الرئيسية / أخبار / المشهد السياسي الاردني يعدل نفسه.. والإخوان المسلمين جزء من اللعبة السياسية القادمة

المشهد السياسي الاردني يعدل نفسه.. والإخوان المسلمين جزء من اللعبة السياسية القادمة

المهندس سليم البطاينة

ما الذي يجري، وماذا يدور في الكواليس تحت سطح المشهد الأردني؟ هناك ما نراه ونلمسه مما يدور فوق سطح المشهد السياسي الاردني ظاهرياً يعطي انطباع عن استقرار نسبي وهدوء يسبق أشياء كثيرة لا نعرف عنها شيئاً !

بعد مرور سنوات على اغلاق مقرات جماعة الإخوان المسلمين واذرعها السياسية والاقتصادية وإضعافهم مالياً تُثار تساؤلات في الشارع حول موقع ومستقبل الإخوان المسلمين في المشهد السياسي القادم في البلاد، ويزداد الجدل والحوار حول هذا الموضوع يوماً بعد يوم، مما يدل على ان مجال القول فيه لا يزال متسعاً.

للتحليل، هناك منهجان يبدو أن أحداهما سيحل بهدوء مكان الآخر في وسائل القراءة السياسية للمشهد السياسي القادم،، وهي عودة جماعة الإخوان المسلمين الى المشهد من جديد و فك عزلتهم وانكفائهم السياسي، وتفعيل علاقات العشق القديمة معهم، فالدولة على ما يبدو أيقنت ان الأحزاب الحالية لا تهش ولا تنش ! وان المشهد يحتاج الى أحزاب تتمتع بثقل ودعم شعبي تقود الشارع وفق رؤية الدولة وتخطيطها، والاخوان وحدهم فقط من يستطيعون القيام بهكذا مهمة !

فلطالما كان الإخوان المسلمين جزءاً من اللعبة السياسية الاردنية ومعارضة موالية للقصر، فقد شكلت تجربتهم في الاردن مع الدولة ومؤسسة الحكم نموذجاً فريداً مقارنة مع تجربة الجماعة في العالم العربي، وهذا يعود إلى حكمة الطرفين في معظم الأوقات (الإخوان والقصر).

وأن لم تخلُ علاقة النظام السياسي الأردني بالإخوان من مراحل شد وجذب وتشنج ! لكن الخط البياني للعلاقة بين الطرفين كان التردد بين صعود وهبوط،، والعلاقة لم تصل حد القطيعة أو المواجهة،،، فما زالت الجماعة تلعب دوراً هاماً في احتواء أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية قد تهدد بالانفجار، فمنذُ نشأتها عام 1945  ترسخ دورها في المشهد الأردني كفاعل سياسي بالنسبة للنظام أو التيارات المعارضة الاخرى التي تخالف الإخوان المسلمين بالايديولوجية وتضمر بنفس الوقت موقفاً سلبياً تجاه الدولة والنظام السياسي.

ما يميز تجربة الإخوان المسلمين في الأردن هو علاقتها بمؤسسة الحكم مباشرة، فسابقاً في خمسينات القرن الماضي تم الاستعانة بالجماعة في منعطفات خطرة في تاريخ الأردن، وكانوا في ذلك الوقت من أهم عناصر الاستقرار حتى في مراحل اختلافهم مع الدولة، ولهم تاريخ طويل من التفاعل مع النظام السياسي الأردني، وتاريخياً وقفت جماعة الإخوان المسلمين الى جانب القصر في ظروف سياسية وأمنية كادت تُطيح بالأخضر واليابس، فقد تحالفت الجماعة مع الدولة في مواجهة حكومة سليمان النابلسي المدعومة من جمال عبد الناصر.

فعلى الرغم من حالة القطيعة ومرور العلاقة بأيام حالكة السواد، فإن العلاقة معهم بشكل عام بدت مستقرة منذ بدايتها في أربعينيات القرن الماضي بدوافع وحدة الموقف ضد أية تيارات تهدد الدولة والنظام السياسي، والاتصالات لم تنقطع نهائياً بين الطرفين، وبين هذا الضنك وذاك الرغد كانت هناك فترات رمادية بين الطرفين وتقاطعات بينهما على المستويين السياسي والاستراتيجي أهمها رفض فكرة الوطن البديل، وعدم التعرض للوصاية الهاشمية على المقدسات، وهذا مؤشر ان ملف الجماعة ما زال مفتوحاً ولم يوصد.

حقيقة، لم نسمع عن محاولات لأجهزة الدولة ولا بأي شكل من الأشكال حتى بعد انتهاء موجات الربيع العربي لاجتثاث جماعة الإخوان المسلمين، والجماعة بنفس الوقت يدركون جيداً حساسية المعادلة الاردنية وتعقيداتها، ويعملون وفق معادلة معينة بحيث لا يكونوا عبئاً على الدولة أو النظام، وعلى ذمة صحيفةSan Jose Daily Newsالأمريكية قبل أشهر ان ثمة هناك معطيات تقول ان الاردن يحاول استعادة شيء من العلاقة مع الإخوان المسلمين وحركة حماس وبموافقة مباشرة من الملك.

عمليًا، الأردن استوعب تجربة الإخوان المسلمين الطويلة ومنحهم الحرية وأتاح لهم قدراً كبيراً من المشاركة الحزبية والنيابية، والتفاعل مع قضية فلسطين، فعودتهم إلى المشهد السياسي سيشكل ورقة ضغط سياسية في مواجهة الاستفزازات الإسرائيلية التي تتعلق بفرض التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى قريبًا، والتحرش بالوصاية الهاشمية على المقدسات، بإعادة ترسيم الواقع التاريخي للقدس.

اطلعت قبل أيام على مسودة تفصيلية جاهزة للتنفيذ نشرتها صحيفة Maariv الاسرائيلية قبل شهر تقريبًا وهي عبارة عن مشروع قانون تقسيم المسجد الأقصى مكانياً بين المسلمين واليهود، والخطة تتحدث عن حصول المسلمين على المصلى القبلي جنوباً وملحقاته المقدسة، في حين يحصل اليهود على المنطقة الوسطى والشمالية من المسجد الأقصى بما في ذلك قبة الصخرة التي يعتقد اليهود أنها بنيت على أنقاض الهيكل المزعوم.

إن الكلام ليس رجماً في الغيب، وليس مستبعد الحدوث كما انه لا يحتاج الى دليل قوي كي يدعمه أو يثبته، ففي ضوء قراءة التاريخ وفهم الحاضر هنالك أصوات داخل مطبخ القرار السياسي في الأردن تقول: لقد آن الأوان للبدء بترسيم علاقة واضحة ومستقرة بين الأردن وبين جماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس.

الأيام القادمة قد تجعل عودة الاخوان المسلمين الى المشهد السياسي واعادة العلاقات مع حركة حماس من باب الضرورات الرسمية.

مسك الختام: كيف سيكون شكل علاقة الإخوان المسلمين مع الدولة في الايام القادمة؟ وهل هنالك معادلة جديدة واحتمالات مفتوحة؟ وما هو دورهم في الحفاظ على استقرار الأردن وتعزيزه؟

شخصيًا، لا زلت على نفس رأيي سابقًا، ولم يساورني أي شك فيه، بالاضافة الى قناعتي بأن الأحزاب السياسية جميعها بما فيها الدينية ليس لديها القدرة على تقديم شيء للنهوض بالحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الأردن، مستذكراً مقالاً للصحفي الأمريكي الشهير Thomas Friedman عنوانه (هل تستطيع الفيلة أن تطير؟).

ملاحظة : جزء من مقالي هذا اقتبسته من دراسة نشرتها الصحيفة الأمريكية اليومية San Jose Daily News قبل أربع أشهر حول واقع الإخوان المسلمين في منطقة الشرق الأوسط، وجزء آخر نشره الموقع الالكتروني الاخباري الاسرائيلي The Times Of Israel قبل أيام.

نائب اردني سابق