الرئيسية / أخبار / إسرائيل في فخ استراتيجي منذ 7 أكتوبر

إسرائيل في فخ استراتيجي منذ 7 أكتوبر

“إسرائيل وقعت في فخ استراتيجي”، هكذا يرى عاموس هاريل، أبرز كتاب “هآرتس” العبرية، قائلا إن هذا الفخ يتزايد بين “حماس” في الجنوب و”حزب الله” في الشمال والرأي العام الإسرائيلي الساخط على الحرب والخسائر التي يتكبدها جيش الاحتلال في الوسط.

ويرى الكاتب، في المقال الذي ترجمه “الخليج الجديد”، أن دولة الاحتلال حققت إنجازات ضد “حماس” في غزة، لكن الانطباع عنها يتضاءل والخسارة تتزايد، مردفا: “من الممكن أن تواجه حرب استنزاف طويلة، مصحوبة بمحاولات نتنياهو لتقويض الديمقراطية، فيما يبدو أن إسرائيل تقوم بتسخين جبهة  الشمال وهو ما يخلق  أزمة احتياطيات جديدة”.

حرب استنزاف

ويمضي هاريل بالقول: لا بد من قول الحقيقة.. لقد وقعت إسرائيل في فخ استراتيجي خطير، نتيجة للهجوم الذي نفذته “حماس” في المستوطنات المحيطة بغزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

ويضيف: التهديدات الأمنية التي تم قمعها لسنوات، بطريقة سمحت لمعظم المواطنين هنا بعيش حياتهم اليومية مع إحساس محدود بالمخاطر، تصاعدت إلى آفاق جديدة وغيرت الحياة اليومية الإسرائيلية بشكل جذري.

ويردف: في هذه المرحلة، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان يمكنك الخروج من الفخ وكيف.. قد ينشأ هنا وضع شبه دائم، حيث ستحدث حرب استنزاف طويلة الأمد على طول حدودين على الأقل.

ويتابع: لا يزال هناك خطر من أن تشتعل الجبهة اللبنانية، الأكثر تهديداً، إلى مستوى الحرب، ويمكن أن تتورط في صراع أوسع نطاقاً مع إيران والميليشيات التي تديرها، وفي المقام الأول “حزب الله”.

حماس وحزب الله

ويقول هاريل: لقد عادت مشكلتان لم يتم حلهما بعد، وكانتا تغليان على نار هادئة، وهما الصراع الفلسطيني والمواجهة مع “حزب الله” إلى مركز المسرح الإقليمي.

وعلى الرغم من أن إيران وحزب الله لم يندفعا إلى الحرب، كما كان قادة حماس في قطاع غزة يأملون أن يحدث ذلك بعد نجاح الهجوم المفاجئ في 7 أكتوبر، إلا أنهم يشاركون في الجهود ويجذبون قوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي إلى شمالي البلاد، يقول الكاتب.

ويمضي بالقول: إن الرؤية التي صاغها الجنرال الراحل قاسم سليماني، الذي كان قائدا لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، بشأن “حلقة النار” التي ستهاجم إسرائيل، بدأت تتحقق من خلال الميليشيات الموالية لإيران، حتى لو درجة المخاطر الكامنة فيه لا تزال محدودة حاليا.

تحطيم أوهام التفوق الإسرائيلي

ويضيف الكاتب: لأكثر من عقد من الزمان، روينا لأنفسنا قصصًا مثل: إيران مخترقة من قبل المخابرات الإسرائيلية (في الواقع، سرق الموساد أرشيف المشروع النووي من طهران)؛ الغارات التي يشنها الجيش الإسرائيلي تضر بتسليح “حزب الله” وتترك إيران وحلفائها عاجزين، وكل جولة قتال في قطاع غزة تنتهي بتفوق إسرائيلي ساحق وتترك “حماس” والمنظمات الفلسطينية ضعيفة وخائفة ومرتدعة. أما في الضفة الغربية، فإذا كان الفلسطيني يحلم في الليل فقط بتنفيذ هجوم، فإن الشاباك يظهر على باب منزله في الصباح ويعتقله، وقد تحطمت هذه الأوهام، بضجة كبيرة، في صباح يوم7 أكتوبر.

ويرى هاريل أن هناك مبالغة في تقدير أعداد القتلى من “حماس” في المعارك ضد جيش الاحتلال، ويحذر من وقوع الجيش في فخ المبالغة الذي عانى منه الجيش الأمريكي في حرب فيتنام.

ويضيف: التحدي الحالي في غزة لا يشبه التعامل مع القوات  المصرية في غزة وسيناء في حرب الأيام الستة، أو المعارك على ضفتي قناة السويس في حرب يوم الغفران. ولا يتعلق الأمر فقط بالكثافة الهائلة للقطاع، وحقيقة أن حماس تقاتل وسط السكان.

مشكلة الأنفاق

ويمضي بالقول: العامل الفاصل بالنسبة لحماس هو الفضاء تحت الأرض، وتبين أن نظام الأنفاق والأعمدة أكثر تعقيدًا وتعقيدًا من أي شيء عرفته المخابرات الإسرائيلية قبل الحرب.

ويؤكد الكاتب أن زعيم “حماس” في غزة يحيى السنوار  منذ إطلاق سراحه قبل 12 عاما من السجون الإسرائيلية لم يؤسس أوركسترا شبابية في جباليا أو مراكز للتنس في خان يونس، لكنه وجه كل شيكل إلى التعزيز العسكري والتحضير للحرب ضد إسرائيل.

ويزعم الكاتب أن قطر “حولت مليارات الشواكل إلى غزة واستخدمت في الغالب لتعزيز قوة حماس العسكرية”.

خسائر الجيش الإسرائيلي

ويقول الكاتب إن انتشار 4 فرق من الجيش الإسرائيلي بكثافة كبيرة على نحو ثلثي أراضي قطاع غزة يخلق مساحة واسعة للاحتكاك ونقاط الضعف، ما يمكن “حماس” من تحميل إسرائيل ثمناً يومياً ثابتاً من الدماء والقتلى والجرحى.

ويزعم هاريل أن الجيش الإسرائيلي “يبني إنجازاته ضد حماس ببطء في غزة، لكن ضمن هذه المعادلة يظل رأي الجمهور الإسرائيلي أقل إعجابًا بالإنجازات المتراكمة”.

وتضاف إلى ذلك الصعوبات: الحاجة إلى الحفاظ على الكثير من الأسلحة لاحتمال تطور حرب مكثفة مع حزب الله في الشمال؛ الحمل المطول والثقيل وغير العادي على احتياطي السلاح ؛ العبء الفعلي على الاقتصاد؛ الاحتراق النفسي لدى مقاتلي القطاع؛ والشكوك المتزايدة لدى الجمهور.

مناورات نتنياهو

ويقول الكاتب إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يلقي خطابات حول نيته الذهاب إلى أبعد الحدود ضد “حماس”، ويساعده المنتديات اليهودية والأرثوذكسية المتطرفة، التي تعتبر الحملة في غزة حربًا مقدسة لأرض إسرائيل بأكملها.

لكن بيني جانتس وغادي آيزنكوت، خصوم نتنياهو الذين انضموا له في حكومة حرب بعد هجوم “حماس”، يجدا أنفسهما في مأزق، حيث يواجهان حملة تشوية من نتنياهو وأبواقه، وفي نفس الوقت لا يريدان الانسحاب من حكومة الحرب لعلمهما بأنهما إذا غادرا فسيدخل مكانهما الوزيران المتطرفان إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريش.

ولا يزال وزراء معسكر الدولة يحاولون دفع نتنياهو للتوصل إلى قرار بالانتقال إلى المرحلة الثالثة، لكنهم يجدون صعوبة في ذلك.

ويرتبط هذا ارتباطا وثيقا برفض نتنياهو مناقشة مسألة “اليوم التالي للحرب”، فلا صوت يعلو الآن على صوت المعركة، ولا يزال نتنياهو يتجنب تلك المناقشات قدر استطاعته، بسبب الخوف من انهيار الائتلاف وبسبب قلقه من غضب اليمين.

والأخطر من ذلك، بالنسبة لنتنياهو، هو أن مرور هذه المرحلة سيعيد عشرات الآلاف من جنود الاحتياط إلى منازلهم، وسيوجه بعضهم غضبهم إلى تجديد النضال الشعبي لإطاحته من السلطة، يقول الكاتب.