نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن إسرائيل بات أمامها “وقتا محدودا” لتحقيق أهدافها بغزة، وأن تصاعد الغضب بالمنطقة والإحباط في الولايات المتحدة سيقيدان هدف إسرائيل بالقضاء على حركة حماس.
وأكد المسؤولون، الذين نقلت عنهم الصحيفة الأمريكية، أنه كلما طال أمد حملة إسرائيل العسكرية بغزة، زادت فرصة اتساع الحرب بالمنطقة، وفقا لما ترجمه “الخليج الجديد“.
وأضافوا أن ضربات إسرائيل في قطاع غزة وسقوط آلاف الضحايا المدنيين أثار التعاطف في جميع أنحاء العالم مع القضية الفلسطينية، خاصة في أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عندما استهدفت الطائرات المقاتلة الإسرائيلية مخيم جباليا المكتظ بالسكان، ما أسفر عن مقتل مئات المدنيين.
وقال المسؤولون الأمريكيون إن قرار إسرائيل السريع بشن عمليات برية في القطاع المكتظ بالسكان لم يترك سوى القليل من الوقت للتخطيط من أجل التخفيف من المخاطر التي يتعرض لها المدنيون.
وفي أكتوبر/تشرين الأول، قتل العدوان الإسرائيلي حوالي 10 آلاف شخص، 40% منهم أطفال وفقًا لوزارة الصحة في غزة.
وكلما طال أمد حملة القصف، كلما أصبحت إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة أكثر عزلة في الوقت الذي تدعو فيه الدول في جميع أنحاء العالم إلى وقف إطلاق النار.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إنه لن يكون هناك وقف لإطلاق النار حتى يتم إطلاق سراح جميع الأسرى لدى حماس، و”لكن يبدو أنه يفهم أيضاً أن إسرائيل ليس لديها وقت غير محدود لتحقيق أهدافها”، بحسب المسؤولين الأمريكيين.
ويوم الثلاثاء، قال نتنياهو في بيان له إن إسرائيل تعمل عبر القنوات الدبلوماسية “لتزويد الجيش بالمعلومات اللازمة”، مع وجود مجال للمناورة الدولية لمواصلة النشاط العسكري.
وقال وزير الجيش الإسرائيلي، يوآف غالانت، الثلاثاء، إن قواته “تضيق الخناق حول مدينة غزة” وأن يحيى السنوار، زعيم حماس في غزة، “في مخبئه”.
وقال مسؤول استخباراتي أمريكي إن الموقع الدقيق للسنوار غير واضح، ولم يكن معروفًا ما توصل إليه مسؤولو الأمن والمخابرات الإسرائيليون حول مكان وجوده، فيما يزعم مسؤولون إسرائيليون إنه قد يكون قريبا من مستشفى الشفاء.
لكن العديد من مسؤولي الأمن القومي الآخرين قالوا إن المستشفى يمثل هدفًا صعبًا للغاية بالنسبة للجيش الإسرائيلي. وقال أحد كبار المسؤولين الأمريكيين إن ضربها يمكن أن يقتل مئات أو حتى آلاف الفلسطينيين.
ودفعت الغارات الإسرائيلية وتطويق مدينة غزة آلاف المدنيين الفلسطينيين في شمال قطاع غزة إلى البدء بالتحرك جنوباً.
وقال أحد المسؤولين الأمريكيين إن كبار القادة العسكريين بالولايات المتحدة يحاولون، في مكالمات هاتفية شبه يومية، دفع نظرائهم الإسرائيليين إلى أن يكونوا “أكثر دقة” في عملياتهم، وحثوا على استخدام القنابل الموجهة بالأقمار الصناعية، زنة 250 رطلا، بدلا من الذخائر التي يتراوح وزنها بين 1000 و2000 رطل.
وقال قادة عسكريون أمريكيون حاليون وسابقون إن تطويق الجيش الإسرائيلي لمدينة غزة، والذي يقسم قطاع غزة فعليا إلى نصفين، سيجعل من الصعب على حماس السيطرة على الجيب الشمالي.
وقال المسؤولون إن القرار الذي اتخذته إسرائيل قبل أسبوعين بوقف غزو واسع النطاق لغزة والقيام بدلاً من ذلك بتنفيذ هجوم بري متدرج يتماشى مع اقتراحات وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، لنظرائه الإسرائيليين.
ويزعم قادة أمريكيون سابقون، خاضوا معارك في مدن بالعراق وسوريا، إن تطويق حماس في أحد معاقلها وقطع خطوط الإمداد والاتصالات الخاصة بها سيجبرها على استهلاك الإمدادات الموجودة وسيستنفد مقاتليها.
وزعم الجنرال كينيث ماكنزي جونيور، الرئيس المتقاعد للقيادة المركزية الأمريكية، أن الجيش الإسرائيلي حدد 5 أهداف رئيسية لحملة غزة، هي: تفكيك حماس، وتقليل الخسائر في صفوف المدنيين، وتقليل المخاطر التي تتعرض لها قواته، واستعادة الأسرى وتجنب توسيع الحرب إلى ما هو أبعد من غزة.
وقال ماكنزي إن إسرائيل تحقق معظم هذه الأهداف، حيث تنفذ حملة مركزة لعزل مدينة غزة عن بقية القطاع، وقمع إطلاق حماس للصواريخ على إسرائيل، وتبحث عن الأسرى، بمساعدة الولايات المتحدة، الذين يُعتقد أنهم محتجزون في مجمع أنفاق واسع.
غير أن ماكنزي أضاف أن الوقت، من الناحية الاستراتيجية، “ليس بالضرورة في صالح إسرائيل”.
وقال الجنرال براون إنه كلما طال أمد الحرب، أصبحت المهمة أكثر صعوبة بالنسبة لإسرائيل، وأشار إلى حرب الخليج عام 1991 قائلا: “كل صراع شاركت فيه طوال مسيرتي العسكرية، باستثناء حرب عاصفة الصحراء، استغرق وقتًا أطول بكثير مما كان يتخيله معظم الناس”.
وقال كريستوفر كوستا، ضابط مخابرات الجيش السابق ومسؤول مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض: “يبدو أن قدرة إسرائيل على تحمل المخاطر مرتفعة للغاية من حيث الانتقادات التي هم على استعداد لقبولها فيما يتعلق بالخسائر في صفوف المدنيين أثناء العمليات”.
وفي مكالمة هاتفية يوم 30 أكتوبر/تشرين الأول قبل يوم واحد من قصف إسرائيل لمخيم جباليا أكد براون لنظيره الإسرائيلي، هيرتسي هاليفي، على أهمية تخفيف المخاطر التي يتعرض لها المدنيون عند قصف قادة حماس المشتبه بهم المختبئين في الأنفاق تحت الأرض.
وبينما قال ياكوف بيري، الرئيس السابق لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي، إن الجيش وأجهزة المخابرات ستقتل قادة حماس الذين نفذوا هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول، قال براون إنه يشعر بالقلق من أن إسرائيل تعمل على خلق جيل جديد من المقاتلين لدى حماس، ليرد عليه بيري قائلا: “سنقاتل أبناءهم خلال 4 أو 5 سنوات”.