الرئيسية / أخبار / تواطؤ في الإبادة.. الجامعات الأمريكية وتجريم التضامن مع غزة

تواطؤ في الإبادة.. الجامعات الأمريكية وتجريم التضامن مع غزة

وم 17 نيسان/ أبريل، نظّم طلاب جامعة كولومبيا في الحديقة الشرقية للحرم الجامعي مطالبين الجامعة بسحب استثماراتها من الشركات التي تستفيد من احتلال فلسطين. وبقيت خيامهم منتصبة لمدة يومين قبل أن توقف الإدارة أكثر من 100 طالب مشارك عن الدارسة وتطلب من شرطة نيويورك تفكيك المخيّم. ومن غير المستغرب أن يساهم هذا القمع في زيادة حجم ونطاق الاحتجاجات.

في وقت وجيز، أنشأ الطلاب في عشرات الكليات الأخرى – بما في ذلك جامعة مينيسوتا وبيتسبرغ وبيركلي وييل – في عرض متزايد لاتساع نطاق التعبير في الحرم الجامعي والحرب في غزة. اختلفت استجابة مجالس الجامعات. ففي 24 نيسان/ أبريل، أغلق ضباط مكافحة الشغب في جامعة تكساس في أوستن طريق المتظاهرين واعتقلوا 34 طالبًا على الأقل لرفضهم التفرّق. ومنذ تشرين الأول/ أكتوبر، علّقت الجامعات نشاط المجموعات الطلابية وقيّدت نطاق الخطاب الأكاديمي واستدعت الشرطة للمتظاهرين السلميين في الجامعات من مختلف أنحاء البلاد. ومع تزايد الدعوات لسحب الاستثمارات، طلبنا من الطلاب في جميع أنحاء الولايات المتحدة أن يشاركوا كيف استجابت جامعاتهم للاحتجاجات المطالبة بوقف إطلاق النار ودعم فلسطين.

منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، ردّت جامعة كولومبيا على الطلاب وأعضاء هيئة التدريس المؤيدين لفلسطين باتخاذ إجراءات عقابية ضدهم مثل تعليق نشاط منظمة “طلاب من أجل العدالة في فلسطين” ومنظمة “الصوت اليهودي من أجل السلام”، وهو إجراء دفع اتحاد الحريات المدنية في نيويورك ومنظمة فلسطين القانونية إلى رفع دعوى قضائية ضد الجامعة – على خلفية إعادة صياغة السياسات المتعلقة بالاحتجاجات الطلابية واقتصار الوصول إلى الحرم الجامعي على المنتسبين للجامعة فقط مما يحد بشدة من حرية الطلاب في الحركة والتعبير.

نسجت كلية بارنارد، إحدى المؤسسات التابعة للجامعة، على نفس المنوال من خلال تغيير قواعد سلوك الطلاب وفرض رقابة على الخطاب المؤيّد لفلسطين على موقع الكلية ومنع الطلاب من وضع أي زخارف على أبواب مساكنهم، وهي سياسة تم سنها بعد مواجهة 19 طالبًا على الأقل إجراءات تأديبية لمشاركتهم في احتجاج في الحرم الجامعي. وفي خضم هذه الإجراءات ضدّ الطلاب، تلقى الأستاذ المؤيد لفلسطين عبد القيوم أحمد إعلامًا بعدم تجديد عقده بعد أن اتُهمه في مقال لصحيفة “وول ستريت جورنال” بـ “التلقين السياسي” في الفصل الدراسي وذلك بناءً على مقطع فيديو وصف فيه “إسرائيل” بأنها “دولة استيطانية استعمارية”.

مخيم احتجاجي من أجل فلسطين في جامعة كولومبيا، نيويورك، 23 نيسان/ أبريل 2024.

في الرابع من أبريل/ نيسان، تم إيقاف أربعة طلاب مؤيّدين علناً لفلسطين عن الدراسة وتم إخطارهم بإخلاء مساكنهم في الحرم الجامعي فيما يبدو بسبب حدث غير مصرّح به في الحرم الجامعي وعدم امتثالهم للمحققين الخاصين الذين عينتهم الجامعة. أخبرني أحد الطلاب الموقوفين، أيدان باريسي، بأنه منذ تسلّم إشعار الإيقاف الخاص بهم لم يتلقوا ملفًا شاملاً حول التفاصيل الإضافية لإيقافهم ولا حتى موعدًا لتحديد جلسة استماع حول ما إذا كان سيتم فصلهم أم لا.

رغم المحاولات العديدة التي بذلتها الإدارة لإسكات الناشطين الطلابيين، اجتمع المئات من طلاب جامعة كولومبيا في 17 نيسان/ أبريل لإنشاء مخيّم للتضامن مع غزّة في وسط الحرم الجامعي – وهو احتجاج واضح للغاية كان المقصود منه تقليد الإجراءات المماثلة التي تمت في الحرم الجامعي في ستينيات القرن العشرين على خلفية تورّط جامعة كولومبيا في تمويل حرب فيتنام. وبحلول 18 نيسان/ أبريل، طلبت رئيس الجامعة نعمت شفيق من ضباط شرطة نيويورك إخلاء المخيّم، مما أدى إلى اعتقال أكثر من 100 طالب، أعقبه إيقافهم الفوري عن الدراسة. وقد أدى ذلك إلى معارضة هائلة من الطلاب والخريجين وأعضاء هيئة التدريس، مع ذلك تواصل الجامعة التهديد باستدعاء الحرس الوطني ضد الطلاب المحتجين في 23 نيسان/ أبريل، وذلك وفقًا لفرع “طلاب من أجل العدالة لفلسطين” في كولومبيا.

مع استمرار الاحتجاج وتردّد صداه في كامل أنحاء البلاد، كانت جامعة كولومبيا معادية باستمرار للصحافة، وفي 21 نيسان/ أبريل، حاول ضباط السلامة العامة بالجامعة إجبار مراسلي إذاعة الطلاب – الذين غطوا الاحتجاج يوميًا منذ بدايته – على التوقف عن البث.

جامعة براون – نيكولاس ميلر

منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، شهِد حرم جامعة براون سلسلةً من الاحتجاجات الطلابية المتصاعدة التي دعت الجامعة إلى سحب استثماراتها من المؤسسات التي تدعم الحكومة الإسرائيلية. وقد رفضت الإدارة حتى الآن مطالب سحب الاستثمارات وأنزلت عقوبات بالطلاب المحتجين. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر، اعتقلت الجامعة 20 طالبًا يهوديًا اعتصموا في مبنى الإدارة بتهمة التعدي على ممتلكات الغير، ووعدوا بتوجيه تهم جنائية ضدهم.

ولكن عشية استدعاء الطلاب طلبت الجامعة من مدينة بروفيدنس إسقاط التهم، بهدف تخفيف التوترات في الحرم الجامعي بعد إطلاق النار على طالب فلسطيني من جامعة براون في نهاية الأسبوع الماضي في برلينغتون، فيرمونت. وفي كانون الأول/ ديسمبر، نظّم عشرات الطلاب الآخرين اعتصامًا آخر في المبنى الإداري. ومرة أخرى، اعتقلت الجامعة هؤلاء الطلاب واستمرت في متابعة التهم الموجهة إليهم. وتم تقديمهم للمحاكمة في شباط/ فبراير وتمت تبرئتهم من جريمة التعدي المتعمد على ممتلكات الغير.

احتج المئات من طلاب تيمبل ودريكسيل وجامعة بنسلفانيا في حرم جامعة بنسلفانيا، حيث خرج الأساتذة من الفصول الدراسية. كما نصب الطلاب خيامًا تضامنًا مع مخيم طلاب جامعة كولومبيا، 25 نيسان/ أبريل 2024.

وضعت الإدارة هؤلاء الطلاب تحت المراقبة في الشهر الماضي، وهو وضع يتم بموجبه “التدقيق أكثر في انتهاكات السلوك الإضافية من قبل الطلاب ومعاقبتهم بشكل أكثر صرامة”. وكجزء من العقوبة، أُمِر طلاب الاعتصام الثاني بكتابة بيان حول مدى تعارض أفعالهم مع قيم الجامعة أو إنشاء مواد إعلامية حول سياسة الجامعة الاحتجاجية. في المقابل، لم يخضع المتظاهرون اليهود العشرين الذين شاركوا في الاعتصام الأصلي للمراقبة، وإنما طُلب منهم كتابة ورقة بحثية من 10 صفحات بشكل فردي أو كمجموعة حول عملية سحب الاستثمارات في الجامعة.

ومنذ الاعتصامين، توعّدت الإدارة بفرض عقوبات أشد على المتظاهرين بما في ذلك توجيه “تهم جنائية أكبر” ضدهم. وفي 24 نيسان/ أبريل، بدأ حوالي 80 طالبًا إقامة خيمة في حديقة الحرم الجامعي المركزي. وفي رسالة بالبريد الإلكتروني في اليوم السابق، حذّرت الإدارة من أن المشاركة في المخيمات الاحتجاجية قد تؤدي إلى الإيقاف عن الدراسة. وليس هناك أي مؤشرات على أن قمع جامعة براون للاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين سينتهي في أي وقت قريب.

جامعة ييل – ماغي جريثر

يوم الإثنين 22 نيسان/ أبريل، اقتحمت شرطة ييل مخيّمًا مؤيدًا لسحب الاستثمارات في الحرم الجامعي واعتقلت 44 طالبًا متظاهرًا. جاءت هذه الاعتقالات بعد أسبوع واحد من بدء الطلاب الاحتجاج في باينكي بلازا الواقعة في وسط حرم جامعة ييل تحت شعار “احتلوا باينكي”. كان لدى المتظاهرين مطلبان: أن تكشف جامعة ييل عن ممتلكاتها، وأن تسحب استثماراتها من الشركات المصنعة للأسلحة العسكرية – والأهم من ذلك أي شركة تزوّد الجيش الإسرائيلي بالأسلحة.

في الليلة السابقة، احتشد حوالي 600 شخص في الساحة حيث حثّ المنظمون الطلاب على التجمّع لحماية المخيّم. (حدد المنظمون توقيت مظاهرة “احتلوا ساحة باينكي” ليتزامن مع الاجتماع الأخير للفصل الدراسي لجامعة ييل، الذي انعقد يوم السبت). شبك المتظاهرون أذرعهم وطوّقوا مجموعة من نحو 40 خيمة، وهم يهتفون ويغنّون “لن نتحرك”. في تلك الليلة، عرضت إدارة الجامعة على المنظمين لقاء اثنين من أعضاء مجلس الأمناء في حال غادروا وأخذوا جميع متعلقاتهم. لكن رفض المنظمون ذلك، وقالوا إن الجامعة منحتهم 10 دقائق لقبول الصفقة وأنهم لن يغادروا الساحة دون وعد بالكشف أو سحب الاستثمارات.

قالت عضوة من المنظمين في حركة “احتلوا ساحة باينكي” – طلبت عدم الكشف عن هويتها خوفًا على سلامتها – إنها تعتقد أن المطالبات بسحب الاستثمارات في جامعة ييل تكتسي أهمية خاصة لأن استراتيجية الاستثمار في الجامعة لها تأثير كبير على الاستثمار المؤسسي. وقالت: “لا أريد أن ألتحق بجامعة متواطئة في تدمير كل مدرسة في غزة. ويتعلق الأمر باتخاذ جامعة ييل موقفًا أخلاقيًا ضد تدمير المدارس”.

مخيم احتجاجي من أجل فلسطين في جامعة كولومبيا، نيويورك، 23 نيسان/ أبريل، 2024.

بدأت شرطة نيويورك اعتقال الطلاب في السابعة صباحًا يوم الإثنين. وبينما قال منظمو حركة “احتلوا ساحة باينكي” إن الإدارة وعدت بأنه سيكون هناك ثلاثة تحذيرات للتفريق أو الاعتقال أصدرت الشرطة تحذيرًا واحدًا فقط قبل أم تعتقل المتظاهرين بتهمة التعدي على ممتلكات الغير، وهي جنحة من الدرجة الأولى.

أشار آدم نوسباوم، وهو طالب مشارك في حركة “احتلوا ساحة باينكي” ومنظمة “يهود من أجل وقف إطلاق النار”، إلى أن سحب جامعة ييل استثماراتها من تجار تجزئة الأسلحة الهجومية في سنة 2018 كان سابقة لسحب الاستثمارات التي يُطالب بها الطلاب المتظاهرون الآن. وأضاف “أشعر بعدم الارتياح الشديد عندما أرى التنافر بين خطاب جامعتي ومواقفها تجاه النمو وإنتاج المعرفة، وارتباطاتها الماديّة بتصنيع الأسلحة التي تنتج الموت في فلسطين والولايات المتحدة وفي جميع أنحاء العالم”.

جامعة ميشيغان – نات ليتش

في 17 تشرين الثاني/ نوفمبر، احتشد طلاب جامعة ميشيغان في ساحة دياغ واحتلوا مبنى إدارة روثفين الذي يضم مكتب العميد سانتا أونو. اعتُقِل أكثر من 40 طالبًا بعد حرمانهم من الطعام والماء والوصول إلى الحمامات. وعندما أغمي على أحد الطلاب، أخّرت الشرطة دخول المسعفين. ثم قامت شرطة الحرم الجامعي بإلقاء إحدى الطالبات على الأرض ونزع حجابها.

بعد أقل من أسبوعين، أذِن أونو بإلغاء استفتاء المجلس الطلابي على قرار دعا جامعة ميشيغان إلى سحب الاستثمارات. كذّبت الإدارة ذلك وألقت باللوم على “تحرير” – وهو تحالف يضم 80 منظمة تناضل من أجل سحب الاستثمارات من “إسرائيل” – لإرسال بريد إلكتروني “غير مصرّح به”، على الرغم من أنه تمت الموافقة عليه مسبقًا من قبل أحد موظفي الجامعة واتبع قواعد حملة المجلس الطلابي. ونتيجة لذلك، تم استجواب طالبتين جامعيتين محجبتين.

منذ ذلك الحين، تم استجواب طالبي دراسات عليا وطالب يهودي. وفتّشت الشرطة منازل هؤلاء الطلاب مرةً لمصادرة الأجهزة الإلكترونية وأخذ عينات من الحمض النووي، ومرةً أخرى لإصدار تحذير بأثر رجعي على الاحتجاج في حفل التخرّج تمامًا كما فعلت “حركة العمل الأسود” في سنة 1970. وقد اعتُقل أحد الطلاب بينما كان يهم بدخول اجتماع مجلس إدارة الجامعة وآخر تم إيقافه تعسفيًا وتذكيره بأنه يواجه رفقة 45 طالبًا آخرين تهمًا مؤجّلة – بما في ذلك جنايات محتملة – لمشاركتهم في احتجاج 17 تشرين الثاني/ نوفمبر

لم يعقد ممثلو ائتلاف “تحرير” حتى الآن اجتماعًا مباشرًا مع سانتا أونو كما هو مطلوب. وبدلاً من ذلك، سمح لشرطة الحرم الجامعي بمعاملة الطلاب بوحشية وتعريضهم للخطر. ورغم عدم تنفيذها بعد، تم اقتراح وصياغة “سياسة عن الأعمال التخريبية” التي من شأنها حظر جميع أشكال الاحتجاج في جامعة ميشيغان. وأكد مجلس إدارة الجامعة أن هناك المزيد من القمع.

مخيم احتجاجي من أجل فلسطين في جامعة كولومبيا، نيويورك، 23 نيسان/ أبريل، 2024.

جامعة كورنيل – ماهر بهاتيا

في بداية السنة الدراسية، أعلنت جامعة كورنيل بجرأة أن “حريّة التعبير” ستكون موضوعها الرئيسي، لكن تصرفات الجامعة تتناقض مع هذا التعهّد.

منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، أصبحت جامعة كورنيل معقلًا للمعارضة. وفي الأسابيع التالية، شهِد الحرم الجامعي موجة من الاحتجاجات وإضرابات الموت واحتلال مباني الحرم الجامعي من قبل الطلاب المؤيدين لفلسطين للمطالبة بإنهاء كورنيل صلاتها المالية بمقاولي الدفاع المتورطين بشكل مباشر في هجمات الجيش الإسرائيلي على غزة والضفة الغربية.

مع بداية الفصل الدراسي الجديد، أصدرت إدارة جامعة كورنيل في كانون الثاني/ يناير سياسة جديدة للأنشطة التعبيرية المؤقتة بفرض لوائح صارمة على مظاهرات الطلاب. وبموجب القواعد الجديدة، باتت أي تجمعات خارجية تتجاوز 50 شخصًا في حرم جامعة كورنيل في إيثاكا تتطلب التسجيل المسبق. وكانت الموافقة على استخدام مكبرات الصوت بأنواعها تقتصر على حيز زمني ضيّق من الظهر حتى الساعة الواحدة بعد الظهر وعلى مناطق محددة في الحرم الجامعي، وتكون جميع الملصقات مؤرخة وتتضمن اسم منظمة كورنيل الراعية.

أدان أعضاء هيئة التدريس في جامعة كورنيل وأعضاء مجلس الطلاب القواعد الجديدة علنًا، وانتقد العديد منهم القيود الصارمة التي تفرضها السياسة الجديدة على حرية التعبير والافتقار التام إلى المدخلات من الهياكل المشتركة لإدارة الجامعة. ورد الفعل العنيف هذا دفع الإدارة إلى التراجع عن بعض القيود التي فرضتها – وهي الآن “تشجّع بقوة” التسجيل المسبق للاحتجاجات، مثلًا – في حين أبقت القيود الأخرى.

مخيم احتجاجي من أجل غزة وفلسطين في جامعة جورج واشنطن، 26 نيسان/ أبريل، 2024.

لا يوجد مؤشرات على أن التوترات في الحرم الجامعي قد تتراجع في أي وقت قريب. والمضي قدمًا في الاحتجاج سوف يتطلب أكثر من مجرد خطابات رنانة. إنه يتطلب اتخاذ إجراءات ملموسة من جانب إدارة جامعة كورنيل، التي لم تعمل حتى الآن على ضمان حماية حرية التعبير لكل طلابها.

جامعة كاليفورنيا، بيركلي – أمبر إكس تشين

في 22 نيسان/ أبريل، أصبحت جامعة كاليفورنيا في بيركلي أول كلية في كاليفورنيا تنشئ مخيمًا للتضامن مع غزة. ردًا على ذلك، قال المتحدث باسم الجامعة دان موغولوف لصحيفة “ديلي كاليفورنيان” إن الجامعة “ستتخذ الخطوات اللازمة لضمان عدم تعطيل الاحتجاج لعمليات الجامعة” وأكد مجددًا أنه “لا توجد خطط لتغيير سياسات وممارسات الاستثمار في الجامعة” من خلال سحب الاستثمارات.

تتمتع جامعة كاليفورنيا في بيركلي، مسقط رأس حركة حرية التعبير، بسمعة تستحقها عن جدارة في النشاط الطلابي. وبناء على ذلك، من غير المفاجئ أن ينظّم الطلاب احتجاجات يومية خارج بوابة ساثر التاريخية، مطالبين بإنهاء استثمار الجامعة بقيمة ملياري دولار في شركة “بلاك روك”، التي تمتلك حصصًا كبيرة في شركات تصنيع الأسلحة التي تسلّح الجيش الإسرائيلي. مع ذلك، تستمر إدارة جامعة كاليفورنيا في بيركلي في إخضاع المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين لمعايير مزدوجة.

منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، أصدرت المستشارة كارول كريست سلسلة من البيانات تزعم أن الأولوية القصوى للجامعة هي حرية التعبير، لكن الجامعة لا تتمسك بقيمها عندما تقترح تغيير سياسات الحرم الجامعي لعرقلة الاحتجاجات “التخريبية” عند بوابة ساثر (كيف يكون الاحتجاج إن لم يكن مثيرًا للمتاعب؟) أو عندما تفشل في إدانة المضايقات التي يواجهها الطلاب النشطاءالمؤيّدون للفلسطينيين بنفس القدر الذي تدين فيه معاداة السامية.

وما يثير القلق أيضًا الحادث الذي وقع بعد احتجاج قاده الطلاب ضد خطاب ألقاه ران بار يوشفاط، وهو جندي سابق في الجيش الإسرائيلي، عندما سمحت جامعة كاليفورنيا في بيركلي لشرطة الجامعة بنشر صور المتظاهرين الأفراد علنًا في محاولة للتعرف على أولئك الذين زُعم أنهم “ارتكبوا عملا إجراميًا واحدًا أو أكثر”.

لقد استفادت جامعة كاليفورنيا في بيركلي بشكل كبير من علامتها التجارية باعتبارها موطنًا نشطًا للنشاط وحرية التعبير. لكن تذكّروا أن حركة حرية التعبير انطلقت ضد سياسات الجامعة القمعية وقُمعت بعنف من قبل شرطة الجامعة. لقد ناضل الطلاب دائمًا لدعم هذه القيم، وليس جامعة كاليفورنيا في بيركلي.

احتج المئات من طلاب تيمبل ودريكسيل وجامعة بنسلفانيا في حرم جامعة بنسلفانيا، حيث خرج الأساتذة من الفصول الدراسية. كما نصب الطلاب أيضًا خيامًا تضامنًا مع معسكر طلاب جامعة كولومبيا، في 25 نيسان/ أبريل 2024.

معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا – ريتشارد سولومون

كان رد فعل معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا قاسيًا على الاحتجاجات الطلابية الداعمة لوقف إطلاق النار في غزة، مما يعكس علاقات المعهد طويلة الأمد مع “إسرائيل”. منذ سنة 2008، تلقت مختبرات معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا تمويلًا بملايين الدولارات من وزارة الدفاع الإسرائيلية لإجراء أبحاث في نطاق استهداف الصواريخ الباليستية والمراقبة والحرب السيبرانية وتكنولوجيا الطائرات المسيّرة.

وتستضيف الجامعة فعاليّات لربط الطلاب وأعضاء هيئة التدريس بمصنعي الأسلحة مثل إلبيت ورايثون وكاتربيلر وبي إيه إي سيستمز التي تزود الجيش الإسرائيلي بطائراته المسيّرة وجرافات دي-9 والطائرات المقاتلة والمدفعية. حتى أن شركة لوكهيد مارتن ترعى صندوقًا أوليًا بقيمة 150 ألف دولار، يديره معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، لربط الطلاب بمختبرات الأسلحة ومكاتبها في إسرائيل.

كانت استجابة المعهد للدعوات المتزايدة من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس لسحب الاستثمارات وتبني موقف واضح ومبدئي بشأن فلسطين قمعيةً. منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، نظّم تحالف معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ضد الفصل العنصري، الذي يمثل أكثر من 15 مجموعة طلابية، إضرابات ووقفات احتجاجية وحلقات تدريس واعتصامات في عدة مناسبات، وكان أبرزها في السابع من تشرين الثاني/ نوفمبر و12 شباط/فبراير، عندما نظّم طلاب معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا اعتصامًا.

ردًا على ذلك، هدّد المسؤولون الطلاب المشاركين بإيقاف عن الدراسة. وقامت شرطة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بإلغاء فعاليات التدريس المقررة وفشلت في التدخل عندما قام المحرضون بمضايقة الطلاب المؤيدين لفلسطين، وفي بعض الحالات الاعتداء عليهم. في 13 شباط/ فبراير، أرسلت العميد سالي كورنبلوث خطابًا على مستوى الحرم الجامعي يعلق رسميًا عمل تحالف معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ضد الفصل العنصري بموجب تطبيق انتقائي للغاية للقواعد وتم إغلاق موقعه الإلكتروني، وفُرضت عقوبات رسمية على 13 منظمًا طلابيًا، وحُرم الخريجون من حقوق التمثيل النقابي في العملية التأديبية.

لم يبق مجتمع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا مكتوف الأيدي. في 23 آذار/ مارس، صوّت الطلاب الجامعيون بهامش 2-1 في استفتاء على مستوى الحرم الجامعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار في غزة، والوقوف مع المنظمين الطلابيين من أجل فلسطين، وقطع العلاقات البحثية مع الجيش الإسرائيلي. وفي 19 نيسان/ أبريل، صوّت أعضاء اتحاد طلاب الدراسات العليا بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بنسبة تزيد عن 70 بالمئة لاعتماد قرار مماثل. وقد وقّع الآلاف على تعهد “لا علوم للفصل العنصري”. وابتداءً من 21 نيسان/ أبريل، قام طلاب معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بتنظيم معسكر “علماء ضد الإبادة الجماعية”، وتعهّدوا بالاستمرار حتى تستسلم مؤسسة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لإرادة الأغلبية في مجتمعها ومطالب الصحوة.

جامعة سينسيناتي – زوري بوب

على عكس بعض الجامعات الأخرى، لم تكن جامعة سينسيناتي قمعية بشكل علني في معاملتها للمنظمين المؤيدين لفلسطين. وبدلاً من ذلك، فإن بيئتنا معادية بهدوء. يدرك جميع المشاركين في منظمة “طلاب من أجل العدالة في فلسطين” والمنظمات الحليفة المخاطر التي تشكلها مثل هذه الانتماءات على سمعتهم. وحسب ما ورد، يشعر أعضاء هيئة التدريس بالقلق من الإضرار بمسيرتهم المهنية من خلال تقديم المشورة لهذه المنظمات. كان أحد زملائي الذي يعمل في صحيفة الكلية يخشى أن يؤدي مقاله إلى نبذه من قبل أقرانه. وبينما يُسمح لأعضاء “طلاب من أجل العدالة في فلسطين” بالاحتجاج في جامعة سينسيناتي، فإن هذه الاحتجاجات غالبًا ما تكون مصحوبة بحضور مكثّف للشرطة.

هذا لا يعني أن حكومة ولاية أوهايو لا تعارض بشدة المنظمين المؤيدين لفلسطين. في سنة 2016، وقّع الحاكم جون كاسيتش قانونًا يحظر على وكالات ولاية أوهايو التعامل مع الكيانات التي تقاطع إسرائيل، وكان مشروع قانون مجلس الشيوخ عدد 83 سيحظر جميع أنشطة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات في كليات أوهايو.

احتج المئات من طلاب تيمبل ودريكسيل وجامعة بنسلفانيا في حرم جامعة بنسلفانيا، حيث خرج الأساتذة من الفصول الدراسية. كما نصب الطلاب أيضًا خيامًا تضامنًا مع معسكر طلاب جامعة كولومبيا، في 25 نيسان/ أبريل 2024.

إن القمع في الحرم الجامعي أكبر. إنه الشعور الذي يجعل شخصًا ما يقرر عدم المشاركة في مسيرة “طلاب من أجل العدالة في فلسطين” لأنه قد يفقد أصدقاءه، أو يختار عدم التحدث علنًا على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب احتمال حدوث مضايقات. إنه السبب الذي يجعلك تفكر مرتين قبل إزالة اسمك من العريضة. إنه الخوف المستمر وغير المعلن من التداعيات المستقبلية: أصحاب العمل الذين لن يوظّفوك، والوظائف التي ستُطرد منها، والأبواب التي ستغلق في وجهك – النتيجة النهائية للمناخ السياسي الذي يساوي بين الدعوة والإرهاب.

جامعة ماكجيل – إيما بينبريدج

في فصل الخريف، صوّت 78 بالمئة من الطلاب لصالح سياسة ضد الإبادة الجماعية في فلسطين، التي تتطلب من اتحاد الطلاب إظهار التضامن علنًا مع فلسطين والضغط على الجامعة لقطع العلاقات مع الشركات والمؤسسات المتواطئة في القمع الإسرائيلي المستمر للفلسطينيين. وكشف الاتحاد أن إدارة ماكجيل ضغطت عليهم لإزالة مسألة الاستفتاء، ولكن قبل أن تتمكن الجامعة من التصرف، رُفعت دعوى قضائية خارجية ضد اتحاد الطلاب من قبل طالب مجهول مدعوم من منظمة “بناي بريث كندا”، التي تؤخر حاليًا اعتماد السياسة من قبل الجامعة.

تستثمر ماكجيل حاليا في شركات مثل لوكهيد مارتن وشيفرون وتيكسترون وبي إيه إي سيستمز التي تزوّد “إسرائيل” بالتكنولوجيا العسكرية والأسلحة المتقدمة. ويطالب الطلاب جامعة ماكجيل بقطع العلاقات مع المؤسسات الإسرائيلية، بما في ذلك إنهاء الدورات التي تدعم بشكل كبير الطلاب لزيارة “إسرائيل” والعمل مع شركات التكنولوجيا الإسرائيلية الناشئة.

وعلى الرغم من مقاومة جامعة ماكجيل مطالب إعادة النظر في تواطؤها في الإبادة الجماعية، إلا أن الطلاب ما زالوا صامدين في كفاحهم من أجل سحب الاستثمارات والمقاطعة الأكاديمية للفصل العنصري الإسرائيلي. ولجأ الطلاب إلى أساليب أكثر إثارة للمتاعب، مثل حصار الفصول الدراسية والمباني، وحتى البدء في إضراب عن الطعام. ردًا على ذلك، هدّدت إدارة ماكجيل علنًا الطلاب المحتجين بالاعتقال. بالنسبة للمضربين عن الطعام، تجاهلت إدارة ماكجيل مطالبهم إلى حد كبير ورفضت مقابلتهم. وحتى الآن، تم إدخال اثنين من المضربين عن الطعام إلى المستشفى بعد رفضهما تناول الطعام لأكثر من 30 يومًا.

جامعة مدينة نيويورك – لوكا سعيد

يقول الطلاب في جامعة مدينة نيويورك إن القمع الذي يتعرضون له في الحرم الجامعي بسبب مناصرتهم للفلسطينيين بدأ مع الحاكمة كاثي هوشول. في كانون الأول/ ديسمبر، أرسلت هوشول رسالة إلى رؤساء الجامعات في جميع أنحاء نيويورك تهدّد فيها باتخاذ إجراءات قانونية ضد الجامعات لفشلها في ضبط “معاداة السامية والدعوات إلى الإبادة الجماعية للشعب اليهودي”. ورغم الدعوة للسلام، قال الطلاب المنخرطون في فرع منظمة “طلاب من أجل العدالة لفلسطين” في جامعة مدينة نيويورك إن إدارة الكلية هددتهم بشكل مباشر بالإيقاف بعد رسالة هوشول.

تقول هادركا أرزو، طالبة في السنة الثانية في جامعة مدينة نيويورك ونائب رئيس “طلاب من أجل العدالة لفلسطين” في الكلية، إن مجموعتها واجهت سلسلة من عمليات التنفيذ التعسفية على ما يبدو لقواعد السلوك التي لم تكن معروفةً من قبل. وخلال أحد الاحتجاجات في الهواء الطلق التي كانت مجموعتها تدرج فيها أسماء الفلسطينيين القتلى، تقول أرزو إن أمن الحرم الجامعي اعتقل أعضاء من مجموعتها لاستخدامهم نظام الصوت، الذي لم يكن من قبل سببًا للمتاعب.

مخيم احتجاجي لفلسطين في جامعة كولومبيا، نيويورك، 23 أبريل، 2024.

تقول سارة عبد العزيز، طالبة في السنة النهائية في كلية هانتر ورئيسة تحالف التضامن الفلسطيني في الحرم الجامعي، إن الإدارة تقف بوضوح مع الطلاب وأعضاء هيئة التدريس المؤيدين ل”إسرائيل”. نظّمت مجموعتها مؤخرًا اعتصامًا في هانتر بتصريح من أمن الحرم الجامعي، وتأكدت من عدم إغلاق أي مداخل وأن الطلاب كانوا صامتين وسلميين.

ورغم عدم خرق المجموعة لأي من قواعد الكلية، إلا أن أحد مسؤولي الإدارة اقترب منها وحذّرها من اتخاذ إجراءات تأديبية. بعد ذلك، تلقت عبد العزيز بريدًا إلكترونيًا يهدّدها بالإيقاف وبالعواقب على مجموعتها الطلابية. وفي الوقت نفسه، أصدر تامي بن تور، الأستاذ في جامعة هانتر، مقطع فيديو يسخر من الفلسطينيين ولم يتلق مثل هذه العقوبات، حتى مع طرد أستاذة أخرى في جامعة هانتر، ليزا هوفمان، بسبب تغريدة قالت فيها إنها ترفض العمل مع أعضاء هيئة التدريس المؤيدين ل”إسرائيل”.

كلية سوارثمور – لوسي توبير

في البداية، مرّت الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في كلية سوارثمور دون مقاومة إدارية كبيرة. ولكن بعد اعتصام دام ثلاثة أسابيع في كانون الأول/ديسمبر – من خلال اقتحام وسط الحرم الجامعي وتعطيل الحركة – تصرّفت الإدارة بسرعة لإثبات أنها لن تتسامح مع أي تعطيل آخر لسير العمل المعتاد. وقد تلقى المخيم المستمر، الذي بدأ في 22 نيسان/ أبريل، استجابة مماثلة تتمثل في التسامح المشروط ونقص الدعم من الإدارة.

تم تأديب الطلاب المشاركين من قبل الإدارة ولكن ليس لدرجة الإيقاف عن الدراسة أو الطرد، بينما تلقى أعضاء هيئة التدريس الذين نقلوا فصولهم إلى القاعة التي تضم الحشد مكالمات هاتفية من الإدارة العليا في محاولة لثنيهم عن ذلك.

هناك غموض حول السلوك المسموح به وغير المسموح به على نطاق واسع. تتغير الرسائل من شهر لآخر، ويتلقى الطلاب تحذيرات سلوكية بشأن الإجراءات التي كانت مقبولة في الاحتجاجات السابقة. تعلن رسائل البريد الإلكتروني من العميد أن ترديد عبارة “من النهر إلى البحر” يمثل “تهديدًا مباشرًا ضد اليهود”، لكن الإداريين رفضوا توضيح ما إذا كان الطلاب المشاركون في الهتاف ينتهكون القانون الداخلي. ولأول مرة، تمت إزالة اللافتات والملصقات المعلقة على جدران الحرم الجامعي النموذجية بسبب انتهاكات “قواعد السلوك”.

تُركت منصات الرسائل الاحتجاجية، مثل لوحات الإعلانات ووسائل التواصل الاجتماعي، مفتوحة إلى حد كبير. لهذا السبب، ظلت لغة الاحتجاج نشطة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر. لكن الإدارة زعمت أن هذا الانتشار – المسيرات الشهرية ووضع الملصقات – يشكل تهديدًا للطلاب اليهود ويخضع للتحقيق. مع ذلك، رأى آخرون أنها استمرار للنشاط الطلابي الماضي في الكلية، من حركة الحقوق المدنية لسنة 1969 إلى مناهضة الفصل العنصري سنة 1982 إلى الاحتجاجات المناهضة للاعتداء الجنسي سنة 2019.

احتج المئات من طلاب تيمبل ودريكسيل وجامعة بنسلفانيا في حرم جامعة بنسلفانيا، حيث خرج الأساتذة من الفصول الدراسية. كما نصب الطلاب أيضًا خيامًا تضامنًا مع معسكر طلاب جامعة كولومبيا، في 25 نيسان/ أبريل 2024.

أثار رد الإدارة تساؤلات حول الشكل المقبول للاحتجاج ومدى التزام كلية سوارثمور بقيم حرية التعبير والمناصرة. ورغم تاريخ الكويكرز في الكلية، فإن الإدارة لم تتجنب انتقاد النشاط اللاعنفي. بالنسبة لإدارة كلية سوارثمور، تم إعادة تعريف الاحتجاج السلمي إلى حد كبير على أنه احتجاج لا يعطّل بأي حال من الأحوال سير العمل اليومي للمؤسسة.

جامعة روتجرز – لوك سبالترو

في كانون الأول/ ديسمبر، كانت روتجرز أول جامعة عامة في الولايات المتحدة تعلّق عمل فرع منظمة “طلاب من أجل العدالة في فلسطين”. وفي حين عاد الفرع إلى العمل بعد حملة تضامن ضخمة شاركت فيها 150 منظمة طلابية وعشرات المنظمات المجتمعية التي نددت بشكل جماعي بالقرار، واصلت الإدارة إسكات الدعوات المطالبة بسحب الاستثمارات.

تجسّد ذلك الأحداث الأخيرة المتعلقة بمركز الحياة الإسلامية في جامعة روتجرز، وهي مؤسسة خاصة تقدم  خدمات للمجتمع الإسلامي في روتجرز وقد أصبحت مساحة آمنة للفلسطينيين. مع ذلك، رغم كونه ملكية خاصة، قامت الإدارة بإزالة رسوم الطباشير المؤيدة لفلسطين من رصيفها. وفي هذا الشهر فقط، اقتحم رجل المركز في بداية العيد وقام بتخريب نسخة من القرآن الكريم وسرقة العلم الفلسطيني.

وعندما خططت منظمة طلاب من أجل العدالة في فلسطين للإضراب تضامنًا مع مركز الحياة الإسلامية في جامعة روتجرز ودعمًا لإضراب وطني، هددت إدارة روتجرز مرة أخرى فرع المنظمة بتعليق نشاطه زاعمة أن الاحتجاج غير الموافق عليه “يمكن أن يكون مسؤولاً عن تعطيل أو أضرار أو عنف”. لذلك، تم إلغاء الحدث.

بينما استمرت إدارة روتجرز في إسكات أولئك الذين يعبّرون عن دعمهم لفلسطين، فقد دعت أيضًا إلى مواصلة اتباع نهج “الإشراك وليس العزلة” فيما يتعلق ب”إسرائيل” – وهي السياسة التي توازي نهج “المشاركة البناءة” الفاشل لإدارة ريغان مع جنوب أفريقيا. ومن خلال قمع الأصوات الفلسطينية، وتطبيع العلاقات مع جامعة تل أبيب و”إسرائيل”، ورفض التنديد بمقتل أكثر من 34 ألف شخص في غزة، هيّئت الإدارة بيئة أعاد فيها العنف ضد الفلسطينيين والمسلمين في الخارج إنتاج نفسه في الحرم الجامعي.

جامعة ستانفورد – إسحاق لوزانو

في تشرين الأول/ أكتوبر، نظّم طلاب جامعة ستانفورد اعتصامًا في ساحة وايت بلازا التابعة للكلية تضامنًا مع الفلسطينيين في غزة. وبعد 120 يومًا، أصبح هذا أطول اعتصام احتجاجي في تاريخها. لكن في شباط/ فبراير، أصدرت الجامعة إشعارًا مدّته 12 ساعة يأمر المعتصمين بإخلاء المكان وأخذ ممتلكاتهم.

وقذ تجمّع أكثر من 500 طالب وأفراد من المجتمع المحلّي للدفاع عن المخيم مطالبين الجامعة بإلغاء حظرها للاحتجاج السلمي. وقد توصّل الطلاب في نهاية المطاف إلى اتفاق مع الجامعة لإنهاء الاعتصام وبدء المفاوضات في محاولة لدفع جامعة ستانفورد إلى الدعوة إلى وقف إطلاق النار وسحب استثماراتها من الشركات المستثمرة في الاحتلال الإسرائيلي.

مخيم احتجاجي من أجل فلسطين في جامعة كولومبيا، نيويورك، 23 نيسان/ أبريل، 2024.

لكن الطلاب المؤيدين للفلسطينيين ما زالوا يواجهون وابلاً من التهديدات اللفظية والجسدية. في تشرين الثاني/ نوفمبر، أصيب طالب عربي مسلم بجروح في حادث سُجّل ضد مجهول صدمه ثم هرب في حرم جامعة ستانفورد. تم التعامل مع الحادث على أنه جريمة كراهية محتملة ونددت به الجامعة، لكن تصريحاتها العامة الأخرى كانت أقل من متسقة.

في كانون الأول/ ديسمبر، أدانت ستانفورد “أي دعوات للإبادة الجماعية لليهود أو أي مجموعة أخرى”. لكن ما كان مفقودًا – إلى جانب تحديد هويّة الفلسطينيين في البيان – إدانة مماثلة للإبادة الجماعية في غزة. ويعكس خطاب الجامعة معايير مزدوجة إذ يتم من خلالها الاعتراف بأعمال القتل وانتقادها ما لم تكن دولة “إسرائيل” هي المذنبة.

جامعة رايس – نيها كوهلي

على مدى السنتين الماضيتين، اعتبرتُ جامعة رايس منزلي ولم أتوقع قط مستوى المضايقات والقمع الذي تعرضت له باعتباري عضوةً في مجلس الطلاب عن كليتي بعد تقديم قرار يدعو إلى سحب الاستثمارات من الشركات المتواطئة في الإبادة الجماعية المستمرة في غزة.

بعد يومين من تقديم القرار، تلقيت رسالة بالبريد الإلكتروني تبلّغني بأنني قيد التحقيق بتهمة التمييز. وتضمنت الرسالة الإلكترونية طلبًا بـ “بذل كل ما في وسعي” لوقف التصويت على القرار تحت التهديد بعواقب تأديبية – وكل ذلك بسبب شكوى من طالب واحد. لقد مرّت أكثر من ثلاثة أسابيع منذ اقتراح القرار ولم يتم إحراز أي تقدّم في التحقيق. كان هناك دعم شعبي للقرار، وكان من المحتمل أن يمر لو لم تعرقل الإدارة ذلك بسبب شكوى التمييز.

وعلى مدى الأسابيع الثلاثة الماضية، تمت مطاردتي وعثرت على ملاحظات عنصرية متروكة على سيارتي وتلقيت رسائل نصية ومكالمات بتهديدات عنيفة. لقد أعطت جامعة رايس الضوء الأخضر لحملة الكراهية والعنف من خلال منع القرار المؤيّد لفلسطين – كل ذلك دون القيام بأي شيء لضمان سلامة المنظمين في الحرم الجامعي. ولم تتخذ إدارة رايس أي إجراءات لحمايتي.

أنا لست الوحيدة التي تعاني من التهديدات والترهيب في رايس. تعرض الطلاب للمضايقة لتأجيل اجتماعات “طلاب من أجل العدالة لفلسطين” في جامعة رايس، إذ تمت مطاردتهم وتهديدهم وإبعادهم من مناصبهم في الأندية دون دعم من الإدارة، في حين يتم استخدام شكاوى “التمييز” كسلاح ضد الطلاب المؤيدين لفلسطين لقمع صوت المجتمع الطلابي. كمجموعة من المدافعين عن الطلاب، هدفنا هو السلام من خلال إنهاء العنف المستمر في الخارج، في تكساس، وفي جميع أنحاء أمتنا. ولكن من أجل تحقيق هذا السلام، يجب أن تُسمع أصواتنا أولاً.

مخيّم احتجاجي من أجل فلسطين في جامعة كولومبيا، نيويورك، 23 نيسان/ أبريل، 2024.

جامعة واشنطن في سانت لويس – دانيال كازاريس

في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، تم استدعائي لحضور اجتماع حول سلوك الطلاب حيث عُرضت عليّ لقطات كاميرا المراقبة تظهرني وأنا أوزّع منشورات مؤيدة لفلسطين، وقد تلقّيت تحذيرًا من إدارة الجامعة. من غير المستغرب أن الأدوات التي تهدف ظاهريًا إلى ضمان سلامة الطلاب – مثل كاميرات المراقبة وبيانات الوصول السريع وعمليات مراقبة سلوك الطلاب – تستخدمها الجامعة لمراقبة الطلاب الذين يلصقون الورق على الحائط. لكن ما يثير الدهشة حقًا هو أن الجامعة لم تفعل شيئًا لحماية سلامة الطلاب المؤيدين لفلسطين عندما تعرّضوا للمضايقة أو المطاردة أو تم تمزيق إطارات سياراتهم.

حيال هذا الشأن، قالت سونال شوريوال، التي شاركت في صياغة قرار سحب الاستثمارات المؤيد لفلسطين في جامعة واشنطن: “لقد تبعني أحد الطلاب إلى مبنى الحرم الجامعي لأكثر من نصف ساعة. لم أشعر أنني أستطيع التجوّل في الحرم الجامعي بأمان”.

غالبًا ما تُستخدم سياسات وانتهاكات سلوك الطلاب كسلاح للتخويف والترهيب من قبل الجامعة. تُفضّل جامعة واشنطن، مثل العديد من مناطق البيض والأثرياء، فرض الصمت المخيف من خلال التهديدات بالعنف على التناغمات الحية لحريّة التعبير.

في 19 آذار/ مارس، أصدر اتحاد الطلاب قرارًا يُطالب الجامعة بسحب استثماراتها من شركة بوينغ – أكبر جهة توظيف لخريجي جامعة واشنطن – نظرًا لدور الشركة المصنعة للأسلحة في تسليح الجيش الإسرائيلي. وبصدور القرار، كان اتحاد الطلاب قد وصل إلى الحد الأقصى من سلطته على عملية سحب الاستثمارات. لكن مستشار جامعة واشنطن أندرو مارتن رفض إمكانية سحب الاستثمارات بشكل كامل. وعندما سُئل عما إذا كان من الممكن “سحب الاستثمارات أو إنهاء العلاقة” مع شركة بوينغ، أجاب مارتن بـ “لا” بكل بساطة.

كانت الخطوة التالية التي اتخذها المجتمع الأكاديمي العمل المباشر والتصعيد مما جعل مطالبنا بسحب الاستثمارات واضحةً. في 13 نيسان/ أبريل، بدأنا اعتصامًا وتعطيل فعاليات القبول، فردّت الإدارة باستدعاء ضباط مسلحين واعتقال 12 شخصًا وإيقاف ثلاثة عن الدراسة. لقد كنت واحدًا من ثلاثة طلاب تم إيقافهم عن الدراسة بجريمة التحدث علنًا ضد تواطئ جامعتنا المستمر في الإبادة الجماعية، والآن أنا ممنوع من دخول الحرم الجامعي بسبب التهديد بالاعتقال.