الرئيسية / أخبار / ملفات شائكة تنتظر الرئيس الجديد للبنان

ملفات شائكة تنتظر الرئيس الجديد للبنان

سيكون الرئيس اللبناني الجديد جوزيف عون، أمام طريق وعر جراء تحديات سياسية واقتصادية ودبلوماسية، بعد أزمات طاحنة تعرضت لها البلاد منذ 2019. وسيكون الرئيس المنتخب في حاجة ماسة إلى مد يد العون من المجتمع الدولي لتحقيق إصلاحات تعيد للبنان أملاً بنهاية تدهور اقتصادي.

 يواجه الرئيس اللبناني المنتخب جوزيف عون، ملفات شائكة ومعقدة مع توليه سدة الرئاسة بعد أكثر من عامين من فراغ رئاسي أفضى إلى أزمات سياسية واقتصادية وأمنية غير مسبوقة في البلاد.

وانتخب البرلمان عون رئيسا الخميس في ظل ظروف استثنائية يمر بها لبنان. فالخطوة تأتي بعد نحو شهر ونصف الشهر من بدء سريان اتفاق لوقف إطلاق النار وضع حدا لحرب شرسة شنتها إسرائيل على لبنان، العام الماضي، ما أسفر عن مقتل وإصابة الآلاف، إضافة إلى تدمير واسع للمباني في العديد من المدن والبلدات اللبنانية، بما في ذلك العاصمة بيروت.

ويُعد الحفاظ على وقف إطلاق النار، الذي بدأ سريانه في 27 نوفمبر 2024، تحديا بالغ الصعوبة أمام الرئيس الجديد، حيث تتجه الأنظار مجددا إلى جنوب لبنان، مع اقتراب انتهاء الفترة المحددة بـ60 يوما في الاتفاق كمهلة لانسحاب إسرائيل من الأراضي التي توغلت بها هناك.

وبموجب الاتفاق، يُفترض أن يكون الجيش اللبناني الجهة الوحيدة المسموح لها بحمل السلاح في الجنوب، مع تفكيك البنى التحتية والمواقع العسكرية ومصادرة الأسلحة غير المصرح بها، تحت إشراف لجنة دولية.

وتتجه أنظار اللبنانيين إلى البلدات الجنوبية القريبة من الخط الفاصل مع إسرائيل، حيث لا يزال الجيش الإسرائيلي متواجدا في بعضها، رغم انسحابه من عدد من المناطق وانتشار الجيش اللبناني فيها.

الحفاظ على وقف إطلاق النار، الذي بدأ سريانه في 27 نوفمبر 2024، يُعد تحديا بالغ الصعوبة أمام الرئيس الجديد

ويشكل الانسحاب الإسرائيلي الكامل هاجسا كبيرا للحكومة اللبنانية ولسكان المناطق الحدودية الذين يعانون من قيود الحركة.

وأسفر ت الحرب الإسرائيلية على لبنان عن نحو 4 آلاف قتيل و16 ألفا و520 جريحا، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص، وتم تسجيل معظم الضحايا والنازحين بعد تصعيد الحرب في 23 سبتمبر الماضي، وفق أرقام رسمية.

ويعتبر ملف إعادة الإعمار كذلك من أبرز التحديات التي تنتظر عون، إذ يترقب آلاف اللبنانيين إعادة بناء بلداتهم ومدنهم التي دُمرت جراء الحرب الإسرائيلية، خصوصًا في ضاحية بيروت الجنوبية ومناطق الجنوب والشرق.

ويدرك عون ذلك جيدا، لذلك كانت من ضمن تعهداته في الخطاب الذي ألقاه أمام البرلمان بعد انتخابه الخميس، “إعادة بناء ما دمره العدو الإسرائيلي في الجنوب والضاحية والبقاع وفي كل أنحاء لبنان.” لكن، وفقا لمراقبين، يواجه مشروع إعادة الإعمار عقبات كبيرة بسبب غياب خطط جاهزة، وصعوبة تأمين التمويل اللازم، في ظل الأزمة المالية التي تعصف بخزينة الدولة.

وبحسب تقرير للبنك الدولي، بلغت الخسائر الاقتصادية التي تكبدها لبنان نتيجة الحرب الإسرائيلية الأخير حوالي 5.1 مليار دولار، مع أضرار جسيمة في قطاعات التجارة والسياحة والزراعة. كما تضررت نحو 100 ألف وحدة سكنية، دُمر 18 في المئة منها بالكامل.

ومن بين الملفات البارزة الأخرى التي تنتظر عهد الرئيس الجديد، تنفيذ القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن، لاسيما القرار 1701، الذي ينص على وقف الأعمال العدائية في جنوب لبنان، وحصر السلاح بيد الجيش اللبناني وقوى الأمن التابعة للدولة.

الانسحاب الإسرائيلي الكامل يشكل هاجسا كبيرا للحكومة اللبنانية ولسكان المناطق الحدودية الذين يعانون من قيود الحركة

وهو ما أشار إليه عون في خطابة أمام البرلمان الخميس كذلك، إذ قال “عهدي أن أمارس دوري كقائد أعلى للقوات المسلحة وكرئيس للمجلس الأعلى للدفاع، بحيث أعمل من خلالهما على تأكيد حق الدولة في احتكار حمل السلاح.”

وأضاف “سنستثمر في الجيش لضبط الحدود وتثبيتها جنوبا وترسيمها شرقا وشمالا ومحاربة الإرهاب، بما يطبق القرارات الدولية، ويمنع الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان.”

و تُعد الأزمة الاقتصادية أيضا واحدة من أكبر التحديات التي تواجه عون، حيث دخل لبنان في دوامة الانهيار المالي منذ أواخر 2019، ما أدى إلى أزمة مصرفية غير مسبوقة، احتُجزت على إثرها أموال المودعين، بينما انهار سعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار.

ووصف البنك الدولي الأزمة الاقتصادية والمالية في لبنان، في تقرير له مؤخرا، بأنها واحدة من أسوأ ثلاث أزمات اقتصادية عرفها العالم، بسبب انهيار المؤسسات المالية، تدهور الظروف المعيشية، وشحّ الطاقة.

وتفاقمت الأوضاع أكثر بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة، ما زاد من الضغوط على الاقتصاد اللبناني.

ويعد ضبط العلاقات الخارجية للبلاد وعدم رهن القرارات بأي تدخلات خارجية من التحديات الهامة التي تشغل عون كذلك.

وشدد في خطابه على أنه “آن الأوان لنراهن على استثمار لبنان في علاقاتنا الخارجية، لا أن نراهن على الخارج للاستقواء على بعضنا.”

وتعهد في هذا الصدد بإقامة أفضل العلاقات مع الدول العربية الشقيقة، وبناء شراكات إستراتيجية مع دول المشرق والخليج العربي. ويشمل ذلك سوريا بعد سقوط نظام الأسد، حيث اعتبر أن لبنان لديه “فرصة تاريخية لبدء حوار جدي وندّي مع الدولة السورية، لمعالجة كافة المسائل العالقة بيننا.”

Thumbnail

وأوضح أن ذلك يشمل “مسألة احترام سيادة واستقلال كل من البلدين، وضبط الحدود بالاتجاهين، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي منهما، وملف المفقودين.”

وكذلك “حل مسألة النازحين السوريين لما لها من تداعيات وجودية على الكيان اللبناني، والتعاون مع السوريين والمجتمع الدولي لمعالجة هذه الأزمة.”

وانتخب البرلمان عون بأغلبية 99 نائبا من أصل 128، قبل أن يحلف القسم، ليصبح الرئيس الـ14 للبنان.

وجاء انتخاب عون ليضع حدا لفترة فراغ رئاسي تجاوزت عامين، وخلفت أزمة سياسية أثرت سلبا على كافة مناحي الحياة في البلاد. فجراء خلافات بين القوى السياسية، عاش لبنان فراغا رئاسيا منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في 31 أكتوبر 2022، وفشلت 12 جلسة سابقة للبرلمان في انتخاب رئيس للبلاد.

وقبل انتخابه رئيسا، كان عون قائدا الجيش منذ 2017، وأصبح خامس قائد جيش في تاريخ لبنان يصل إلى رئاسة الجمهورية والرابع تواليا، والرئيس الـ14 للبلاد على العموم.

وتستمر ولاية رئيس الجمهورية 6 أعوام، ولا تجوز إعادة انتخابه إلا بعد مرور 6 سنوات على انتهاء ولايته.

ويُعتبر رئيس الجمهورية في لبنان رمز وحدة الوطن وحامي الدستور، وله دور في توقيع القوانين وتعيين رئيس الوزراء بالتشاور مع مجلس النواب.

وحسب العرف السياسي السائد في البلاد، يجب أن يكون رئيس الجمهورية مسيحيا من الطائفة المارونية، بينما يعود منصب رئيس الحكومة للطائفة السنية، ومنصب رئيس مجلس النواب للطائفة الشيعية.