يثير استعداد الولايات المتحدة لرفع حظر تصدير الأسلحة الهجومية إلى السعودية التساؤل عن الضمانات التي حصلت عليها واشنطن مقابل تنفيذ هذه الخطوة، التي تعكس انقلابا في الموقف الأميركي من السعودية.
وينظر البعض إلى الخطوة على أنها مقدمة أو بادرة حسن نوايا باتجاه تنفيذ الاتفاق الدفاعي الذي يعد التطبيع مع إسرائيل أحد أهم بنوده بالنسبة إلى واشنطن، في حين يقول محللون إن القرار الأميركي لا يمكن أن يتم دون الحصول على ضمانات سعودية بوقف تقدم العلاقات مع الصين.
وذكرت صحيفة فايننشال تايمز الأحد أنه من المتوقع أن ترفع الولايات المتحدة الحظر المفروض على بيع الأسلحة الهجومية للسعودية، ربما في الأسابيع المقبلة. ونقلت الصحيفة عن مصدر مطلع قوله “إن واشنطن ألمحت إلى الرياض فعلا بأنها مستعدة لرفع الحظر”.
وتبنى الرئيس الأميركي جو بايدن بعد فترة وجيزة من توليه منصبه في 2021 موقفا متشددا إزاء الحملة السعودية على الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن، بزعم أنها أوقعت خسائر فادحة في صفوف المدنيين، وحيال سجل الرياض في مجال حقوق الإنسان، خاصة مقتل المعارض السياسي والصحافي بصحيفة واشنطن بوست جمال خاشقجي عام 2018.
وأغضبت القيود المملكة، وهي أكبر زبائن الأسلحة الأميركية، إذ جمدت نوعا من مبيعات الأسلحة وفرته الإدارات السابقة في واشنطن على مدى عقود.
وتأتي هذه التطورات بالتزامن مع الإعلان عن قرب واشنطن والرياض من توقيع اتفاقيات في مجالات الطاقة النووية والتعاون الأمني والدفاعي، ضمن اتفاق أوسع للتطبيع بين السعودية وإسرائيل.
لكن صحيفة فايننشال تايمز قالت “إن رفع الحظر عن مبيعات الأسلحة الهجومية ليس مرتبطا مباشرة بتلك المحادثات”.
ويزعج تطور العلاقات بين السعودية والصين الأميركيين الذين من المرجح أن يكونوا قد اشترطوا على السعوديين إيقاف تقدم هذه العلاقات مقابل عودة التسليح.
وتطورت العلاقات السعودية – الصينية بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة، لاسيما أثناء مرحلة التوتر بين الرياض وواشنطن.
وتعد اتفاقية مقايضة العملات المحلية بين السعودية والصين مؤشرا واضحا على مدى تطور العلاقات بين الجانبين، بالإضافة إلى انضمام الرياض إلى تحالف بريكس.
وتتمتع الصين والسعودية بعلاقات تجارية واسعة النطاق في مجال الطاقة؛ لأن الأولى هي أكبر مستورد للنفط الخام في العالم، والثانية أكبر مصدر.
وتوسطت الصين في مارس 2023 لاستئناف العلاقات بين السعودية وإيران، وهو ما نتجت عنه تهدئة غير معلنة بين الرياض وأذرع طهران العسكرية في المنطقة، خاصة في اليمن حيث تستمر الهدنة منذ أشهر بالإضافة إلى توقف الحوثيين عن استهداف مواقع داخل السعودية.
وكان عدم الرد الأميركي على تلك الهجمات أحد عوامل توتر العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة. لكن ما يقلق الولايات المتحدة بشكل أكبر الأنباء المتعلقة بدراسة السعودية عرضا صينيا لبناء محطة طاقة نووية في المملكة.
وجاء العرض الصيني بالتزامن مع بدء محادثات أميركية – سعودية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، اشترطت خلالها الرياض تعاونا أميركيا لإنشاء برنامج نووي في المملكة.
ونقلت تقارير غربية في أغسطس الماضي عن مسؤولين سعوديين قولهم إن “ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مستعد للمضي قدما مع الشركة الصينية قريبا، إذا فشلت المحادثات مع الولايات المتحدة”.
وظل الأميركيون يعارضون حصول السعودية على دعم لإنجاز برنامج نووي خاص بها ضمن مسار إقليمي يتسم بسباق التسلح النووي بسبب البرنامج الإيراني.
وتدرس الرياض وواشنطن الآن تنفيذ اتفاق تعاون نووي مدني، في حين يتوقع محللون أن تضع واشنطن أمامه الكثير من العراقيل والقيود.
وكان من المقرر أن يزور ولي العهد السعودي الصين الأسبوع الماضي قبل أن يتم الإعلان عن إلغاء الزيارة والاكتفاء بإرسال وفد يضم وزير الاستثمار خالد الفالح بسبب خضوع والده العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز لعلاج من التهاب الرئة.
وكان من المقرر أيضا أن يرأس ولي العهد الجانب السعودي في اللجنة المشتركة رفيعة المستوى بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية في دورتها الثالثة بالعاصمة الصينية بكين، والإشراف في ختام اجتماعات اللجنة على توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مجالات الطاقة والاستثمار والنقل والتقنية.
وقال مصدران، مطلعان على خط سير زيارة الوفد، لرويترز إن المسؤولين السعوديين سيحضرون منتدى أعمال في الصين، ومن المتوقع أن تستمر الزيارة يومين.