تتردد في أوساط مصادر مقربة من أصحاب القرار في إيران أجواء توحي بأن طهران قررت هذه المرة الرد فعلاً على الضربة القوية التي استهدفت القنصلية في دمشق، يوم الاثنين الماضي، وأدت إلى مقتل مجموعة كبيرة من القيادات في الحرس الثوري الإيراني، أبرزهم العميد محمد رضا زاهدي، وهو من كبار قادة الحرس الثوري الإيراني الذي يتولى ملفي سورية ولبنان، إلى جانب مساعده العميد حاجي رحيمي.
وفي حين يبقى شكل الرد وهدفه طي الكتمان بطبيعة الحال، فإنّ مصادر مقربة من أصحاب القرار في “الجمهورية الإسلامية” تؤكد لـ”العربي الجديد” أن مجلس الأمن القومي طلب من الجهات العسكرية والأمنية المعنية تحديد أهداف إسرائيلية مع وضع معايير لطبيعة تلك الأهداف، بحيث لا يؤدي ضربها إلى تصعيد أو مواجهات كبيرة في المنطقة، هذا في حال جرى قصفها بالفعل.
وقالت المصادر، التي فضلت عدم نشر اسمها، إن الحكومة الإيرانية أبلغت واشنطن عبر رسالة وجهتها لها عبر سويسرا وسلطنة عُمان أنها سترد على الهجوم الإسرائيلي، محذرةً الإدارة الأميركية من خلال الوسطاء من أي تدخل، لأنه “سيعرض جميع مصالح أميركا في المنطقة إلى خطر كبير ویشعل المنطقة”، بحسب ما تقوله المصادر.
وتابعت المصادر أن إيران تنتظر عودة جثامين قتلاها من سورية واتخاذ إجراءات أمنية احترازية في سورية والمنطقة، مرجحةً أنه في حال لم يحصل تراجع في اللحظات الأخيرة، يتوقع أن تنفذ الهجمات الإيرانية خلال الأيام القليلة المقبلة، وعلى الأغلب في مناسبة “يوم القدس العالمي” (يوم الجمعة الأخير من شهر رمضان، أي بعد غد)، أو عشية هذا اليوم.
وأوضحت أن جهات وسيطة نقلت رسائل تحذيرية أميركية إلى إيران في محاولة لثني طهران عن الرد على الهجوم الإسرائيلي، لافتةً إلى أن طهران رفضت المطالب الأميركية. لكن المصادر إياها لم تستبعد أن يحصل تغيير في القرار الإيراني باللحظات الأخيرة.
وكانت وكالة إرنا الإيرانية الرسمية قد أعلنت، في وقت سابق الاثنين، مقتل القيادي في “الحرس الثوري” محمد رضا زاهدي، جرّاء الغارة الإسرائيلية على مبنى القسم القنصلي في سفارة طهران بدمشق.
وأكّد الحرس الثوري الإيراني، في بيان، مساءً، مقتل قائدين عسكريين وخمسة ضباط له في الغارة، وأفاد بأن الهجوم وقع “بعد خسائر غير قابلة للترميم نالها الكيان الصهيوني المجرم أمام المقاومة الفلسطينية، وصمود سكان غزّة، وإخفاقاته أمام الإرادة الفولاذية لمقاتلي جبهة المقاومة الإسلامية في المنطقة”.
وأضاف أن هجوم المقاتلات الإسرائيلية على مبنى قنصلية إيران في دمشق أودى بحياة العميدين القائدين محمد رضا زاهدي ومحمد هادي حاجي رحيمي، من كبار المستشارين العسكريين الإيرانيين في سورية، فضلاً عن خمسة ضبّاط مرافقين لهما.
في سياق متصل، نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية عن أربعة مسؤولين إسرائيليين، لم تسمّهم، تأكيدهم أن إسرائيل مسؤولة عن الهجوم في سورية الذي قُتل فيه زاهدي ومرافقين له. وكانت إذاعة الجيش الإسرائيلي قد قالت إن الهجوم على دمشق “لم يستهدف مبنى السفارة الإيرانية، بل مبنى مجاوراً لها كان بمثابة المقر العسكري للحرس الثوري”. وأضافت: “بمعنى آخر، من دمّر ذلك المبنى ربما كانت لديه معلومات دقيقة عن النشاط العسكري الذي كان يجري هناك”.