تترقّب الساحة اللبنانية زيارة الموفد الرئاسي الأميركي عاموس هوكشتاين إلى بيروت وما يحمله في جعبته من اقتراحات أو أفكار لمحاولة خفض التصعيد العسكري على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة وربط “هدنة رمضان” في غزة بجبهة لبنان.
وتأتي جولة هوكشتاين على المسؤولين اللبنانيين بالتزامن مع رفع مستوى العمليات العسكرية بين “حزب الله” والاحتلال الإسرائيلي، ونشر وسائل إعلام أميركية أخباراً ترجّح قيام عملية إسرائيلية برية في لبنان في الأشهر المقبلة، وذلك في وقتٍ تؤكد إسرائيل أنّ الهدنة في غزة لن تنسحب على المواجهات مع “حزب الله”.
وبرز تطوّر عسكري في هذا الإطار، تمثّل بإعلان حزب الله اليوم الاثنين، إحباط محاولتي تسلل لجنود الاحتلال الإسرائيلي إلى داخل الأراضي اللبنانية، واستهدافهم بالأسلحة المناسبة.
ويعوّل المسؤولون اللبنانيون على تقدّم قد يكون أحرزه هوكشتاين خلال محادثاته الدائرة حول غزة ولبنان، خصوصاً أنهم أكدوا في أكثر من مناسبة أن عودته إلى بيروت لن تكون إلا في حال حمله تطورات إيجابية.
ويوم الخميس الماضي، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في مقابلة مع وكالة “رويترز” إن الهدنة التي قد تبدأ في قطاع غزة الأسبوع الجاري ستؤدي إلى محادثات غير مباشرة لإنهاء القتال على طول الحدود الجنوبية للبنان.
وأسفرت المواجهات بين “حزب الله” وجيش الاحتلال الإسرائيلي المندلعة منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي عن “سقوط أكثر من 220 شهيداً، غالبيتهم من “حزب الله”، ونزوح نحو 90 ألف شخص من القرى الحدودية جنوبي لبنان، وتسجيل دمار هائل في الممتلكات والمنازل والأسواق والأراضي الزراعية”.
هوكشتاين يستكمل مساعي حلّ الأزمة دبلوماسياً جنوب لبنان
وقال مصدرٌ مقرّبٌ من رئيس البرلمان نبيه بري لـ”العربي الجديد”، “إننا نتوقع وصول هوكشتاين إلى بيروت اليوم الاثنين، لعقده لقاءات مع المسؤولين اللبنانيين، وقائد الجيش، وذلك في سياق الجهود الأميركية المبذولة لمحاولة تهدئة الوضع في الجنوب”.
وأشار المصدر إلى “أننا ننتظر ما يحمله معه هوكشتاين في هذه الزيارة، ولكننا نسمع من المسؤولين الأميركيين كلاماً حول الحرص على استقرار لبنان، ووجود مساعٍ تُبذل للتهدئة، وإيجاد حلّ وسطي، تمهيداً لوقف كامل لإطلاق النار، ومن ثم فتح النقاش بطريقة أوسع لملف الحدود البرية، ولم نحصل بعد على ضمانات بوقف الاعتداءات الإسرائيلية”.
ولفت المصدر أيضاً إلى أنّ “الموقف اللبناني بات معروفاً لناحية وقف العمليات العسكرية بمجرد حصول الهدنة في غزة، كما مواقف لبنان لجهة مطالبة المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لوقف عدوانها على غزة والجنوب اللبناني، واعلانه التزامه القرارات الدولية على رأسها القرار 1701، وضرورة انسحاب إسرائيل من كامل الأراضي اللبنانية ووقفها تعدياتها وخروقاتها وانتهاكاتها اليومية للسيادة اللبنانية، وسننتظر ما يحمله هوكشتاين من ردود إسرائيلية حول ذلك”.
مصدر في حزب الله: سنردّ على كلّ استهداف بالحجم نفسه
من جهته، قال مصدرٌ نيابيٌّ في “حزب الله” لـ”العربي الجديد”، إنّ “الحزب أكد مراراً أنّ جبهة لبنان مساندة لغزة، وستبقى كذلك ما دام العدوان الإسرائيلي مستمرّاً، وفي حال حصلت الهدنة، فإنّنا سنوقف عملياتنا، إلا إذا واصل العدو اعتداءاته فعندها سنبقى في الميدان، وسنردّ على كلّ استهداف بالحجم نفسه”.
وفي معرض ردّه على فصل إسرائيل جبهة لبنان عن غزة، قال المصدر إنّ “إسرائيل تناور وترفع تهديداتها الكلامية نظراً إلى الخسائر التي تتعرض لها وعدم قدرتها على تحقيق أهدافها في غزة ولبنان، ولكنها في الواقع تحسب ألف حساب قبل شنّها حرباً واسعة لمعرفتها بقدرات المقاومة العسكرية في لبنان”.
وضمن المواقف السياسية الصادرة اليوم الاثنين، أكد عضو المجلس المركزي في “حزب الله”، نبيل قاووق، “أننا مستمرّون في عملياتنا في الميدان نصرة لغزة وحماية لأهلنا ووطننا، ونردّ على الاعتداءات بما هو أشدّ نوعاً وكمّاً”.
وأضاف أن “المقاومة استعدت لكل احتمالات التصعيد لتصنع نصراً هو أعظم من نصر يوليو/ تموز 2006، كما أنها استعدت لرفع آثار العدوان وإعادة الإعمار حتى تعود البيوت المدمّرة أجمل مما كانت”.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، دعا هوكشتاين بعد جولة في بيروت على المسؤولين اللبنانيين إلى “حلّ دبلوماسي” للأزمة على الحدود بين لبنان وإسرائيل.
وقال في مؤتمر صحافي إنّ “الوضع صعب وطارئ، وعلينا مناقشة كيفية الوصول إلى حلّ دبلوماسي للأزمة على الحدود بين لبنان وإسرائيل”.
تجدر الإشارة، إلى أنه بالتوازي مع الحراك الأميركي للتهدئة ووقف إطلاق النار بين “حزب الله” والاحتلال الإسرائيلي، يُنتظر أن يجيب لبنان هذا الأسبوع عن المقترح الفرنسي لحلّ الأزمة بعدما تسلّم النسخة الرسمية المكتوبة منه، علماً أنّ الردّ الأولي عليه استباقياً، أتى من الحزب، برفضه له، واعتباره تنفيذاً للرؤية الإسرائيلية.