المهندس سليم البطاينه
هل رأيت جسداً لا يحمل روحاً، لا يتحرك، لا يشعر؟ واقف كـ تمثال في ميدان الخزي ! يُساق حيث يُقاد، ويُهان حيث يُهان، ولا يُبدي اعتراضا؟
هذا هو واقعنا العربي اليوم !!
هذا الواقع ما عاد افتراضياً !
نحن على أبواب العصر الصهيوني ! ان لم نكن قد تم إدخالنا فيه!
نتنياهو يصحو كل صباح من أجل حلم إسرائيل الكبرى (أرض الميعاد)، بينما تصحو غالبية الأنظمة العربية راضية بعالم عربي أصغر !
ما كان تاريخيا بالأمس نعيشه اليوم ! سابقاً كنا نقرأ عن الفكر الصهيوني وإسرائيل الكبرى ، نحاول ان نعثر على ترجمة واقعية لتلك الأفكار والمشاريع !
ومع مرور الزمن وتركيع وتطويع كثيراً من حكام المنطقة والإقليم ! لم يعد السؤال أين هو المشروع الصهيوني أو إسرائيل الكبرى ؟
الاهداف الاسرائيلية واضحة: فهي تسعى للتوسع مستغلة نقاط الضعف العربية ( الفقر والبطالة وغياب العدالة الاجتماعية والاستبداد وضعف العقيدة العسكرية العربية ! وتفكيك معظم الجيوش العربية لصالح إسرائيل ،، وضعف الجغرافيا السياسية والديموغرافية في بلدان المنطقة العربية ).
ومن يتابع التقارير والأبحاث الصادرة عن معهد : The Washington For Near Policy ، ومعهد Confucius Institute Of Philadelphia الأمريكي يعرف ان إسرائيل لم تعد خارج النظام العربي ! بل أحد مفاتيحه ! وتقترب من تحقيق حلمها الأكبر !
لديها مخطط خرائطي قيد التنفيذ تم عرضه على كثيرٍ من الزعماء العرب قبل سنوات ، تمتد حدوده من سيناء إلى خليج اسكندرون ! سيبدأ العمل فيه قريباً في المحور الممتد بين سوريا ومصر والأردن !
أجندة خفية تدور في الأفق ! علينا ان نُدركها ! وإن لم نفعل سنتعلّمها قريباً بطريقة مؤلمة جدا !
ولا أحد يريد الاعتراف بمخاطر تصريحات نتنياهو الأخيرة بأنه في مهمة تاريخيّة ، متمسك برؤية إسرائيل الكبرى
ماذا بقي لـلمكشوف والمستور ؟
إذلال واسع نتعرض له كل يوم من إسرائيل وقادتها ! دون ان يجرؤ احد ان يرد ! وكأننا شعب لقيط لا اصل ولا فصل لنا !
تلك هي إسرائيل في مرآة الحقيقة اليوم !
السكين وصلت رأس العنق الأردني ،، والأردن في قلب وعمق الاستهداف الإسرائيلي !
إلا تذكرون ( إيدي كوهين ) عندما هدد الملك عبدالله باحتلال الأردن بثلاث ساعات ! و بدبابتين فقط ؟ وان الجنود الإسرائيليون سيشربون الكوكتيل من لبناني سناك في عبدون !
ما أحوجنا الى قراءة التاريخ ،،، إسرائيل الكبرى وأرض الميعاد ليست مشروع وهمي ! بل مشروع سياسي وموروث عقائدي ، ومن الأدوات المهمة في الفكر الصهيوني يتكيف مع لحظات ضعف العرب.
لـ نقرأ كتاب ( اليهودي ومصيره THE JEW HIS DESTINY ) للكاتب الأمريكي Henry Ford الذي صدر في أمريكا عام ١٩٣٣ ،، وهذا ما ما كُتب على غلافه : لقد ثبت بالتنبؤات ان اليهود سيحلون قريباً في فلسطين ، و يعيدون تنظيم أنفسهم كأمة تصبح قائدة للعالم سياسياً وأقتصادياً ودينياً !
هل نحن دولة عاجزة عن الفعل ، نعيش واقع الخنوع للحاضر ، لا ندرك معنىً لـمخاطر إسرائيل التوسعية ؟
ام ان الخلل المنهجي قوض قدراتنا التحليلية ، وأفقدنا عملية الفهم الحقيقية لما تفكر به إسرائيل بتحويل أساطير عقائدية إلى مشروعات سياسية تُنفذ على الأرض !
خيارات حاضرنا تائهة ، لكن الشيء الوحيد الذي علينا ان نخافه هو الخوف ذاته ! لأنه بلا اسم ! أو عقل ! فـ هو الخوف الناجم عن الخطر الوجودي.
لا زلت أتذكر كلمات مذيع ( صوت العرب ) أحمد سعيد ، وكيف كان يتكلم عن معركة حزيران عام ١٩٦٧ ، وأنها دخلت مراحلها الأخيرة ! وأن الجيوش العربية سـتدخل تل أبيب اللّيلة !
وإذا بنا بعد ساعات نخسر كامل سيناء والجولان والضفة الغربية.
التاريخ لا يصنع بالتردد ، والإصرار على الإنكار غوص في فوضى الغضب ، وروح الرفض وروح الكرامة تحتاج إلى من يترجمها ،، والشعوب لا تنهض من غفوتها فجأة ! إلا حين تستيقظ عقولها
متى ننتصر لهذه الكرامة التي نفقدها يوما بعد آخر !
نقول بأعلى صوت : إسرائيل هي عدونا ! فـ إما ان نستفيق او نستمر في السقوط نحو قاع الذل واللّاكرامة.
كاتب ونائب سابق في البرلمان الاردني
جيوستراتيجيك ميديا ما وراء الخبر
