د. بسام الهلول
… لقد عرضت للرفاق المتابعين صورة لبيت من (الوبر)…رغم ان لفظة (الشعر).. حايثت مقامه…. …. وشاعت في الناس اذ (لا مشاحة في الاصطلاح…(وبر)…يقابلها(المدر)…اي الطين…وجئت به مثلا اذ قوام الحياة فيه اقوم على (النجعة)…اي اقامة على رحل…ننزله تارة ثم نرحل
اي ننزله تارة اخرى…فمعامل بيت (الوبر)..( النجعة)…اما المدر معامله الموضوعي وشخصه المفهومي ( المكث طويلا)..فمن هنا كل قرارات الشيخ في القبيلة تأخذ صفة ( التوقيت)،.وليس ( التأبيد)..لان القوم او القبيلة ترتبط بظواهر الطبيعة ومنازل النجوم.. ومساقط المطر…فهم في ترقب دائم لمساقط الغيث…وهبوب الرياح فكل ما يبنى من تراتبية اوامر الشيخ انما على التوقيت…فهي على (التخمين).. وذلك مما نراه من الفاظ(وكاد)…حتى خبيء ساكنه معامل حديثه مبني على (الشك والريبة)..وما. يعطيك(صادقته).. حتى شاع فيهم (مقرط العصا).. وإذا سألته عن (شلايا الغنم).. وما يملكه (يعبر عنها (بالقلة).. ويرد لفظ جمع القلة على النزر واليسير(شويهات).. وعلاقته مع السائل معاملها(المخاتلة).. ولا عجب اذ علاقته المكانية تفرض عليه محايثتها بما يوازيها من القاب ومصطلحات..( جمع قلة)..وحتى ساعته الزمانية ( قريبن من هدا)..وعلى( القدرية)…( الصباح رباح)…ولا زال كثير منها يتردد في اسماعنا( انت روح وتوكل على الله)..
كل هذه المصطلحات اذا اراد فيلسوف الاجتماع ( محايثتها).. تجدها قد انزاخت واحتلت مكانا في خطاب السياسي عندنا بل صبغت ولونت فعله السياسي..وما نراه من تخبط في كثير من القرارات والتي من صفتها ( الثبات والمرونة)..نجدها عنده في خانة ( التجريب)…ودعنا نرى.. والامثلة على هذه كثيرة لاتحصى…وما نلحظه من تخبط في القرارات والرجوع عنها اوضح من الصبح لذي عينين…مثاله القريب (نسبة المقبولين في تخصصات الطب) …وفي غيرها مما يتخذ من قرارات…كأننا لا زلنا سكان(الوبر)… (بكره نهد ونرحل).. نرقب مساقط الغيث…(فمن شابه جينه…ماظلم)..واصبح معها انساننا محل التجربة والخطأ)..كمثل ذلك الرجل الفلاح والذي اعطاه الله بسطة في الجسم والذي كان يرتاد( مرابعنا ومنازل قبيلتي)..( الدواج)..طويل القامة عريض المنكبين وعريض الاذنين… يحمل القماش وانواعه( الحبر والمو سليني. وصوف ربيعي).. على حماره والجهة الاخرى يحمل فيها انواعا من الدجاج او الحميد من عند العرب مقايضة اما يشترونه منه من قماش…فتصدق ان يبيت عند احدهم من افراد القبيلة في يوم مطير..ولطوله وضخامة جسمه ولما منحه الله من بسطة في الجسم فيلقي صاحب البيت( فروته)..والبدوي كما نعلم ضعيف البنية قصير القامة فيحتج هذا( الدواج)..فيقول مداعبا المعزب ان هذه الفروة لا تناسب مع طوله فيرد عليه المعزب( تجيبك تالي الليل)..عندما يحس ببرد الليلة فيضم ارجله الى بطنه من شدة البرد. فينادي المعزب للاطمئنان قائلا له (جابتك).. فيرد عليه (نعم)…وعلى مضض (ما قلتلك تالي الليل … تجيبك) …وهذا ما يفعله السياسي عندنا اذ يلقي علينا ليلة بردها قارص (يقص المسمار).. وبعد وهن من الليل يضطر الشعب ان يكون مقاسه ورغم البسطة في الحالين.
( تالي الليل تجيبك).. فيضع رجليه في بطنه (ويتكور)…فتاتي الفروة على قدر فليح وجيد الله …من برد الايام وزمهرير الليل…وتضج كلماته الوعد (تالي الليل تجيبك) …ما قلتلك لا تستعجل ايها الشعب…عند حلول البرد وكوانين والمربعانية…وثلاثتك. مع أربع شباط واذار …. والمستقرضات… (وكاد تجيبنا)..يالها من فراء يصنعها السياسي…)
د. بسام الهلول كاتب ومفكر أردني