الرئيسية / أخبار / سكك حديد الخليج.. مخاطر في الأفق قد تعرقل الحلم الموحد

سكك حديد الخليج.. مخاطر في الأفق قد تعرقل الحلم الموحد

رصد تحليل نشرته وحدة “إيكونوميست إنتلجنس” أحدث تطورات مشروع سكك حديد الخليج الموحدة، والعقبات التي تتجدد أمام إنهائه، وإمكانية تأثير “الممر الاقتصادي” الذي تم الإعلان عن إطلاقه خلال قمة العشرين الأخيرة بالهند عليه.

ويشير التحليل، الذي ترجمه “الخليج الجديد“، إلى أن مشروع سكك حديد الخليج الذي تم إطلاقه في 2009، بهدف ربط جميع أعضاء مجلس التعاون الخليجي الستة عن طريق السكك الحديدية، وربط المراكز الحضرية الرئيسية في المنطقة، بما في ذلك الرياض في المملكة العربية السعودية ودبي في الإمارات العربية المتحدة ومدينة الكويت، واجه العديد من التأخيرات ولم يتم الإيفاء بموعد انتهائه الأصلي في عام 2018.

وقد تأثر المشروع سلبا بشكل كبير بالأزمة الخليجية التي اندلعت عام 2017،  عندما قاطعت السعودية والإمارات والبحرين، ومعهم مصر، قطر وتم فرض حصار شامل عليها.

تحسن بعد تدهور

لكن هذا التدهور توقف الآن، وتحسنت آفاق المشروع السككي الخليجي، بعد انتهاء الأزمة الخليجية بسرعة مدهشة، وتجدد حاجة دول الخليج للتنويع الاقتصادي بعد أزمة جائحة “كوفيد-19″، وباتت الأمور مهيئة للمضي قدما  مع ارتفاع الإيرادات المالية بسبب الارتفاع الحاد في أسعار النفط العالمية مع تسبب الصراع في أوكرانيا في تعطيل إمدادات النفط العالمية.

على الرغم من تراجع أسعار النفط من أعلى مستوياتها التي تجاوزت 100 دولار للبرميل في منتصف 2022، تتوقع “إيكونوميست إنتلجنس” أن تظل بيئة أسعار النفط مواتية على المدى المتوسط، مع بقاء الأسعار عند متوسط يقترب من 80 دولارًا أمريكيًا للبرميل حتى عام 2025.

في الوقت نفسه، تستمر التوترات السياسية داخل منطقة الخليج في الانحسار، مما يخلق بيئة أكثر دعماً للتقدم في تطوير السكك الحديدية عبر الحدود، خاصة مع تحسن العلاقات مع قطر، وخاصة الإمارات والسعودية.

وقد أدى التقارب الأوسع بين الخليج وإيران، والذي تم تحفيزه من خلال استعادة العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية في منتصف عام 2023، والتهدئة الأخيرة للصراع في اليمن المجاور، إلى تهدئة المخاوف السابقة بشأن احتمال شن هجمات على البنية التحتية.

وأدى التحسن المالي لدول مجلس التعاون الخليجي منذ عام 2021 إلى تعزيز سلسلة من الاتفاقيات لاستئناف العمل في مشروع سكك حديد الخليج، والتي تتألف في معظمها من مذكرات تفاهم ثنائية بين الشركاء المحليين على طول الطرق التي تم تصورها في الأصل في مشروع سكك حديد الخليج.

وتعهدت قطر والمملكة العربية السعودية باستئناف العمل على خط السكك الحديدية في يناير/كانون الثاني 2022، وتقدمت عمان والإمارات العربية المتحدة في تنفيذ مشروع بقيمة 3 مليارات دولار لربط ميناء صحار في شمال عمان بالعين وأبو ظبي في الإمارات العربية المتحدة بعد الاجتماع الثنائي في أكتوبر/تشرين الأول 2022.

تأثير إيجابي لـ”الممر الاقتصادي”

ومن المرجح أن يتم تحفيز تطوير السكك الحديدية الإقليمية بشكل أكبر على المدى الطويل من خلال “الممر الاقتصادي” بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، والذي تم الإعلان عنه في قمة مجموعة العشرين في نيودلهي، عاصمة الهند، في الفترة من 9 إلى 10 سبتمبر/أيلول الجاري.

وتتوخى خطط الممر إنشاء رابط عبور بحري وسكك حديدية بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، حيث يتم تفريغ البضائع في موانئ الإمارات العربية المتحدة ونقلها براً بالسكك الحديدية من الإمارات العربية المتحدة إلى المملكة العربية السعودية وإلى الأردن. ومن المتوقع أن يؤدي الممر إلى تسريع خطط زيادة تكامل خطوط السكك الحديدية بين البلدين الخليجيين، بدعم من الشركاء الخارجيين.

مخاطر الهبوط

ومع ذلك، باستثناء مذكرات التفاهم، كانت غالبية أنشطة الاستثمار والبناء على المستوى الوطني في جميع أنحاء الخليج، مما يعكس مجموعة من القضايا التي من المرجح أن تعطل إنشاء شبكة السكك الحديدية لعموم دول مجلس التعاون الخليجي في الفترة 2024-2028.

وقد طرحت الهيئة العامة للطرق والنقل البري في الكويت عقدًا استشاريًا يغطي المرحلة الأولى من خط السكك الحديدية الوطني المخطط له منذ فترة طويلة.

وعلى الرغم من أنه من المتوقع أن يؤدي هذا في النهاية إلى ربط الكويت بمشروع السكك الحديدية الخليجية الأوسع، إلا أنه لم يكن هناك تقدم ملموس في هذا الصدد في السنوات الأخيرة.

وبالمثل، تقدمت الإمارات بشكل سريع في خطط السكك الحديدية المحلية، والتي أفادت التقارير أن 75% منها قد اكتملت في أوائل عام 2022، حيث تفتخر الدولة الآن بتغطية السكك الحديدية الأكثر شمولاً في الخليج.

صعوبات لوجيستية

ويلفت التقرير إلى الصعوبات اللوجيستية الاضحة في ربط  دول مجلس التعاون الخليجي الستة بالسكك الحديدية.

أولا، تتطلب شبكة السكك الحديدية على مستوى المنطقة مبالغ ضخمة من رأس المال، حيث تمتد المسارات على تضاريس وعرة ومعادية، مما يستلزم اتخاذ تدابير السلامة، فضلاً عن أنظمة الإشارات والعديد من محطات السكك الحديدية.

ويواجه مشروع السكك الحديدية البينية أيضًا العديد من العقبات التنظيمية، حيث تحتاج البلدان المشاركة إلى مزامنة اللوائح ومعايير التشغيل مع الحفاظ على خطوط الاتصال المفتوحة.

وفي قمة مجلس التعاون الخليجي التي انعقدت في ديسمبر/كانون الأول 2021، أعلنت المنظمة عن إنشاء هيئة السكك الحديدية الخليجية، وإنشاء آلية تنسيق مهمة.

الهيئة مكلفة بضمان تكامل السكك الحديدية من خلال تنسيق إجراءات التشغيل والحفاظ على معايير مشتركة عبر المناطق الجغرافية الست.

ومع ذلك، قد تنشأ مشكلات فنية بسبب مشاركة عدد كبير من المقاولين، مما قد يتسبب في اختلالات واختناقات تشغيلية إذا لم يتم إنشاء آليات التنسيق بين هذه الكيانات.

ويرى التحليل أن الاتفاق المسبق على أساليب البناء المتماسكة واستخدام المواد ومعايير السلامة بين المقاولين سيضمن التكامل الناجح للسكك الحديدية.

توقعات الفترة المقبلة

ويخلص التحليل إلى أن تطوير السكك الحديدية الموحدة سيظل متفاوتًا في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي في الفترة 2024-2028.

كما أن تشديد المواقف المالية مع انخفاض أسعار النفط بسرعة أكبر اعتبارا من عام 2025 سوف يجبر الحكومات على إعطاء الأولوية لمخصصات الميزانية، بما في ذلك لسكك حديد الخليج، مع تنافس مخططات البنية التحتية الأخرى كثيفة رأس المال ومشاريع التنويع الاقتصادي على الموارد.

وبالتالي فإن انخفاض التمويل الحكومي سيؤدي إلى زيادة الاعتماد على مستثمري القطاع الخاص، ومن المرجح أن تشجع حكومات دول مجلس التعاون الخليجي الاستثمارات الخاصة ضمن إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

وسيظل النجاح في توفير التمويل الحكومي وجذب الاستثمار الأجنبي متفاوتا في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي، مما يزيد من تجزئة تطوير السكك الحديدية في جميع أنحاء الخليج.

ومن المرجح أن تتقدم المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر، وهي الدول ذات الأداء الاقتصادي الأقوى في المنطقة، والتي لديها أنظمة بيئية تنظيمية وتجارية أكثر تطوراً من الكويت والبحرين وسلطنة عمان، بشكل أسرع بكثير في تطوير شبكة السكك الحديدية المحلية في الفترة 2024-2028.

فلا تزال الكويت تعاني من جمود سياسي مزمن، حيث يشتبك برلمانها المضطرب مع الحكومة، مما يعيق تنفيذ المشاريع ويمنع الاستثمار الأجنبي.

وبالمثل، لا تزال معنويات المستثمرين تجاه عمان والبحرين عرضة للتراجع، نظرا لخطر الاضطرابات الاجتماعية مع تفاقم الظروف الاقتصادية في هذه البلدان في الفترة 2024-2028.

وتهدد كل هذه العوامل بإبطاء التقدم في تنفيذ مشروع السكك الحديدية على مستوى المنطقة طوال فترة التوقعات.