الرئيسية / أخبار / منتدى الخليج: الاستثمار السعودي بأفريقيا يتزايد مع تلاشي النفوذ الإيراني

منتدى الخليج: الاستثمار السعودي بأفريقيا يتزايد مع تلاشي النفوذ الإيراني

سلط تحليل نشره مركز “منتدى الخليج العربي” للأبحاث والدراسات الضوء على تزايد وتيرة الاستثمارات السعودية في أفريقيا بالتزامن مع تلاشي النفوذ الإيراني في القارة السمراء.

وفي التحليل، أشار “جوناثان فينتون هارفي” الكاتب والباحث المتخصص في الجغرافيا السياسية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والخليج، إلى أن الاستثمار السعودية في أفريقيا كان في الماضي مدفوعا بتحقيق مكاسب سياسية وأهداف اقتصادية قصيرة المدى.

وعقب “هارفي” لكن الوضع مختلف في الوقت الحاضر، حيث تحقق الدولة الخليجية الغنية نجاحات مالية كقوة استثمارية عالمية في القارة السمراء وفقا لرؤية 2030.

وأوضح أنه بالإضافة إلى ذلك، فإن تطوير السعودية لعلاقاتها التجارية داخل أفريقيا، يساعدها أيضًا على إحباط خصمها التقليدي والأساسي المتمثل في إيران، لاسيما مع تصاعد التوترات بين الجانبين في السنوات الأخيرة.

ولفت الباحث إلى أنه بالنظر إلى أن إيران، رتبت بعناية علاقاتها الاقتصادية الخاصة مع الدول الأفريقية وتنظر إلى القارة السمراء كمسرح مهم للمنافسة الجيوسياسية، فإن غزوات السعودية الأخيرة والكبيرة في القارة تخدم أيضًا هدفها المتمثل في تقليص نفوذ طهران.

وذكر أنه كما يتضح من البصمة المتزايدة للصين في أفريقيا، تتطلع دول القارة شرقًا بحثًا عن شركاء استثماريين جدد، فيما تعد دول مجلس التعاون الخليجي خيارًا طبيعيًا للعديد من الدول الأفريقية، نظرًا لعلاقاتها القائمة مسبقًا مع القارة، وعدم إصرارها على الإصلاح السياسي، إضافة إلى الثقل المالي الكبير للدول الخليجية.

نفوذ متنامي

في غضون الأشهر الأخيرة، اتخذت السعودية عدة خطوات لتعزيز نفوذها في القارة السمراء، لا سيما في غرب أفريقيا، إذ التقي الرئيس الغيني “مامادي دومبويا” بالرئيس التنفيذي للصندوق السعودي للتنمية “سلطان عبد الرحمن المرشد” في 15 نوفمبر/ تشرين ثان

ونتج عن هذا اللقاء مذكرة تفاهم وافق فيها الصندوق السعودي على تقديم 8 ملايين دولار لمشروع مياه في البلاد، فيما سيقوم الصندوق ببناء 140 بئراً (سيتم تشغيل العديد منها بالطاقة الشمسية) فضلا عن توفيره مشاريع أخرى لتوصيل المياه، مثل خزانات المياه، للتخفيف من حدة الجفاف في المناطق الريفية في غينيا.

وباعتبارها ثالث أكبر اقتصاد في أفريقيا، فلطالما اعتبرت جنوب أفريقيا بوابة لممارسة الأعمال التجارية مع القارة، وقد اجتذبت استثمارات من الصين وقوى الشرق الأوسط الثرية. وفقًا لذلك، حاولت السعودية تعزيز علاقاتها مع بريتوريا.

وفي 17 أكتوبر /تشرين الأول، وقعت السعودية العديد من الصفقات الرئيسية مع جنوب أفريقيا بهدف تطوير صناعة الهيدروجين الوليدة في البلاد، فضلاً عن الطاقات والزيوت المتجددة الأخرى. وفي المجموع، بلغ إجمالي الاتفاقات حوالي 15 مليار دولار في التمويل السعودي.

وقد بُنيت هذه التطورات على تعهد شركة الطاقة السعودية “أكوا باور” بالاستثمار في صناعة الهيدروجين الأخضر في جنوب أفريقيا والتعاون في بناء محطة للطاقة المتجددة في جنوب أفريقيا.

وقبل أسبوع واحد فقط من اجتماع أكتوبر/ تشرين أول مع رئيس جنوب افريقيا، وافق الصندوق السعودي للتنمية على تقديم 5 ملايين دولار لإضاءة الشوارع التي تعمل بالطاقة الشمسية في جمهورية أفريقيا الوسطى.

وتتطلع السعودية إلى مضاهاة النفوذ الساحق لشريكتها الوثيقة ودول مجلس التعاون الخليجي، الإمارات العربية المتحدة، رابع أكبر مستثمر في أفريقيا بعد الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي

النفوذ الإيراني

حاولت إيران شق طريقها إلى أفريقيا جنوب الصحراء خلال العقد الماضي. وفي عام 2014، اعتبر الرئيس “حسن روحاني” علاقات طهران مع القارة “أولوية قصوى”.

وعلى نفس المنوال سار خليفة “روحاني”، الرئيس الحالي “إبراهيم رئيسي”، نفس الدرب، إذ أشار في اجتماع مع رئيس برلمان غينيا بيساو في أغسطس/ آب 2021 إلى أن “جميع قدرات التعاون مع الدول الأفريقية سيتم تفعيلها بشكل جدي”.

وأضاف أن أفريقيا، باقتصاداتها الناشئة ومواردها الطبيعية الوفيرة، لها أهمية كبيرة لقيادة إيران.

وعقب “مارفي” أن العلاقات الاقتصادية مع الحكومات الأفريقية توفر لطهران وسيلة للتخفيف من تأثير العقوبات الأمريكية والأوروبية على الاقتصاد الإيراني المتعثر، مشيرا إلي أن إقامة علاقات دبلوماسية وأمنية تساعد إيران على الهروب من خطر العزلة الدولية.

ووفق “مارفي”، فإنه على الرغم من أن إيران تابعت العديد من المشاريع الاقتصادية في دول مثل السنغال وغامبيا ومالي وسيراليون وبنين ونيجيريا وغانا، إلا أن “رئيسي” وسلفه “روحاني” أبقيا الاستثمار الإيراني مستهدفًا في الدول التي حاولت فيها إيران توسيع أهداف الثورة الإسلامية من خلال الثقافة والمبادرات الإعلامية.

ويبدو أن هذه التطورات ستستمر حيث قالت منظمة ترويج التجارة الإيرانية إنها ستفتح سبعة مراكز تجارية في أفريقيا بحلول نهاية مارس 2023.

يأتي ذلك بعد أن قام وزير الخارجية الإيراني “حسين أمير عبد اللهيان” بجولة في العديد من الدول الأفريقية في أغسطس/آب، بما في ذلك مالي، التي سعت إلى شركاء دبلوماسيين جدد بعد خلاف مع فرنسا وكانت بمثابة نقطة محورية لانخراط طهران المستمر في منطقة الساحل.

وذكر الباحث أن الانفتاح الاقتصادي والدبلوماسي السعودي على الدول الأفريقية يعطيها سببًا وجيهًا للاعتقاد بأن نفوذ طهران سوف يتضاءل مع نموها. كما تعمل الدول الأفريقية على تنويع علاقاتها الاقتصادية بما يتجاوز علاقاتها التقليدية مع الدول الغربية أو روسيا.

وفي واقع الأمر فإن إزاحة الصين للولايات المتحدة كمستثمر رئيسي في أفريقيا خلق بالفعل مساحة كبيرة للاعبين الآخرين لتكوين روابط اقتصادية خاصة بهم في أفريقيا.

وخلص “مارفي” إلى أنه غياب الثقل المالي لدول مجلس التعاون الخليجي أو القوى الاقتصادية العظمى مثل الولايات المتحدة والصين، قد تكافح إيران للاستمرار في المنافسة في القارة السمراء.