بعد الحرب الإسرائيلية الراهنة على غزة، يواجه القطاع 3 سيناريوهات هي إعادة السلطة الفلسطينية إليه أو نشر قوة حفظ سلام دولية أو تهجير السكان إلى سيناء المصرية المجاورة، في ظل ضغوط في هذا الاتجاه من جانب مشرعين وجناح اليمين الديني داخل حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ذلك ما خلصت إليه ياسمين سلام، في تحليل بموقع شبكة “إن بي سي نيوز” الأمريكية (NBC NEWS) ترجمه “الخليج الجديد“، على ضوء حرب مدمرة يشنها جيش الاحتلال على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وخلّفت هذه الحرب في غزة حتى مساء السبت 17 ألفا و700 شهيد، و48 ألفا و780 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية و”كارثة إنسانية غير مسبوقة”، بحسب مصادر رسمية فلسطينية وأممية.
وقالت ياسمين إن “غزة في حالة خراب؛ إذ تفرض القوات الإسرائيلية حصارا على القطاع بأكمله وتسوي مساحات واسعة منه بالأرض، وقد نزح نحو 80% من سكانه، وأغلبهم محاصرون الآن في الجنوب، ويتم الضغط عليهم بشكل متزايد نحو حدود (محافظة) رفح مع مصر”.
وفي غزة يعيش نحو 2.4 مليون فلسطيني يعانون حتى من قبل هذه الحرب من أوضاع كارثية؛ جراء حصار إسرائيلي مستمر للقطاع منذ أن فازت حركة “حماس” بالانتخابات التشريعية في عام 2006.
ياسمين تابعت أنه على المدى القصير، من غير الواضح ما إذا كان نحو 1.9 مليون فلسطيني فروا من شمال القطاع إلى الأجزاء الجنوبية، سيتمكنون من العودة إلى الشمال، حيث دمرت إسرائيل منازلهم.
وقالت راندا سليم، مديرة حل النزاعات في معهد الشرق الأوسط بواشنطن العاصمة، إن هؤلاء النازحين “سيعيشون في خيام.. لن يكون هناك ماء ولا كهرباء ولا رعاية صحية.. غزة تتحول إلى مدينة خيام”.
وجود أمني
وبحسب ناثان براون، زميل بارز غير مقيم في برنامج الشرق الأوسط بمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، فإن “التنبؤ بنتائج هذه الحرب يشكل تحديا؛ فأهداف إسرائيل لا تزال غامضة”.
ويُصر قادة الاحتلال على مواصلة الحرب، على أمل إنهاء حكم “حماس” المتواصل لغزة منذ صيف 2007، والقضاء على القدرات العسكرية للحركة التي تقاوم الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين منذ عقود.
وتابع براون: “الواضح أنه سيكون لإسرائيل وجود أمني مستمر في غزة، لذا فإن الأمر لا يتعلق بتحديد كيفية حكم غزة عندما ينسحب الإسرائيليون؛ لأنهم لا يتحدثون عن الانسحاب”. وسبق وأن احتلت إسرائيل غزة في حرب 1967، ثم انسحبت منها في 2005.
وفي حين صرح مسؤولون إسرائيليون بأنه ليس لديهم رغبة في حكم غزة، قال مسؤولون إسرائيليون سابقون لـ”إن بي سي نيوز” ‘نه توجد نوايا لإنشاء “منطقة عازلة” شديدة التحصين في شمال غزة، لحماية إسرائيل من أي هجمات مستقبلية، بحسب ياسمين.
وردا على جرائم الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، شنت “حماس” في 7 أكتوبر هجوم “طوفان الأقصى” ضد مستوطنات وقواعد عسكرية إسرائيلية بمحيط غزة، فقتلت نحو 1200 إسرائيلي وأصابت حوالي 5431 وأسرت قرابة 239 بادلت العشرات منهم، خلال هدنة إنسانية استمرت 7 أيام، مع الاحتلال الذي يحتجز في سجونه 7800 فلسطيني، بينهم أطفال ونساء.
وقال براون إنه إذا هناك حديثا عن احتلال إسرائيلي لغزة، “فسيكون على الأرجح أقل تدخلا من الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية”.
نكبة جديدة
وأحد السيناريوهات لغزة بعد الحرب هو أن “تستعيد السلطة الفلسطينية، التي تدير الضفة الغربية المحتلة ولا تحظى بشعبية، السيطرة على القطاع”، كما أضافت ياسمين.
وإثر انهيار حكومة وحدة وطنية، أصبحت “حماس” في 2007 سلطة أمر واقع في غزة؛ في ظل خلافات ما تزال قائمة مع حركة “فتح”، بزعامة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (88 عاما).
وزادت ياسيمن بأنه في سيناريو آخر “تقوم دول الخليج العربي، ولاسيما قطر والسعودية والإمارات، بتمويل جهود إعادة إعمار غزة، على أن تشرف قوة حفظ سلام دولية على القطاع”.
أما السيناريو الثالث، بحسب ياسمين، فسيشهد تهجير الفلسطينيين إلى مصر أو دول أخرى، وهو المسار الذي أثاره مشرعون إسرائيليون، على الرغم من أن نتنياهو قال علنا إن الحرب في غزة تهدف إلى سحق “حماس”، وليس طرد الفلسطينيين.
وأضافت أنه ربما يتم الضغط على الفلسطينيين لتهجيرهم إلى صحراء سيناء المصرية أو إلى دول أخرى، في ما يمكن أن ينظر إليه الكثيرون على أنه “النكبة الجديدة”، بعد طرد نحو 750 ألف فلسطيني من منازلهم عند إقامة دولة إسرائيل في عام 1948 (على أراضٍ فلسطينية محتلة).
وفي أكثر من مناسبة، أعلن كل من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الأمريكي جو بايدن رفض تهجير الفلسطينيين، لكن جناح اليمين الديني في حكومة نتنياهو الائتلافية يضغط بشدة في هذا الاتجاه.