بنشرها المدمّرة “البرز” في البحر الأحمر أمس الإثنين، أثارت إيران تساؤلات وتكهنات إسرائيلية. ويبدو أن طهران مُصرة على “مواصلة إدارة الصراع ضد إسرائيل”، وفقا لسيث فرانتزمان في تحليل بصحيفة “ذا جيروزاليم بوست” الإسرائيلية (The Jerusalem Post) ترجمه “الخليج الجديد“.
وتعتبر كل من إيران وإسرائيل الدولة الأخرى العدو الأول لها، وتشن الأخيرة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي حربا على غزة خلّفت حتى الثلاثاء 22 ألفا و185 شهيدا، و57 ألفا و35 جريحا، ودمارا هائلا في البنى التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.
فرانتزمان قال إن المدمرة الإيرانية عبرت مضيق باب المندب الاستراتيجي، ودخلت البحر الأحمر بحسب وكالة “تسنيم” الإيرانية شبه الرسمية، بينما غادرت حاملة الطائرات الأمريكية “يو إس إس جيرالد فورد” الشرق الأوسط.
وشددت الوكالة على أن السفن الحربية الإيرانية تعمل في المنطقة “لتأمين الممرات الملاحية منذ عام 2009”. وعادة ما تحّمل طهران القوات الأجنبية، ولاسيما الأمريكية، المنتشرة في الممرات الملاحية الإقليمية المسؤولية عن التوترات في تلك الممرات.
وتضامنا مع غزة، شنت جماعات موالية لإيران، بينها “حزب الله” في لبنان والحوثيون في اليمن وجماعات أخرى في الجارتين العراق وسوريا، هجمات على أهداف إسرائيلية و/ أو أمريكية، وهو ما ردت عليه تل أبيب وواشنطن.
وأضاف فرانتزمان أن “الجماعات المدعومة من إيران لم تخفض هجماتها في الشرق الأوسط. وعلى العكس، سعت وسائل الإعلام الموالية لإيران إلى تسليط الضوء على كيفية تزايد الهجمات”.
ومن عقود، تواصل إسرائيل احتلال أراضٍ عربية في كل من فلسطين وسوريا ولبنان.
إدارة الصراع
و31 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أفادت تقارير بأن حاملة الطائرات الأمريكية “يو إس إس جيرالد فورد” تتجه خارج البحر الأبيض المتوسط؛ مما أثار الدهشة في إيران والمنطقة، بحسب فرانتزمان.
وهذه الحاملة هي ضمن أصول عسكرية نشرتها الولايات المتحدة في المنطقة للحيلولة دون اندلاع حرب إقليمية واسعة، بينما تشن حليفتها إسرائيل حربها المدمرة على غزة، حيث يعيش نحو 2.4 مليون فلسطيني.
ومنذ اندلاع الحرب، تقدم إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للاحتلال أقوى دعم عسكري ومخابراتي ودبلوماسي ممكن، حتى بات منتقدون يعتبرون واشنطن “شريكة” في “جرائم الحرب الإسرائيلية” في غزة.
وقال فرانتزمان إنه “في حين يبدو أن القتال في غزة انخفض قليلا، إلا أن إيران لا تزال ترغب في إدارة الصراع ضد إسرائيل”، مشيرا إلى استهداف الحوثيين واستهداف الفصائل الفلسطينية لإسرائيل.
وبصواريخ وطائرات مسيّرة، استهدف الحوثيون مرارا سفن شحن في البحر الأحمر تملكها و/ أو تشغلها شركات إسرائيلية و/ أو تنقل بضائع من وإلى إسرائيل، ويرهنون وقف هجماتهم بإنهاء الحرب على غزة.
وفي 18 ديسمبر، أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن تشكيل قوة مهام بحرية باسم “حارس الازدهار” تضم 10 دول، بينها دولة عربية واحدة هي البحرين؛ بهدف مواجهة الهجمات في البحر الأحمر.
و”يرى النظام الإيراني أن الأصول البحرية (الأمريكية) لم تكن قادرة على منع الحوثيين من مواصلة الهجمات على السفن. لكن مروحية أمريكية دمرت (الأحد الماضي) ثلاثة زوارق صغيرة للحوثيين، مما يشير إلى أنهم يتكبدون خسائر”، كما أردف فرانتزمان.
مقتل موسوي
فرانتزمان قال إن “وزارة الخارجية الإيرانية شددت على أن مقتل ضابط الحرس الثوري الإيراني رضي موسوي في غارة جوية بسوريا مؤخرا لا يمثل انتكاسة لإيران. ويبدو أن العكس هو الصحيح؛ في ظل مشاركة النظام الكبيرة في مراسم تشييع جثمانه”.
وأضاف أن “إيران اتهمت إسرائيل (بقتل موسوي)، وقالت الخارجية الإيرانية إن الحادث لن يوقف مشاريع إيران في المنطقة، وأكدت أن العلاقات بين إيران ومصر آخذة في التحسن. وقد يكون لذلك آثار سلبية لأن إيران تدعم (حركة) حماس في غزة المتاخمة لمصر”.
ويُصر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على مواصلة الحرب، على أمل الاستمرار في منصبه بعدها، إذا تمكن من إعادة الأسرى، وإنهاء حكم “حماس” المستمر لغزة منذ يونيو/ حزيران 2007، والقضاء على القدرات العسكرية للحركة، التي تؤكد أنها تقاوم الاحتلال القائم لفلسطين منذ عقود.
وردا على جرائم الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى في مدينة القدس الشرقية المحتلة، شنت “حماس” في 7 أكتوبر هجوم “طوفان الأقصى” ضد قواعد عسكرية ومستوطنات في محيط غزة.
وقتلت “حماس” في الهجوم نحو 1200 إسرائيلي وأسرت حوالي 240، بادلت قرابة 110 منهم مع الاحتلال، الذي يحتجز في سجونه أكثر من 7800 فلسطيني، وذلك خلال هدنة استمرت أسبوعا حتى 1 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بوساطة قطرية مصرية أمريكية.