تغير ميزان القوى في العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل لدرجة أن إدارة الرئيس الامريكي جو بادين عاجزة عن ممارسة “ضغوط حقيقة” على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة ومستقبل التطبيع والسلام في الشرق الأوسط.
ذلك ما خلص إليه جيمس دورسي، في تحليل بموقع “مودرن دبلوماسي” الأمريكي (Modern diplomacy) ترجمه “الخليج الجديد“، مضيفا أنه “على نحو متزايد، تربط إدارة بايدن وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى بأهداف إقليمية أوسع، بينها الاعتراف السعودي بإسرائيل وما يشبه الطريق إلى حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني”.
واستدرك: “لكن القول أسهل من الفعل، وخاصة في ضوء القيود الزمنية التي تفرضها الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني (المقبل)، واحتمال إجراء انتخابات في إسرائيل بمجرد صمت المدافع في غزة”.
وأضاف أن “التاريخ يشير إلى أن المفاوضات تؤدي إلى نتائج عندما يصبح ثمن عدم التوصل إلى حل تفاوضي باهظا للغاية، لكن تعثر الجهود القطرية والمصرية والأمريكية للتفاوض على وقف إطلاق النار يفيد بأن إسرائيل وحركة حماس لم تصلا إلى هذه النقطة”.
ضغوط حقيقية
دورسي قال إن “نتنياهو يُصر على مواصلة الحرب حتى النهاية المريرة ويرفض إقامة دولة فلسطينية على الأراضي التي احتلتها إسرائيل”.
واستطرد: “كما لا يرغب في الاعتراف بأنه بعد مرور أربعة أشهر من الحرب، لم تحقق إسرائيل أهدافها الحربية، وأن سلوكها في الحرب أدى إلى خسائر غير مقبولة بين سكان غزة الأبرياء (أكثر من 29 ألف شهيد معظمهم أطفال ونساء) وتسبب في ضرر لا يمكن إصلاحه لمكانة إسرائيل الدولية”.
و”قدرة حماس على الحفاظ على موقفها في وقف إطلاق النار ومفاوضات تبادل الأسرى تسلط الضوء على فشل إسرائيل حتى الآن في تدمير الحركة كقوة عسكرية وسياسية”، كما شدد دورسي.
وتابع أن “كسر الجمود بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى وحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني من المرجح أن يتطلب أن تمارس واشنطن ضغوطا حقيقية على تل أبيب، بعد أن فشلت في تغيير السياسة والتكتيكات العسكرية الإسرائيلية”.
ميزان القوى
“لقد تغير ميزان القوى في العلاقة الأمريكية الإسرائيلية، ففي عام 1981، بلغ الدعم المالي الأمريكي لتل أبيب 10% فقط من الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي”.
وأردف: “ويمثل تخصيص واشنطن في 2021 لتل أبيب 4 مليارات دولار سنويا 1% فقط من الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي. كما تنتج إسرائيل اليوم العديد من أسلحتها الأساسية محليا، مما يجعلها أقل اعتمادا على مبيعات الأسلحة الأمريكية”.
“وفي 1991، خلصت إسرائيل إلى أنها لم تعد قادرة على الاعتماد بشكل أعمى على الحماية الأمريكية بعد أن لم تهب واشنطن لمساعدتها عندما أطلق العراق صواريخ سكود على إسرائيل أثناء حرب الخليج”، كما زاد دورسي.
وتابع: “على الرغم من استمرار اعتمادها على حق النقض الأمريكي في مجلس الأمن الدولي والتعاون العسكري، إلا أن إسرائيل عملت على زيادة هامش الحكم الذاتي، مثلما فعلت دول الخليج بعد ثلاثة عقود إثر فشل واشنطن في الرد على هجمات إيران على البنية التحتية الحيوية في دول خليجية عامي 2019 و2020”.
دورسي مضى قائلا: “علاوة على ذلك، فإن التزام الولايات المتحدة غير المشروط تجاه إسرائيل يشكل سلاحا ذا حدين”.
ووفقا للباحثة في العلاقات الدولية باربرا إلياس فإنه “من المرجح أن يراهن صناع القرار الإسرائيليون على أن المصالح الأمريكية في الحفاظ على شراكة استراتيجية راسخة ضد الأعداء المشتركين، وبينهم الحوثيون وإيران، ستمنع واشنطن من الضغط بشدة على إسرائيل”.