يواجه كثيرون من المواطنين الأفغان النازحين من أفغانستان إلى دول خليجية، من بينها الإمارات وقطر، مصيراً مجهولاً، في انتظار قرار صدور التأشيرات الخاصة بهم في الدول الغربية، وخصوصاً إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
وأدت سيطرة حركة “طالبان” على أفغانستان، في أغسطس 2021، إلى فرار عشرات آلاف الأفغان، الذين غالباً ما استماتوا في سبيل ذلك خشية تعرضهم للانتهاك من قبل الحركة، خصوصاً من شاركوا كمترجمين أو متعاونين في صفوف القوات الأمريكية.
ووفرت دول الخليج المسكن، والرعاية الصحية، والوجبات، والدواء، لمن تم إجلاؤهم من الأفغان، بعد وصولهم إلى أراضيها، وقدمت لعدد منهم اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، وأجرت فحوصات لغالبيتهم، لكن بعضهم، وخصوصاً في الإمارات، بدؤوا يشتكون من تأخر نقلهم إلى أمريكا أو دول غربية، وتعرضهم لمعاناة في مقر إقامتهم.
تأتي هذه التطورات تزامناً مع إعلان البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي جو بايدن أصدر أمراً بتجميد 7 مليارات دولار من أموال البنك المركزي الأفغاني، حيث ستقسم مناصفة بين مساعدات إنسانية للشعب الأفغاني وتعويض أهالي ضحايا 11 سبتمبر.
شكاوى في الإمارات
بعد مرور أكثر من 6 أشهر من وصولهم إلى أبوظبي، كشفت وسائل إعلام دولية عن احتجاجات اندلعت في صفوف آلاف اللاجئين الأفغان الموجودين منذ عدة أشهر في منشأة تخضع لرقابة مشددة بالعاصمة الإماراتية أبوظبي، للمطالبة بإعادة توطينهم في الولايات المتحدة.
وقالت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية ووكالة “رويترز”، في 10 فبراير 2022، إن اللاجئين الأفغان اشتكوا من ظروف “شبيهة بالسجن” بعد احتجازهم في المنشأة منذ شهور، بعد إجلائهم من أفغانستان، في أغسطس الماضي.
وأضافت “وول ستريت” أن الاحتجاجات كان مخططاً لها أن تنطلق، خلال الأيام المقبلة، لكنها اندلعت في 9 فبراير، بعد انتشار أنباء في صفوفهم تزعم قيام الشرطة السرية الإماراتية باعتقال أحد منظمي الاحتجاجات ويدعى عبد الجلال كاكار.
وذكرت أن آلاف الأفغان غادروا أماكن إقامتهم بعد حلول الظلام، وتجمعوا خارج مكتب دبلوماسي أمريكي، وهم يهتفون ويحملون لافتات كتب عليها: “نريد الحرية”، فيما حمل أطفال لافتات كتب عليها: “ستة أشهر في سجن مدى الحياة”، و”أنا أعاني نفسياً”.
ونقلت عن أحد المحتجين قوله إن الأوضاع في المنشآت تشبه السجن، وإن السلطات الإماراتية احتجزت بعض الأفغان مع بدء المظاهرات.
وذكر آخر أن مسؤولاً بالسفارة الأمريكية زار المنشأة بعدما بدأت الاحتجاجات، وقال إنه لا جدول زمني محدد للتعامل مع جميع الحالات، وإن من غير المرجح أن يذهب الجميع إلى الولايات المتحدة.
أعداد في الخليج
لم يتضح عدد اللاجئين الأفغان الذين ما زالوا في الإمارات، التي قالت، في سبتمبر الماضي، إنها أجلت 9000 أفغاني كانوا في طريقهم إلى دول ثالثة.
لكن تقديرات لنشطاء ومحتجين وفقاً لما ذكرته وكالة “رويترز” في وقتٍ سابق، تشير إلى وجود قرابة 12 ألف أفغاني في منشأتين في أبوظبي.
وأعلنت الإمارات، في سبتمبر أيضاً، أنها خصصت “مدينة الإمارات الإنسانية” في أبوظبي مكاناً لإقامة الأفغان الذين تم إجلاؤهم من بلادهم، وقالت إنها ستقدم لهم الخدمات والطعام والشراب خلال فترة وجودهم.
أما الكويت فكانت محطة أيضاً لعدد من الأفغان الذين تم إجلاؤهم من مطار كابل إلى منشأة عسكرية للتحالف في الكويت، لكن لم يعلم ما إن كانوا لا يزالون فيها أم غادروا الكويت.
اللاجئون في قطر
وفي قطر لا توجد أرقام دقيقة لعدد اللاجئين الأفغان الموجودين حالياً، باستثناء ما كانت قد ذكرته وسائل إعلام دولية من موافقة الدوحة على استقبال 8 آلاف شخص.
لكن وسائل إعلام أخرى ذكرت أنه خلال فترة الإجلاء غادر نحو 58 ألف شخص إلى دولة قطر، قبل وصول تأشيرات الدخول الخاصة بالكثير منهم إلى البلدان الغربية التي تعاونوا معها قبل وصول طالبان إلى السلطة.
وهؤلاء اللاجئون الأفغان هم من المتقدمين للحصول على تأشيرة الهجرة الخاصة الأفغانية (SIV) المخصصة للمترجمين والسائقين، وغيرهم ممن عملوا مع الأمريكيين خلال العقدين الأخيرين في أفغانستان، ويخشون انتقام حركة طالبان، وأفراد أسرهم وصل معظمهم في شهر أغسطس من العام الماضي.
وكانت آخر المعلومات حول عدد من تبقى في الدوحة قد جاءت على لسان مساعدة وزير الخارجية القطري لولوة الخاطر، التي قالت في منتصف سبتمبر الماضي، إن نحو ثلثي الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من أفغانستان إلى قطر قد انتقلوا إلى دول أخرى، مشيرة حينها إلى أنه “لا يزال نحو 20 ألف شخص في بلادها”.
خدمات كبيرة من الدوحة
ويقيم اللاجئون في قطر بمجمعات سكنية في حي “الريان” بالعاصمة الدوحة، كما بنت المزيد من المساكن للاجئين الأفغان، وفقاً لتصريح سابق للمسؤولة القطرية لولوة الخاطر.
وتشير الخاطر إلى أن قطر تقدم للاجئين الأفغان إلى جانب السكن والخدمات المختلفة أكثر من 60 ألف وجبة غذائية يومياً.
كما انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لمجموعة من المواطنين الأفغان تم إجلاؤهم من أفغانستان في فيلات مريحة بنيت خصوصاً لبطولة كأس العالم لكرة القدم 2022.
وفي ديسمبر الماضي، كشفت مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع عن اتفاقية شراكة استراتيجية تجمعها مع صندوق قطر للتنمية والجامعة الأمريكية بأفغانستان، يحظى خلالها الطلاب الأفغان الذين تم إجلاؤهم مؤقتاً إلى الدوحة من موطنهم الأصلي بالفرصة لمواصلة رحلتهم التعليمية في قطر.
وبموجب الاتفاقية، تستضيف مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، على مدار العامين المقبلين، مؤقتاً، مجموعة من طلاب الجامعة الأمريكية في أفغانستان وأعضاء هيئة تدريس بالجامعة وموظفيها، وذلك لتمكينهم من مواصلة دراستهم المنتظمة في الجامعة الأمريكية في أفغانستان، من خلال التمويل الحيوي الذي يُقدّمه صندوق قطر للتنمية.a