د. شهاب المكاحله
تفاجأت بالأمس حين قال لي زملاء وباحثون ضالعون في شؤون الشرق الأوسط وفي التنظيمات الإرهابية بأن الأردن ينوي بالتعاون مع روسيا تشكيل كيان عسكري جديد من فصائل عسكرية كانت تتبع للمعارضة السورية سابقاً. وبعد التحري والاستقصاء تبين أن مصدر المعلومة باحث بريطاني يريد التسويق لنفسه مُدعياً أن المفاوضات الأردنية الروسية تجري على قدم وساقٍ. وأردف الباحث المخضرم القول: “يهدف هذا التشكيل إلى وقف محاولات حزب الله وإيران من التوسع في جنوب سوريا عن طريق تجنيد الشباب السوري ضمن صفوفه”. وهنا انتهى الاقتباس.
وعلَق ذلك الباحث الذي يتبع أجهزة معنية بالأمر بان هناك “توافقاً روسياً أردنياً حول إعادة قادة سابقين في فصائل المعارضة إلى الجنوب السوري، وذلك بعد دخولهم الأردن في أثناء المعارك التي شهدتها المنطقة قبل أشهر” موضحاً بأنه تم “اقتراح قادة سابقين في المعارضة السورية لقيادة التشكيل الجديد، وهم قائد فوج المدفعية والصواريخ أبو سيدا، وقائد فرقة فلوجة حوران، رائد الراضي، والقيادي بجيش اليرموك عماد أبو زريق”.
واالسؤال المطروح: من أين لهم هكذا معلومة؟ ومن يقف وراء تسريبها وفي هذا الوقت؟ ولمصلحة من؟ يبدو لي أن من سربَها يُحيكُ مخططاً جديداً لسوريا وللأردن وحتى للعراق هذه المرة خصوصاً وأن التشكيل الجديد إن تم ذلك وفق ما يدعي ذلك الكاتب المقرب من صانعي القرار في بلده فإنه سيضم قادة عسكريين ممن توجهوا إلى الشمال السوري. إذ يدعي الكاتب أن قادة المعارضة السورية وهم براء النابلسي وأبو إياد القايد قد وصلوا إلى العاصمة الأردنية قادمين من تركيا لمناقشة تقاصيل التشكيل وكأنهم معهم على نفس الطائرة أو حتى كأنه ممن حضروا الاجتماع المزعوم.
ووفقاً لمواقع المعارضة السورية فإن الهدف من التشكيل هو مواجهة تمدد حزب الله وإيران في الجنوب السوري. وهنا تأتي الإشكالية التي لا بد من ذكرها: اتفق الأردن مع روسيا والولايات المتحدة على العودة التدريجية للآجئين السوريين مع التريث في الكثير من الحالات لأسباب إنسانية. فكيف يتوافق تشكيل كيان عسكري من المعارضة مع الاتفاق الأردني الروسي الأميركي عِلماً بأن هكذا كيان لا يخدم الاردن على الإطلاق بل يُعطل مصالحه وتقاربه الاقتصادي والسياسي من الحكومة السورية؟
وبعد التمحيص، فإن هذا الكيان يمكن أن يتشكل في الأسابيع القليلة القادمة وقُبيل نهاية العام 2018، وفق ما تقوله مصادر معارضة. فهل يهدف ذلك إلى قيام روسيا بتشكيل كيان من القبائل السنية في الجنوب على غرار ما فعلت الولايات المتحدة في العراق؟ هل فعلاً هناك مباحثات بين الأردن وروسيا في هذا السايق بعيداً عن الولايات المتحدة، وهذا مستبعد، لتشكيل ذلك الكيان لاحتواء المعارضة المسلحة في الجنوب تحت قيادة جديدة أو كيان سني؟.
مهما كانت التبريرات او الاستنتاجات فإنها مغلوطة لأنه ليس من مصلحة روسيا أو الأردن أن يتواجد على حدود المملكة الأردنية الهاشمية سوى الجيشين الأردني والسوري. وإذا كان الهدف من نشر الخبر الماضي عبر صفحات مختلفة تعطيل فرحة الأردنيين بفتح المعبر الحدودي مع سوريا فإن الجميع واهمون. روسيا لا تحتاج للتحالف السني كما يَدعَوُن لأنها استطاعت أن تبعد القوات الإيرانية والموالية لها من على الحدود الجنوبية والجنوبية الغربية مسافة 60 ميلاً.
أخشى من تلك المعلومات المسربة والتي تدخل في سياق حرب الاشاعة أن يكون وراءها مخططٌ يتم الإعداد له لإعادة داعش وأخواتها بحُلة جديدة لتدخل على خط الأزمة السورية قُبيل نهاية العام لتُعقد المشهد قبل أن يتم الحسم العسكري في إدلب وشرق سوريا وما “قاعدة التنف” وما يجري حولها من ذلك ببعيد.