شدّد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الثلاثاء في الدوحة على أن “الوقت داهم” للتوصل إلى هدنة في غزة، وذلك في ختام جولة شرق أوسطية سعى خلالها لإقناع كل من إسرائيل وحركة حماس بالموافقة على “خطة تسوية” طرحتها واشنطن، لكن الاتفاق لا يزال بعيد المنال.
وفي محطّة بلينكن المقتضبة جداً في الدوحة في ختام هذه الجولة التاسعة له في المنطقة منذ اندلاع الحرب في غزة، لم يلتق الوزير الأميركي أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
وفي تصريح أدلى به على مدرج مطار الدوحة قبيل مغادرته عائدا إلى واشنطن، جدّد بلينكن دعوته حماس للموافقة على “خطة التسوية” الجديدة التي طرحتها واشنطن لوقف إطلاق النار في غزة والتي أكّد أنّ إسرائيل وافقت عليها.
وأضاف “هذا الأمر يجب أن يُنجز، ويجب أن يُنجز في الأيام المقبلة، وسنفعل كل ما أمكن لإنجازه”.
وتتبادل الدولة العبرية وحماس الاتهامات بتعطيل التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في القطاع المحاصر والمدمر والذي خلفت فيه الردود الانتقامية الاسرائيلية عشرات آلاف القتلى وتسببت بكارثة صحية وانسانية.
ووصل بلينكن إلى الدوحة آتياً من العلمين على ساحل مصر الشمالي حيث شدّد إثر لقائه الرئيس عبدالفتاح السيسي على “أهمية مواصلة العمل لتجنب تصعيد اقليمي”، بينما دعا السيسي من جانبه الى “إنهاء الحرب” في غزة.
وكان مقرراً أن يلتقي بلينكن في الدوحة أمير قطر، لكنّ مسؤولا أميركيا قال إن الشيخ تميم بن حمد شعر بتوعك وسيستعاض عن اللقاء بمحادثة هاتفية ستجرى قريبا.
وأجرى بلينكن محادثات مع وزير الدولة بوزارة الخارجية محمد بن عبدالعزيز بن صالح الخليفي.
وأشارت الوكالة القطرية إلى أنه جرى خلال الاجتماع استعراض “مستجدات جهود الوساطة المشتركة لإنهاء الحرب”.
وأفادت وكالة الأنباء القطرية (قنا) فجر الأربعاء أنّ رئيس الوزراء الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني الذي يشغل أيضاً منصب وزير الخارجية أجرى من كانبيرا حيث يقوم بزيارة رسمية اتصالا هاتفيا بالوزير الأميركي استعرض خلاله الرجلان “آخر تطورات جهود الوساطة المشتركة” حول وقف النار في غزة.
وقالت قنا إنّ المسؤول القطري شدّد على أهمية التوصل لاتفاق “يؤدي إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة والإفراج عن الأسرى والمحتجزين ويجنّب المنطقة تبعات التصعيد الإقليمي”، مؤكّداً “التزام دولة قطر دورها في الوساطة إلى جوار الشركاء” في مصر والولايات المتحدة و”استمرار جهودها واتصالاتها سعيا نحو إنهاء الحرب وإرساء السلام في المنطقة”.
وجاء في بيان للمتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتيل أن الوزيرين أكدا أن الاقتراح الذي قدمه المفاوضون عالج الفجوات المتبقية بطريقة تسمح بالتنفيذ السريع للصفقة.
ولم يوضح مسؤولون أميركيون ومن حماس ومصر وقطر مضمون الاقتراح أو كيف يختلف عن مقترحات سابقة.
وكان بلينكن أجرى محادثات في تل أبيب الاثنين، وأعلن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “أكّد له أن إسرائيل توافق على خطة التسوية” التي عرضتها واشنطن خلال جولة مفاوضات في الدوحة الأسبوع الماضي، مشدّدا على أن “من واجب” حركة حماس “أن تفعل الشيء نفسه”.
وفي واشنطن، قال الرئيس الأميركي جو بايدن الثلاثاء أن حركة حماس “تتراجع” عن خطة الاتفاق المطروحة. وأوضح أن التسوية “ما زالت مطروحة، لكن لا يمكن التكهّن بأي شيء”، مضيفا “إسرائيل تقول إن بإمكانها التوصل إلى نتيجة… حماس تتراجع الآن”.
لكنّ حماس اعتبرت أن تصريحات بايدن التي اتهم فيها الحركة بأنها “تتراجع” عن خطة التسوية في غزة، هي “ادعاءات مضلّلة”.
وقالت الحركة الفلسطينية في بيان “تابعنا… باستغرابٍ واستهجان شديدين، التصريحات الصادرة عن الرئيس الأميركي جو بايدن والتي ادعى فيها أن الحركة تتراجع عن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وذلك بعد ساعات من دعوة وزير خارجيته بلينكن للحركة للقبول بالمقترح الأخير”.
وأضافت أنّ “تصريحات بايدن وبلينكن هي ادعاءات مضلّلة، ولا تعكس حقيقة موقف الحركة الحريص على الوصول إلى وقفٍ للعدوان”.
وتتمسّك الحركة الفلسطينية بتنفيذ الخطة التي أعلنها بايدن نهاية مايو، ودعت الوسطاء إلى “إلزام الاحتلال بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه”.
وينصّ مقترح بايدن في مرحلة أولى على هدنة مدتها ستة أسابيع يرافقها انسحاب إسرائيلي من المناطق المأهولة في غزة والإفراج عن رهائن، وتتضمن مرحلتها الثانية انسحابا إسرائيليا كاملا من القطاع.
والثلاثاء، انتقد مسؤول أميركي يرافق بلينكن في جولته تصريحات “متشددة” نسبت إلى نتنياهو حول استمرار سيطرة إسرائيل على محور “فيلادلفيا” بين قطاع غزة ومصر، مؤكدا أنها “ليست بناءة” ولا تساعد في التوصل الى وقف لإطلاق النار مع حماس.
وقبيل مغادرته الدوحة شدّد بلينكن على أن “الوقت داهم” للتوصل إلى هدنة في غزة، ولفت إلى أن الولايات المتحدة ترفض احتلالا إسرائيليا “طويل الأمد” للقطاع.