الرئيسية / أخبار / القيادة الكويتية حريصة على مناخ سياسي مستقر للمضي في إصلاحات مختلف عليها

القيادة الكويتية حريصة على مناخ سياسي مستقر للمضي في إصلاحات مختلف عليها

تحرص القيادة الكويتية على تذويب أي إشكالات قد تعوق التعاون بين الحكومة ومجلس الأمة، وتعمل على تمتين جسور الثقة بين المؤسستين، قبل فتح الملفات الشائكة التي تجد اعتراضات واسعة على غرار الإصلاحات الاقتصادية.

ويشكل تفعيل ملف العفو العام -الذي صدر بشأنه العام الماضي مرسوم أميري تم بموجبه الإفراج حينها عن عدد من المعارضين بينهم نواب سابقون قبل أن يتم تجميده- خطوة جديدة في سياق البناء على الانفراجة المسجلة بين الحكومة، التي يقودها ابن الأمير الحالي الشيخ أحمد نواف الأحمد الجابر الصباح، ومجلس الأمة.

وأصدر أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، في وقت متأخر الاثنين، مرسوما يحدد الجرائم التي ارتكبها مواطنون كويتيون، والمشمولة بالعفو.

وقال نائب رئيس الحكومة ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء براك الشيتان “بناء على أمر الأمير واستكمالا لملف العفو عن المواطنين الكويتيين (…) فقد نصت المادة الأولى من المرسوم على أن يعفى عفوا خاصا من تنفيذ مدة العقوبة المقيدة للحرية المحكوم بها على المواطنين الكويتيين عن خمس جرائم وقعت خلال الفترة من تاريخ 16 – 11 – 2011 ولغاية تاريخ 31 – 12 – 2021”.

ونقلت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) عن نائب رئيس الحكومة أن هذه اللجنة ستجتمع الخميس لمباشرة أعمالها.

والجرائم التي سيشملها العفو الأميري الخاص في الفترة الممتدة من العام 2011 إلى 2021 تتعلق بعمل عدائي ضد دولة أجنبية، وإذاعة أخبار كاذبة، والطعن بحقوق الأمير، والإساءة للقضاء، وإساءة استعمال هاتف.

ويرجح أن يطال العفو المنتظر العشرات من النشطاء المعارضين والمدونين الذين صدرت بحقهم أحكام سجنية. وأواخر العام الماضي أصدر الأمير نواف مرسومي عفو عن 36 اسماً بينهم 11 شخصاً تم وقف عقوبتهم فيما تم تخفيف عقوبة الآخرين.

وجاء القرار بعد التماس قدمه نواب في مجلس الأمة للعفو عن الكويتيين المدانين في قضايا ذات صبغة سياسية، وكان ذلك في إطار خطة للمصالحة الوطنية بدأتها الكويت آنذاك، قبل أن تتعثر مع تفجر الخلافات بين مجلس الأمة السابق وحكومة الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح.

أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح يصدر مرسوما يحدد الجرائم التي ارتكبها مواطنون كويتيون، والمشمولة بالعفو

وقد انتهت تلك الخلافات برحيل حكومة الشيخ صباح الخالد في يوليو الماضي، وحل مجلس الأمة وإجراء انتخابات تشريعية جديدة في سبتمبر أفرزت سيطرة شبه كاملة للمعارضة على المجلس الجديد.

وتعمل الحكومة الجديدة التي يترأسها الشيخ أحمد النواف على تعزيز مناخ الاستقرار السياسي وتفعيل مخرجات الحوار الوطني، حيث تدرك أنها لا تستطيع تحريك عجلة الإصلاحات لاسيما الاقتصادية منها دون كسب دعم نواب المجلس.

وتشهد الكويت انتعاشة مالية في الأشهر الأخيرة مدفوعة في ذلك بارتفاع أسعار النفط، ما مكنها من تجاوز الصعوبات التي واجهتها خلال السنوات الماضية، لكن خبراء يرون أن الحكومة في حاجة إلى إصلاحات هيكلية لاقتصادها، لتفادي الأزمات، وأن هذه الإصلاحات تستوجب حزمة من التشريعات هي إلى حد الآن محل اعتراضات واسعة من قبل المعارضة.

وانخفض العجز المالي في الكويت بنسبة 72 في المئة خلال سنة واحدة حتى مارس الماضي مقارنة بالأشهر الاثني عشر السابقة بسبب تعافي أسعار النفط.

وبحسب وكالة بلومبرغ فإن العجز المالي في الكويت تقلص إلى ثلاثة مليارات دينار (9.8 مليار دولار) بعد ارتفاع أسعار النفط هذا العام على خلفية العملية الروسية في أوكرانيا المستمرة منذ فبراير الماضي.

وسجل العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) أعلى إيرادات غير نفطية في سبع سنوات بارتفاع 38.5 في المئة إلى 2.4 مليار دينار، بحسب بيان لوزارة المالية الأحد، بينما زادت إيرادات النفط 84.5 في المئة إلى 16.2 مليار دينار.

وقالت وكالة بلومبرغ إن سنوات من التوترات السياسية عطلت الإصلاحات المالية المستوجبة في الكويت وأعاقت الجهود المبذولة لتنويع الاقتصاد المرتهن بالنفط وحان الوقت للمضي فيها.

وأدى الخلاف بين المجالس التشريعية السابقة والحكومات إلى الحيلولة دون إصدار قوانين تسمح للكويت بالاقتراض والسحب من صندوق الأجيال القادمة، وهو صندوق إدخار يزيد عن 700 مليار دولار مصمم للحياة بعد عصر النفط.

إطلاق مسار الإصلاحات الاقتصادية يستوجب حزمة من التشريعات هي محل اعتراضات من قبل نواب المعارضة

ولم تدخل البلاد السوق منذ طرح سندات دولية لأول مرة في عام 2017. وتصر المعارضة النيابية على أن على السلطة التنفيذية إدارة شؤونها المالية بشكل أفضل ومحاربة الفساد قبل اللجوء إلى الديون.

وقال وزير المالية عبدالوهاب الرشيد مؤخرا “بطبيعة الحال، ساعد ارتفاع سعر النفط في النصف الثاني من السنة المالية على دعم إيرادات الكويت”.

وأضاف “تمتلك الكويت واحدة من أقوى الميزانيات السيادية في العالم، مع واحدة من أدنى الديون السيادية إلى مستويات الناتج المحلي الإجمالي على مستوى العالم”.

ولم يتم تحويل 10 في المئة من إجمالي الإيرادات إلى صندوق الأجيال القادمة استنادا إلى قانون أقره مجلس الأمة عام 2020 بإيقاف مثل هذه التحويلات خلال سنوات العجز.

ويقدر الإنفاق بنحو 23.53 مليار دينار والإيرادات 23.40 مليار دينار، فيما يعتمد دخل النفط هذا العام على متوسط سعر متوقع قدره 80 دولارًا للبرميل.

وتبدو الفرصة متاحة أمام الكويت لإطلاق قاطرة الإصلاحات لاسيما في ظل الوفرة المالية الحالية، والتي لا يمكن الركون إليها حيث أنها تبقى خاضعة لتفاعلات الأزمة الأوكرانية.

ويرى خبراء أن على الكويت أن تسعى إلى بلورة تصورات جديدة تنهي الارتهان للنفط، وتضع البلاد على سكة تنويع مصادر الدخل، أسوة بمحيطها الخليجي الذي سبقها بأميال في هذا المسار.

وحثت لجنة المالية والاستثمار، المنبثقة عن مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الكويت، خلال اجتماعها الثالث لعام 2022 الذي انعقد مؤخرا، الحكومة على بلورة برنامج عمل جديد لتحقيق الإصلاح الاقتصادي والمالي، وإعادة هيكلة القطاع العام، وتطوير رأس المال البشري، وتحسين البنية التحتية وتوظيف الطاقات المتجددة، خصوصا في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية والتحولات المفصلية التي يعانيها العالم أجمع، وتقتضي وضع رؤية تنموية جديدة لتحرير الاقتصاد الكويتي من هيمنة النفط كمصدر رئيسي لإيرادات الدولة.