د. شهاب المكاحله
في خضم موجات عاتية من التحديات، ظهرت أصوات أردنية قلقة على ما يجري على الساحة الإقليمية وتداعياتها على الأردن ينبع قلقها من من الحب الحقيقي للأرض والشعب، تحث الأردنيين على اليقظة والحفاظ على وطنهم. يستحضرون صوراً من تراثنا المحلي، مبرزين أهمية الاستمرارية والاستعداد. فقد أثارت الاحتجاجات الأخيرة موجة غضب محلي ضد عدد من المستهترين بأمن الوطن ومصالحه العليا، ممن ضربوا بعرض الحائط خسائر الوطن في تلك الإضرابات التي تصل الى نحو ٢٢٠ مليون دينار يوميا.
ومن الأهمية بمكان أن نتذكر أن الشعب الأردني لديه باع طويل في مساعدة الدول، والاستجابة بسرعة لنداءات إخوانهم وجيرانهم. وهذه ليست ظاهرة جديدة بل هي انعكاس لقيمهم المتأصلة. ومع ذلك، فمن المحبط أن نشهد أن الكرم والتضحيات التي قدمها الأردن تجاه بعض الإخوة لا تحظى بالتقدير من قبل حفنة من الفوضويين. إن دعم الأردن ومساعدته الثابتين، والذي يأتي في كثير من الأحيان على حساب مواطنيه، يقابل بالانتقاد والجحود.
لقد مد الشعب الأردني يده بموارده للتخفيف من معاناة إخواننا وأخواتنا في فلسطين المحتلة. واغاث اللاجئين من دول عربية لجأت اليه طلبا للحماية والعيش الكريم. ومع ذلك، فمن الضروري أن يعترف المجتمع الدولي بمساهمات الأردن. ولا يجوز الاستهانة بعطاء الأردنيين ومساعداتهم أو الاستهانة بها.
وفي مواجهة مثل هذه الظروف، يجب أن نبقى صامدين. ولا ينبغي لنا أن نسمح لنقص التقدير من جانب البعض أن يثبط روح التعاطف والالتزام لدينا. ويجب على الأردنيين، الرفقاء الحقيقيين في أوقات الشدة، أن يستمروا في الدفاع عن العدالة والسلام والرفاهية للجميع. وينبغي أن تسترشد أعمالنا بمعرفة أن تضحياتنا لا تذهب سدى، وأن المقياس الحقيقي لجهودنا يكمن في التأثير الإيجابي الذي نحدثه على حياة الآخرين.
يتمتع الأردن بتاريخ طويل في تقديم المساعدة والدعم لفلسطين، وخاصة غزة. وقد لعبت المملكة الأردنية الهاشمية دورا مهما في الجهود الإنسانية، بهدف التخفيف من معاناة الفلسطينيين والمساهمة في رفاهيتهم. فالتزام الأردن تجاه فلسطين متجذر بعمق في روابطه التاريخية والثقافية والجغرافية. بالإضافة إلى تقديم المساعدات الإنسانية، شارك الأردن بنشاط في الجهود الدبلوماسية لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وقد دعا الاردن باستمرار إلى السلام العادل والدائم، ودعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. كما أكد الأردن على أهمية احترام القانون الدولي، بما في ذلك قرارات الأمم المتحدة، في التوصل إلى حل شامل وعادل.
وعلى الرغم من المساهمات الكبيرة التي قدمها الأردن، إلا أن جهوده كثيرا ما تقابل بالنقد والجحود من زمرة حاقدة “لا يعجبها العجب ولا الصيام في رجب”. لا يعترف بعض الأفراد بالتضحيات التي قدمها الشعب الأردني والموارد التي أنفقت لدعم القضية الفلسطينية. قد يكون هذا الافتقار إلى التقدير محبطًا للأردن الذي أظهر باستمرار التزامه بالتضامن والدعم.
ومع ذلك، من المهم أن ندرك أن روح الكرم والرحمة متأصلة بعمق في الشعب الأردني فالتزام الحكومة بمساعدة الآخرين ينبع من الشعور بالإنسانية المشتركة والإيمان بأهمية الدفاع عما هو عادل وصواب. فإخلاص الأردن لفلسطين لا يقتصر على المبادرات الحكومية وحدها إذ تساهم منظمات المجتمع المدني والحركات الشعبية والأفراد بنشاط في الجهود الإنسانية ورفع مستوى الوعي حول التحديات التي يواجهها الفلسطينيون. فالأردنيون ينظمون حملات جمع التبرعات، ويتطوعون بوقتهم ومهاراتهم، ويستخدمون أصواتهم للدفاع عن العدالة والسلام.
فبينما يواصل العالم مراوحته مكانه في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وعواقبه الإنسانية، نجد أنه من الأهمية بمكان أن نعترف بمساهمات دول مثل الأردن. إن تقدير تضحياته ودعمه يمكن أن يعزز المزيد من التفاهم والتعاون بين الدول التي تسعى إلى التوصل إلى حل سلمي. التزام الأردن الثابت تجاه فلسطين وغزة يشكل مصدر إلهام للآخرين لكي يحذوا حذوه ويعملوا على تحقيق سلام عادل ودائم في المنطقة.
وفي الختام، دعونا نقف متحدين، فخورين بإرث الأردن في الدعم والصمود. إن التزامنا تجاه فلسطين وغزة والسعي لتحقيق السلام يظل ثابتا. فلنسع جاهدين معا لخلق عالم يسود فيه الامتنان والتفاهم، وحيث يتم الاعتراف بالتضحيات التي قدمتها دول مثل الأردن والاحتفاء بها. فالمساعدات والتضحيات التي يقدمها الأردن تجاه فلسطين، وخاصة غزة، كبيرة وتستحق التقدير. فعلى الرغم من عدم الاعتراف في بعض الأحيان بالتضحيات التي يقدمها الأردن للآخرين، يواصل الشعب الأردني إظهار الدعم الثابت، مجسداً روح التعاطف والتضامن في أوقات الشدائد. فلنبق يداً واحدة مع الشعب والقيادة والقوى الأمنية ضد التحديات والمخاطر والصعاب.