الرئيسية / أخبار / قمة النقب2.. موازنة مغربية لمعادلة الشرق الأوسط الجيوسياسية

قمة النقب2.. موازنة مغربية لمعادلة الشرق الأوسط الجيوسياسية

سلط الباحث في العلاقات الدولية بمعهد دراسات الشرق الأوسط في جامعة سكاريا التركية، نشأت شوامرة، الضوء على المعادلة الجيوسياسية الجديدة بالإقليم في ظل اقتراح مسؤولي الولايات المتحدة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية عقد قمة النقب”2″ في 25 يونيو/حزيران الجاري، مشيرا إلى أن قمة النقب الأولى، التي تعتبر أحد مخرجات اتفاقات إبراهيم، شكلت نقطة تحول في العلاقات بين إسرائيل والدول الموقعة على تلك الاتفاقات.

وذكر شوامرة، في تحليل نشره موقع منتدى فكرة، التابع لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وترجمه “الخليج الجديد“، أن وزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين، أعلن في وقت سابق، أن “المغرب سيستضيف قمة النقب الثانية” في مارس/آذار 2023، لمتابعة مخرجات القمة الافتتاحية التي عقدت قبل عام، مشيرا إلى أن التأخير في عقد القمة الثانية جاء جزئيًا نتيجة تخوفات المغرب من الاضطرابات السياسية والاحتجاجات التي اندلعت في إسرائيل، إلى جانب تصاعد أعمال العنف في أعقاب تشكيل الحكومة الإسرائيلية الحالية، ما أدى إلى ظهور بعض ردود الأفعال الداخلية في المغرب.

ومع ذلك، يبدو أن المغرب مستعد للمضي قدمًا بعقد القمة في ظل هدوء الوضع في إسرائيل نسبيا، إضافة إلى سعي الرباط لتعزيز مصالحها عمليا من خلال الحدث الدولي.

المكانة الإقليمية

وباعتباره أحد الموقعين على اتفاقية إبراهيم للسلام، يحاول المغرب جاهدا الحفاظ على خطابه السياسي في ما يتعلق بأهمية حل الدولتين بين إسرائيل وفلسطين، كما يحرص على إشراك الأردن أو السلطة الفلسطينية في فاعليات منتدى النقب وطرح نفسه كوسيط، وذلك في وقت عقدت فيه الجزائر عدة اجتماعات عامة مع القيادة الفلسطينية، بما في ذلك اتفاق المصالحة بين مختلف الفصائل في أكتوبر/تشرين الأول 2022.

وعلى التوازي، يأمل المغرب خلال القمة المقبلة في تعزيز علاقاته الاقتصادية والتجارية والأمنية الثنائية مع إسرائيل، بهدف الإبقاء على دعم الولايات المتحدة الأمريكية له في صراعه مع الجزائر حول قضية الصحراء الغربية، وتعزيز نفوذه في المنطقة للحفاظ على نفوذه في شرق أفريقيا وعلى مستوى القارة الأفريقية عموماً، وذلك في ضوء سعيه الهادف للعب دور الزعامة هناك.

ومن المقرر أن تنعقد القمة في مدينة الداخلة، الواقعة في الصحراء الغربية، حيث سيمكن ذلك المغرب من إرسال رسالة واضحة تتعلق بموافقة أعضاء القمة، خاصة إسرائيل، على إجراء المحادثات هناك، بما يعكس نجاح المغرب في تحقيق الهدف الذي كان يرنو إليه منذ عقود، وهو الاعتراف بسيادته على الصحراء.

محور إقليمي

ويشير شوامرة إلى أن المغرب وشركاءه في قمة النقب”2″ قلقون بشكل خاص من التهديد الذي تشكله إيران، ففي حين سعت بعض الدول الخليجية مؤخرًا إلى تهدئة التوترات من خلال زيادة التواصل مع إيران، لكن طهران لا تزال تشكل تهديدًا نشطًا في المجالات التي تهم المغرب.

ويوضح أن المغرب قطع علاقاته مع إيران في عام 2009 ومرة ​​أخرى في عام 2018، عندما اتهم الملك محمد السادس إيران وحزب الله اللبناني، بتقديم الدعم اللوجستي والعسكري لجبهة البوليساريو، التي تعارض سيطرة المغرب على الصحراء الغربية.

وأثار نشاط إيران المزعوم في منطقة الساحل الأفريقي، التي تُعتبر منطقة استراتيجية مهمة في البعد الأفريقي للسياسة المغربية الخارجية، مخاوف كبيرة بالنسبة للمغرب وإسرائيل على وجه الخصوص، بحسب شوامرة.

ورغم محدودية المعلومات المتاحة للجمهور، أفادت التقارير بأن فيلق القدس الإيراني وقوات حزب الله، المدعومة من إيران، حاولت إيجاد موطئ قدم لها في منطقة الساحل الأفريقي، حيث تقوم تلك المجموعات بتجنيد الجماعات الشيعية في نيجيريا وغانا والسنغال ووسط وشرق أفريقيا. وفي فبراير/شباط، حذرت إسرائيل من النشاط الإيراني المتزايد في تشاد.

شكل القمة

ويلفت شوامرة إلى أن الاحتجاجات الإسرائيلية قد تستمر في التأثير على مسار التعاون الإقليمي بين إسرائيل والأطراف الموقعة على اتفاقيات إبراهيم، لا سيما في مجالات التعاون الاقتصادي والأمني، مشيرا إلى أن ظهور انقسامات في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، تجاه التعديلات القضائية والقانونية، يشكل مصدر قلق للمغرب، وذلك بالنظر إلى العلاقات العسكرية المتنامية بين الدولتين.

ويضيف الباحث في العلاقات الدولية أن الأطراف الموقعة على اتفاقيات إبراهيم تراقب الأحداث الجارية في إسرائيل عن كثب، خاصة في ظل المخاوف المستمرة من حالة عدم الاستقرار الداخلي، ففي حين يحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، توسيع مسار التعاون مع الدول العربية، اتبعت بعض الأطراف الموقعة على اتفاقات إبراهيم سياسة حذرة في التعامل مع الحكومة الحالية، واستمر هذا الوضع خلال الأشهر القليلة الماضية.

ومع ذلك، قد تعيد قمة النقب”2″ تنشيط الجانب العام لهذا الحوار، وبينما سيحاول كل طرف من الأطراف المشاركة في المنتدى تعزيز مصالحه الاستراتيجية والأمنية، فإن دور المغرب كمضيف للقمة، وطرف محوري فيها، سيسلط الضوء بشكل خاص على ما تأمل الرباط في تحقيقه، بحسب شوامرة.