مع توجيه الولايات المتحدة وبريطانيا، يومي الجمعة والسبت، ضربات صاروخية لجماعة الحوثي اليمنية، يتصاعد تساؤل بشأن إذا كان بإمكان هذا التحالف وقف هجمات الحوثيين ضد سفن الشحن المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر، وهو سؤال تكمن إجابته في نقاط قوتهم وضعفهم.
ذلك ما خلص إليه جون بول راثبون، محرر شؤون الدفاع والأمن في تقرير بصحيفة “فياننشال تايمز” البريطانية (Financial Times) ترجمه “الخليج الجديد“، مضيفا أن التحالف أطلق 150 ذخيرة موجهة على أكثر من 60 منشأة عسكرية للحوثيين ومواقع إطلاق صواريخ في شمالي اليمن.
وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة، اللواء يحيى سريع، في خطاب الجمعة الماضي، إن هذه الضربات أسفرت عن مقتل خمسة أشخاص و”لن تمر دون عقاب”، مشددا على استمرار استهدف السفن التي تدعم الحرب الإسرائيلية المدمرة والمتواصلة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
ووفقا لمحللين، فإن الجماعة يمكنها حشد حوالي 35 ألف جندي. وقال راثبون إن الحوثي أظهرت قدراتها خلال عرض عسكري في سبتمبر/أيلول الماضي، ضم ترسانة واسعة من الصواريخ الباليستية والصواريخ المضادة للسفن التي زودتها بها إيران.
قوة قادرة ومرنة
بلال صعب، وهو زميل مشارك في مركز “تشاتام هاوس” للأبحاث في لندن، تساءل بشأن إلى أي مدى ستغير ضربات التحالف من سلوك الحوثيين، الذين نجوا من حملة قصف نفذها التحالف العسكري العربي، بقيادة الجارة السعودية، لنحو تسع سنوات.
ومتطرقا إلى نقاط قوة الحوثيين، رأى صعب أن “الهجمات المحدودة التي تشنها الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون، مهما كانت مؤلمة أو دقيقة، لن تسحق الجماعة؛ فمن الصعب للغاية هزيمة جهة فاعلة غير حكومية، سياسية أو عسكرية، متجذرة وقادرة ومرنة مثل الحوثيين، وتتمتع بدعم شعبي محليا وإقليميا”.
وبحسب راثبون، فإنه بدعم من إيران، وخلال عامين، تمكن الحوثيون من توسيع عملياتهم من إطلاق صواريخ كاتيوشا غير الموجهة ضد أهداف على بعد 20 ميلا في 2014 إلى إطلاق صواريخ باليستية متوسطة المدى على الرياض على بعد 600 ميل بحلول 2016.
مواقع الطائرات والصواريخ
أما بشأن نقاط ضعف الجماعة، فقال محللون إن الحوثيين ليسوا محصنين، فهم يفتقرون إلى أدوات المخابرات والمراقبة المتقدمة لتوفير معلومات الاستهداف للأنظمة طويلة المدى المضادة للسفن، والتي يعتمدون فيها إلى حد كبير على إيران”، كما أردف راثبون.
وقال مايكل نايتس، من “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى”، في تقرير حديث، إن “الحوثيين حساسون بشأن أهداف معينة، مثل قادتهم، ومواقع تخزين الطائرات بدون طيار والصواريخ، والمروحيات التي لا يمكن تعويضها”.
وإذا واصل الحوثيون مهاجمة السفن التجارية والعسكرية في البحر الأحمر، فإن الأمل بين شركاء التحالف، وفقا لمحليين، هو أن تساعد الضربات الدقيقة المستمرة جنبا إلى جنب مع الجهود الدبلوماسية، خاصة مع إيران، في استعادة حرية الملاحة في هذا المرر الحيوي للتجارة العالمية وسلاسل الإمداد.
وقال صعب إن “السؤال هو ما إذا كانت (إيران) لديها نفوذ كافٍ لمنع الحوثيين من شن المزيد من الهجمات ضد الشحن التجاري.. ولم تعرف واشنطن إجابة هذا السؤال تختبر هذا الاقتراح”.
تكلفة قوات التحالف
وبالنسبة للعمل العسكري المستقبلي، قال راثبون إن “الولايات المتحدة تمتلك أعدادا كبيرة من صواريخ الهجوم البري من طراز “توماهوك” على متن سفنها وغواصاتها في المنطقة، بالإضافة إلى حاملة طائرات محملة بالمقاتلات النفاثة”.
وأضاف: “كما تحمل الفرقاطة الفرنسية لانغدوك صواريخ هجوم أرضي، لكن السفينة الحربية البريطانية الرئيسية في البحر الأحمر “إتش إم إس دايموند” لا تمتلك صواريخ هجوم أرضي، وبالتالي فإن أي ضربات بريطانية يجب أن تنفذها طائرات مقاتلة من طراز “تايفون” تحلق على بعد آلاف الأميال من قاعدة سلاح الجو الملكي البريطاني في قبرص”.
ورأى محللون أن “هذا الوضع لن تكون له فائدة كبيرة ضد غالبية قاذفات الصواريخ الحوثية التي تتمتع بقدرة عالية على الحركة، ويمكنها إطلاق النار ثم الاختباء قبل وصول المقاتلات البريطانية”.
كما أن “هناك عامل آخر من المحتمل أن يكون لصالح الحوثيين، وهو التكلفة التي تتحملها قوات التحالف البحرية للحفاظ على وجودها بالمنطقة”، وفقا لراثبون.