توقع فاتح بيرول في مقال نشرته صحيفة الفايننشال تايمز، أن الطلب على الوقود الأحفوري قد يرتفع إلى ذروته خلال عقد من الزمن، مرجحا أن الانخفاض الكبير المتوقع في الطلب على النفط والغاز الطبيعي الذي يتحدث عنه بعض الخبراء ما هو إلا أسطورة.
وفي محاولة لتعزيز وجهة نظره، استشهد الكاتب بالارتفاعات القياسية التي لا تزال تشهدها أسعار النفط، وغيره من الموارد الطبيعية المستخدمة في إنتاج الوقود الأحفوري، ما يُعد ردا على أي توقعات بوصول الأسعار إلى ذروتها وانتظار بداية الانهيار في وقت قريب.
لكن الوكالة الدولية للطاقة تتوقع أن ينتهي عصر النمو الكبير في أسعار النفط والغاز والنمو الهائل في الطلب على الوقود الأحفوري، مستندة في ذلك إلى ما يتم الاتفاق عليه من إجراءات على صعيد مكافحة التغير المناخي والتغييرات التي تطرأ على سياسات الطاقة بسبب هذه الإجراءات.
وفي كل عام، ترسم الوكالة الدولية المسار المحتمل الذي قد تسلكه الطاقة على مستوى العالم واضعة في حساباتها السياسات والقوانين التي تسن من أجل مكافحة التغير المناخي، لكن تقرير هذا العام – الذي يتوقع أن يصدر بعد شهر – يتضمن إشارة إلى أن الطلب على الوقود الأحفوري بأنواعه قد يصل إلى ذروته في السنوات القليلة المقبلة بغض النظر عما يستجد من سياسات مناخية، وهو ما وصفته الصحيفة بأنه “نقطة تحول تاريخية”.
وألقى كاتب المقال الضوء على الأسباب التي قد تؤدي إلى وصول الطلب على أنواع الوقود الأحفوري الثلاثة – النفط والغاز الطبيعي والفحم – إلى ذروته ومن ثم يبدأ في التدهور الحاد؛ وهي أسباب من أهمها اتساع نطاق سياسات خفض انبعاثات الكربون، وانتشار استخدام مصادر الطاقة النظيفة، والتحولات الهيكلية التي يشهدها الاقتصاد الصيني، وتداعيات أزمة الطاقة العالمية التي تفاقمت لعوامل عدة، أبرزها الحرب في أوكرانيا.
رغم ذلك، رأى الكاتب أن هناك بعض المعوقات التي قد تحول دون وصول الطلب على الوقود التقليدي إلى ذروته وبداية انهياره؛ والتي تتضمن عدم وصول القواعد والسياسات والقوانين والإجراءات التي تستهدف التحول الكامل إلى الطاقة النظيفة إلى القدر المطلوب من القوة لتحقيق هذا الهدف. ورأى أيضا أن تراجع الطلب على الوقود الأحفوري في الدول المتقدمة قد يعوضه ارتفاع في الطلب في دول الاقتصادات الناشئة والدول النامية.
وقد يكون للطبيعة دور في الإبطاء من وتيرة تحول الطلب على الوقود الأحفوري إلى الهبوط، إذ قد تؤدي الموجات الحارة والجفاف الذي قد ينتج عن بعضها إلى ارتفاع في الطلب على الفحم. وهناك أيضا احتمالات بتراجع في إنتاجية حقول النفط والغاز ومناجم الفحم، والتي قد تقلل بعض المعروض بعض الشيء وترفع الطلب على أنواع الوقود الثلاثة.
كما أشارت الفايننشال تايمز إلى إمكانية أن تؤدي بعض العوامل ذات الصلة بهيكلة بعض الاقتصادات إلى المزيد من ارتفاع الطلب على الوقود الأحفوري، وهو ما يتضح من خلال عدم استبعاد الكثير من الدول خطط الاستثمار في النفط والغاز الطبيعي من موازناتها. (بي بي سي)