سلطت جريدة جنوب الصين الصباحية (SCMP) الضوء على خطة السكك الحديدية الأمريكية لجذب دول الشرق الأوسط بعيدًا عن الحزام والطريق الصيني، مشيرة إلى أن اقتراحها جاء من مناقشات مجموعة I2U2، وهو تحالف من الولايات المتحدة والإمارات والهند وإسرائيل، تأسس في عام 2021.
ويهدف التجمع إلى تبادل الاستثمارات والمبادرات المشتركة في مجالات المياه والطاقة والنقل والفضاء والصحة والأمن الغذائي، ويُنظر إليه على أنه تحالف تقوده الولايات المتحدة ردا على نفوذ الصين المتزايد في المنطقة.
ونوهت الصحيفة إلى وصف تشاس فريمان، السفير الأمريكي السابق لدى المملكة العربية السعودية، للخطة بأنها “سياسة خارجية خيالية وليست مبادرة جادة للبنية التحتية”، مشيرا إلى أن هدفها الرئيسي هو “تعزيز العلاقات الإسرائيلية مع دول الخليج العربية” وفقا لما ترجمه “الخليج الجديد“.
وشكك فريمان في جدوى المشروع وتمويله، بالنظر إلى أن الولايات المتحدة لم تكن معروفة ببناء السكك الحديدية، في حين أن الهند لديها صناعة سكك حديدية ذات مصداقية، ولكن ليس لديها القدرة على بناء خط سكة حديد حديث عالي السرعة.
وأضاف: “لا يوجد شيء في هذا الاقتراح لإغراء عرب الخليج بالابتعاد عن مزيد من التعاون في مبادرة الحزام والطريق الصينية”.
ويأتي المقترح الأمريكي بعد عقد من ابتعاد اهتمام الولايات المتحدة بالمنطقة لصالح التركيز على تنافسها مع الصين في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
وأعلنت الولايات المتحدة مرارًا وتكرارًا أنها لن تترك فراغًا في الشرق الأوسط تملؤه الصين، لكن بكين وسعت وجودها، وعقدت أول قممها على الإطلاق مع دول الخليج والدول العربية في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وتعهدت بتعميق التعاون في مجموعة من المجالات، من الطاقة إلى التجارة والتكنولوجيا.
وخطت الصين خطوة أبعد في مارس/آذار الماضي، عبر التوسط في اتفاق سلام بين السعودية وإيران، وهو انتصار دبلوماسي كبير لبكين، اعتبره الكثيرون انتكاسة كبيرة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
وكان رد فعل وسائل الإعلام في الهند على خطة البنية التحتية الأمريكية إيجابيًا، لكن المحللين رجحوا أن تكون دول الشرق الأوسط حذرة من الشراكة مع الولايات المتحدة في ظل عدم وضوح مصدر تمويل المشروع.
ووفقًا لمركز التمويل والتنمية الأخضر التابع لجامعة فودان، فإن المملكة العربية السعودية هي ثاني أكبر مستفيد من استثمارات الحزام والطرق في عام 2022، بينما شهدت استثمارات المبادرة الصينية في الشرق الأوسط نموًا قويًا بنحو 10%.
وقال لي شاوكسيان، خبير الشرق الأوسط في جامعة نينجشيا، إن دول المنطقة ستتردد في استثمار أموال كبيرة في المشروع الأمريكي، الذي لم يكن من أولويات التنمية الاقتصادية بالنسبة لها.
وأضاف: “على سبيل المثال، أولوية السعودية الآن هي رؤيتها 2030، لتحويل اقتصادها. وستظل بحاجة إلى قدر كبير من التمويل والاستثمار في المستقبل”، مضيفا: “بالتأكيد لن تكون المملكة المستثمر الرئيسي في المشروع الأمريكي”.
ورؤية 2030 هي استراتيجية السعودية لتنويع اقتصادها بعيدًا عن النفط والتركيز على قطاعات أخرى مثل البنية التحتية والصحة والسياحة.
وخلال زيارة الرئيس الصيني إلى المملكة، اتفق البلدان على تنفيذ أوجه التآزر المخطط لها بين رؤية 2030 وخطة الحزام والطريق.
وقال لي شاوكسيان، إن الصين لن تعارض المبادرة الأمريكية علنا، وستواصل مشاركتها في المنطقة، لكنه شكك في دوافع واشنطن.
وأوضح: “مشروع الولايات المتحدة سيفيد بلا شك البلدان المحلية. ليس هناك مشكلة في ذلك. ولكن قد لا يكون الدافع وراء ذلك هو تحقيق منافع لهذه البلدان”.
وأشار إلى “اعتبار سياسي واستراتيجي” وراء مقترح المشروع الأمريكي، من منظور المنافسة الجيوسياسية مع الصين، معتبرا أن ذلك “سيكون بمثابة أكبر انتكاسة للمشروع”.