إدارة شؤون الغضب والدولة والمجتمع.
الأردن اليوم مَعني بقوة جبهته الداخلية التي تُشكل الشريان التاجي لفلسطين والاقصى ،،، وقوة سياسته الخارجية تكون بقدر تماسك الجبهة الداخلية وقوتها.
جميعنا من شتى اصولنا ومنابتنا متفقون على حب الاردن الذي تربينا وعشنا وسنموت فيه ،،، فـ كم يؤلمنا عندما نرى بعض الأفعال التي يفعلها بعضاً من المتظاهرين والغاضبين ! فـ رجل الامن هو واجهة الدولة في الشارع ، وهو الأقرب للمواطن ، وهو ابن بلده وليس خصمه ، والاعتداء عليه ما هو الا اعتداء حقيقي على هيبة الدولة ومدخل للفوضى التي لا يريدها إلا جاهل.
فـ قوة الجبهة الداخلية الاردنية باتت قضية بالغة الأهمية بالنسبة لعملية التنمية المستدامة ،،، والاستمرار في التشكيك سيؤثر على تماسك الجبهة الداخلية ويضعف عناصر قوة الدولة ، وسيكون له تبعاته السلبية لأن الخطر الحقيقي على الأردن هو عدم تماسك جبهته الداخلية ،،،،، الأمر الذي يتوجب علينا ان نحمي ظهر الاردن من حرب التشكيك الذي تحركه الغرف السوداء،، ونشد على ايدي كل من التزمت نفوسهم الصواب وفعل الصواب.
عند كل منعطف خطير أو حدث يتعلق بفلسطين تتضح وتتجلى أكثر وأكثر المواقف الشعبية والرسمية الأردنية حيال القضية المحورية والرئيسية وهي قضية فلسطين التي كانت وما زالت بكل تشعباتها وتعقيداتها تحتل أولوية متقدمة في مجمل السياسات والمواقف الرسمية ،،، والجميع اليوم وغدًا يقف مع غزة لأن العدالة قيمة كبيرة ، ولان الظلم حارق ومخيف ، و لأن للأخلاق وجه واحد فقط وهو الوقوف ضد الظلم ومع المظلوم ، والوقوف مع الضحية ضد القاتل !
الذي يحدث في غزة وضع تقاطعت فيه مصالح وتلاقت فيه اخرى! أنها لعبة صعبة ووضع مستعصٍ على الفهم ومؤامرة لا يعلم مداها إلا الله ومن خطط لها.
والمظاهرات في الأردن تجاوزت التعاطف مع غزة!!! فإذا خرج الغضب عن السيطرة يصبح الجميع أسيرون لهذا الغضب.
فلسطين ستبقى دائمًا بوصلتنا وتاجها القدس الشريف.
المهندس البطاينة نائب سابق في البرلمان الاردني