الرئيسية / أخبار / الاتفاق النووي المصغر بين الولايات المتحدة وإيران: تحول جديد في الشرق الأوسط

الاتفاق النووي المصغر بين الولايات المتحدة وإيران: تحول جديد في الشرق الأوسط

يواجه نظام معاهدة عدم الانتشار في عصر التغيير الجيوسياسي الحالي، تحديات بسبب التناقضات الملحوظة، وهناك تحولات ملحوظة في الديناميكيات الجيوسياسية لصالح إيران.

يرى مقال ايشواريا سانجوكتا روي بروما في مجلة “مودرن دبلوماسي” والذي ترجمه “الخليج الجديد“،  أن إيران اكتسبت نفوذاً متزايداً في مفاوضاتها مع الولايات المتحدة والدول الغربية حول برنامجها النووي بسبب الديناميكيات المتغيرة في الشرق الأوسط.

ويضيف أنه بعد جولة من المحادثات، توصل البلدان إلى توافق، ومع إتمام هذه الصفقة المصغرة المحتملة، سيتم منح ما مجموعه 5 مواطنين أمريكيين الإذن بمغادرة إيران.

وهذا القرار مرهون باستحواذ طهران على 6 مليارات دولار، ستُستخدم في المساعي الإنسانية، بالإضافة إلى ذلك، سترد الولايات المتحدة بالمثل بإطلاق سراح العديد من الإيرانيين المحتجزين.

ويشكل اتفاق 2015 الأساس للاتفاق النووي المصغر، حيث فرض قيودًا على الأنشطة النووية الإيرانية وسمح بعمليات تفتيش دولية مقابل تخفيف العقوبات.

ومع ذلك، سحب الرئيس السابق دونالد ترامب في عام 2018، الولايات المتحدة من الصفقة وأعاد فرض العقوبات على إيران، ما دفع الأخيرة إلى انتهاك بنود الاتفاق تدريجياً واستئناف تخصيب اليورانيوم.

وهناك تفاوتات ملحوظة في الاتفاق الحالي مع الاتفاق النووي المعروف.

صيغ مؤقتة

ومع ذلك، وفقا للمقال هناك العديد من أوجه عدم اليقين بشأن مسار الاتفاق المحتمل، حيث تم رصد مسؤولي البيت الأبيض وهم يستخدمون كلمات مثل “الاتفاقات المصغرة” و”الترتيبات المؤقتة” للإشارة إلى الصفقة، حيث لم يتم الإفصاح عن الحقائق الكاملة للصفقة بالكامل.

وتسعى إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى ابتكار استراتيجية للتحايل على الأحكام الأساسية لقانون مراجعة الاتفاق النووي.

ومن وجهة نظر المقال، فإن الحاجة إلى إخضاع أي اتفاق نووي مع إيران للتدقيق التشريعي يقلل من التفاؤل المرتبط بالحل المؤقت، لأن الصفقة عرضة للرفض من قبل الكونجرس إذا قدمت للنظر فيها.

ومن الضروري الاعتراف بأنه لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي بعد.

ويبدو أن الهدف الأساسي للصفقة هو وقف التخصيب النووي الإيراني عند مستوى 60%.

ومع ذلك، فمن المؤكد أن إيران تتمتع الآن بدرجة أكبر من النفوذ مقارنة بموقفها السابق.

موقف إيران

ويشير المقال إلى أن إيران تبنت مقاربة بناءة، وأبدت استعدادها لاختتام المناقشات.

لكن قد يُعزى موقف إيران الملتبس إلى عدة عوامل، حيث لديها رغبة في تعزيز قوتها التفاوضية والحصول على تنازلات مواتية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

كما يرى المقال أن إيران قد توافق على وقف تخصيب اليورانيوم إلى مستويات قريبة من مستوى الأسلحة والسماح بوصول المزيد من المفتشين، بينما قد توافق الولايات المتحدة على رفع بعض العقوبات وإلغاء تجميد بعض الأصول الإيرانية.

كما ستحدد الصفقة المصغرة جدولا زمنيا لمزيد من المفاوضات حول اتفاق أوسع من شأنه أن يعالج القضايا الأخرى ذات الاهتمام.

ويضيف المقال أنه قد يُنظر إلى الاتفاقية الصغيرة على أنها خطوة استراتيجية من قبل إدارة بايدن، تهدف إلى الاستفادة منها لتحقيق ميزة سياسية قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وسيكون الهدف الأساسي، وقف تقدم البرنامج النووي الإيراني وضمان تحرير بعض الأفراد الأمريكيين المحتجزين في السجون الإيرانية، وبالتالي تعظيم الفوائد المستمدة من هذه الإنجازات.

وعلاوة على ذلك، تسعى إدارة بايدن إلى إطالة أمد الصفقة حتى عام 2025، معتبرة إياها إجراءً محتملاً لبناء الثقة قد يتطور إلى اتفاقية شاملة مماثلة للاتفاق النووي.

ووفقا للكاتب، تعتمد احتمالات التوصل إلى اتفاق نووي بين إيران والولايات المتحدة أو الدول الغربية في إطار أكبر على قرار القوى الأوروبية، الأطراف في الاتفاق والتي لم تنسحب بعد من الاتفاق.

إسرائيل والسعودية

ومع ذلك، سيظل الاتفاق عرضة لتأثير حدث واحد في إسرائيل.

ويضيف المقال أن “الانخراط في أعمال، مثل استهداف موقع نووي إيراني أو اغتيال موظفيها النوويين، يمكن أن يقوض أي تقدم تم إحرازه ويعيد الوضع إلى حالته الأصلية، أو ربما يؤدي إلى تفاقم التوترات في منطقة غرب آسيا”.

ويتوقع أن يتبنى منظور السعودية تجاه الصفقة المصغرة نهجًا حذرًا وواقعيًا.

ولعقود عديدة، انخرطت السعودية وإيران في منافسة تميزت بالسعي وراء الهيمنة الإقليمية.

وسبق أن أعربت السعودية عن قلقها إزاء العلاقات المتزايدة بين إيران والصين، معتبرة إياها تهديدًا محتملاً لمصالحها الاقتصادية والجيوسياسية.

ومع ذلك، قد تقر السعودية بالمزايا المرتبطة بانخفاض التوترات.

ويعتقد المقال أنه قد ترغب السعودية في التخفيف من احتمالية حدوث مشاجرة عسكرية مع إيران، خاصة إذا اختارت الولايات المتحدة وإسرائيل الانخراط في أعمال ضد المنشآت النووية الإيرانية.

ومن غير المرجح أن تقطع السعودية تحالفها مع الولايات المتحدة أو عداءها لنفوذ إيران الإقليمي.

ومع ذلك، قد تسعى إلى الحفاظ على التوازن في علاقاتها مع الصين والبحث عن مجالات محتملة للتعاون مع إيران.

ومع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، تتحدى روسيا والصين وإيران المعايير الليبرالية للولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، ولديهم نفس الهدف المتمثل في تعزيز التعاون الاقتصادي والأمني وتعزيز الشراكات الاستراتيجية.

ولذا، تسعى الولايات المتحدة لإيران لعقد صفقة نووية صغيرة لأنها تريد منع إيران من تطوير سلاح نووي واستعادة الاستقرار في المنطقة. تأمل الولايات المتحدة أيضًا في معالجة قضايا أخرى مع إيران، مثل برنامجها الصاروخي ودعمها للجماعات التي تعمل بالوكالة، في اتفاقية متابعة.

ويعتقد المقال أن منظور إيران تجاه الاتفاقية الصغيرة قد يتأثر بتقييمها لنوايا الولايات المتحدة ومصداقيتها.

وقد يكون قرار الولايات المتحدة بالانسحاب من الاتفاق النووي في عام 2018 وما تلاه من إعادة فرض العقوبات، هو السبب في افتقار إيران المحتمل للثقة فيها.

كما قد يكون لدى إيران شكوك حول قدرة الولايات المتحدة على الوفاء بالتزاماتها، بالنظر إلى المقاومة المحتملة من الكونجرس وإسرائيل والسعودية وكيانات أخرى في المنطقة.

وكذلك قد يكون لدى إيران أيضًا مخاوف بشأن الاستخدام المحتمل للاتفاقية المصغرة من قبل الولايات المتحدة لفرض مزيد من المتطلبات على إيران بشأن تطويرها الصاروخي ومشاركتها الإقليمية.

وهناك العديد من المخاوف بشأن ميل إيران المحتمل لإحياء الاتفاق النووي. لقد أبدت إيران استعدادا محتملا للدخول في نقاش. ومع ذلك، فإنها تؤكد على الحاجة إلى حماية أمنها وسيادتها.

ولهذا يرى المقال أن الصفقة المصغرة تواجه العديد من التحديات والشكوك، وليس من الواضح ما إذا كان الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، سيقبل بشروط الصفقة أم أنه سيواجه معارضة من الفصائل الأخرى في إيران.

كما أنه ليس من الواضح، وفق المقال، ما إذا كان بايدن سيتمكن من إقناع الكونجرس وحلفاء الولايات المتحدة، وخاصة إسرائيل والسعودية، بدعم الصفقة أم أنه سيواجه عقبات قانونية أو سياسية.

ويلفت المقال إلى أن الولايات المتحدة تسعى إلى اتفاق نووي مصغر مع إيران، لأنها تعتقد أن الدبلوماسية هي أفضل طريقة لمنع حدوث أزمة نووية وخلق فرصة للحوار حول قضايا أخرى.

ومع ذلك، فإن الطريق إلى “صفقة صغيرة” ليس بالأمر السهل، وهناك العديد من العقبات والمخاطر على طول الطريق.

ويختتم بالقول: “سيتعين على الولايات المتحدة وإيران إبداء المرونة وحسن النية للتوصل إلى تفاهم متبادل واستعادة الثقة بعد سنوات من العداء”.