د. شهاب المكاحله –
سان بطرسبرغ: إن المتابع للتصريحات السياسية الأردنية يرى أن ما تتحدث به الحكومة شئ وما يجري على أرض الواقع شئ آخر وهذا ليس بجديد ولكن الجديد اليوم هو اللقاء الذي جمع بين رئيسي مجلس النواب الأردني عاطق الطراونة ورئيس مجلس الشعب السوري حمودة الصايغ في 18 أكتوبر 2017في اجتماع مجموعة العمل المشكلة من قبل اللجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الدولي لمتابعة القضية السورية على هامش اجتماع الجمعية العامة (137) للاتحاد البرلماني الدولي والمنعقد في مدينة سان بطرسبرغ الروسية.
لعل المتابعين للشأن السوري والأردني اليوم يرون أن هكذا اجتماع ما كان ليتم لولاعدة أمور منها المتعلق برغبة كلا البلدين في طي صفحة أحداث سوريا 2011 والانتقال إلى مرحلة إعادة إعمارها بحيث يكون للأردن نصيب في ذلك كونه الجار الأقرب. كما أن السبب الثاني لهذا الاجتماع هو رغبة الحكومتين في فتح المنافذ الحدودية حتى يعاد شريان الحياة الاقتصادية إلى كلا البلدين علماً بأن التجارة البينية بين البلدين عبر المعبرين: (نصيب- جابر والرمثا- درعا) قد وصل في العام 2010 قبيل الاحداث المأساوية إلى 1.5 مليار دولار أميركي.
ولعل هذا اللقاء في روسيا يعكس أن روسيا لها دور كبير في هذا التقارب نظراً للدور العسكري والأمني الكبير في سوريا وخصوصاً بعد التوصل إلى تفاهم مع الجانب الأردني حول ضرورة إبعاد أية قوات إيرانية او موالية لها عن الحدود الأردنية بمسافة آمنة تتراوح ما بين 40 إلى 50 كلم.
وهذا اللقاء مهم في نظر الجميع لأن الأردن قد أكد على ضرورة الحل السلمي والحوار السوري-السوري والذي نادى به جلالة الملك عبد الله الثاني عشية اندلاع الأزمة السورية وتأكيده “أن الحل العسكري لن يجلب إلا المزيد من الإضطراب في المنطقة”مع تأكيد “أن الأردن حريص على وحدة سوريا وأراضيها، وأمنها واستقرارها”.
ولا بد لنا هنا من التقاط الرسائل التي عبر بها رئيس مجلس النواب الأردني لنظيره السوري وهي تتلخص في 3 أمور مهمة: أولاها أن الأزمة السورية وتداعياتها مرت بمرحلة الاختلاف بين النظام والمعارضة، وثانيها الاختلاف بين النظام والمعارضة وقوى الشر والإرهاب، والثالثة تكمن في أهمية التبادل الاستخباراتي والتجهيز للحرب الفكرية على الإرهاب. ولما كانت النقاط الأولى والثانية قد انتهت فإن ما تبقى هو المرحلة الثالثة والتي تعني أن هناك تبادل معلوماتي واستخباراتي للمعلومات عن المسلحين والإرهابيين وخلاياهم بين عمان ودمشق بتنسيق عالِ مع الجانب الروسي الذي يعتبر هو ضابط الاتصال بين الجانبين. كما أن نهاية الأزمة السورية باتت في ما تقوم به روسيا والولايات المتحدة حالياً فيما يتعلق بمذكرة إعداد دستور جديد لسوريا يتضمن مرحلة انتقالية تعقبها انتخابات، يكون للرئيس السوري بشار الأسد الحق في الترشح فيها.
وهذا ما أكد عليه في الاسبوع الماضي عدد من المسؤولين الخليجيين الذين التقيتهم هنا في روسيا والذين قالوا بالحرف الواحد: “نحن نحترم خيار الشعب السوري ومن سيختاره ليكون رئيساً” وهذا يعد تبدلاً كبيراً في سياسات خليجية طالما اتسمت بالتمسك بثوابت أن لا حل للأزمة السورية في ظل وجود ]الرئيس السوري[ بشار الأسد. واليوم نرى تبدل المواقف مع تبدل هجرة العرب من الغرب إلى الشرق (روسيا والصين).
وبات الحديث عن موضوع فتح المعابر هم الأردنيين المنشغلين في واقعهم المعاشي الصعب إذ أصبح يعول الكثير منهم على أن الحل لا يكون بالاعتماد على المساعدات الموعودة التي قد تصل أو لا تصل والتي إن وصلت تصل منقوصة. فعلاقة الأردن مع سوريا ما كانت على رتيبة واحدة لعقود مضت وهي لكلا الطرفين مبينة على مصالح. فهناك مصلحة سورية في فتح الحدود مع الأردن مثلما للأردن مصلحة في ذلك. واليوم وبعد لقاء قطبي مجلسي النواب الأردني والشعب السوري يمكننا الحديث عن نقلة نوعية في العلاقة بين البلدين قد تتمخض في القريب العاجل عن قرارات مهمة.
المصدر: Alawalnews