باعتبارها القوة المهيمنة في الشرق الأوسط، تحافظ الولايات المتحدة على قدر كبير من النفوذ على الصين، التي تعتمد على المنطقة لاحتياجاتها من الطاقة.
يتناول مقال إدوارد هانت في “ريسبونسبال ستيتكرافت” والذي ترجمه “الخليج الجديد”احتمال حدوث صراع بين الصين والولايات المتحدة، يمكن بموجبه للقيادة المركزية الأمريكية توجيه القوات العسكرية الأمريكية لمنع شحنات الطاقة إلى الصين، وبالتالي منع البلاد من الوصول إلى الموارد لتغذية اقتصادها وقواتها العسكرية.
وينقل المقال ما قاله الجنرال إريك كوريلا، قائد القيادة المركزية الأمريكية، للكونجرس في جلسة استماع في مارس/آذار الماضي: “لا نريد أن يكون هناك صراع مع الصين، ولكن قد ينتهي بنا الأمر في حال حدث إلى تعريض الكثير من اقتصادهم للخطر في منطقة القيادة المركزية الأمريكية”.
ويشير المقال إلى أنه لعقود من الزمان، كانت الولايات المتحدة القوة المهيمنة في الشرق الأوسط. تعد العديد من دول المنطقة متحالفة بشكل وثيق مع الولايات المتحدة، وتعتمد على المساعدة العسكرية والاقتصادية الأمريكية كما تستضيف عدة دول قواعد عسكرية أمريكية، وينتشر أكثر من 30 ألف جندي أمريكي في جميع أنحاء المنطقة. وللجيش الأمريكي بنية تحتية تمكنه من دفع القوات الأمريكية بسرعة إلى المنطقة.
وعليه هناك استعداد لنشر قوات كبيرة بسرعة إلى المنطقة ودمج تلك القوات مع الشركاء على أساس عقود من التعاون العسكري لتعزيز إمكانية التشغيل البيني ومعالجة أي طارئ.
ويؤكد الكاتب أن المنطقة تضم ما يقرب من نصف احتياطيات النفط المعروفة في العالم وأكثر من 40% من الغاز الطبيعي. وتنتج حاليًا 37% من نفط العالم وهي موطن للعديد من كبار منتجي النفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، بما في ذلك العراق والكويت والسعودية والإمارات.
كما أن هناك العديد من نقاط العبور البحرية للنفط في المنطقة، بما في ذلك قناة السويس وباب المندب ومضيق هرمز. وأي تعطيل لهذه النقاط الخانقة يمكن أن يؤثر بشكل كبير على البلدان التي تعتمد على نفط المنطقة.
ولعل النقطة المركزية في المقال هي أنه بالرغم من أن الولايات المتحدة أقل اعتمادًا على نفط المنطقة اليوم مما كانت عليه في الماضي، يصر المسؤولون الأمريكيون على أن الشرق الأوسط لا يزال مهمًا من الناحية الاستراتيجية. وطالما استمرت الدول الأخرى في الاعتماد على موارد الطاقة في المنطقة، يعتقد المسؤولون الأمريكيون أنه يمكنهم استخدام المنطقة للتأثير على تنمية هذه البلدان وربما حتى إعاقتها.
ويقول المقال إنه يتم استيراد 72% من إجمالي النفط الصيني، وإن هذا يمكن أن يجعلهم عرضة للخطر”.
ويضيف أنه اعتبارًا من عام 2021، كانت الصين واحدة من أكبر مستهلكي النفط في العالم، في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة. وأصبحت الصين واحدة من أكبر منتجي النفط في العالم، لكن البلاد لا تنتج ما يكفي من النفط محليًا لتلبية احتياجاتها. واليوم، تستورد الصين من النفط أكثر من أي دولة أخرى في العالم.
ويأتي نصف واردات الصين من النفط، من الشرق الأوسط. لبعض الوقت، كانت السعودية أكبر مصدر لواردات الصين من النفط، إلا أن روسيا تجاوزتها مؤخرًا.
وقد أشارت خدمة أبحاث الكونجرس في تقرير مارس/آذار 2023، في إشارة إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: “يبدو أن روابط الطاقة والاستثمار بين الصين ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ستنمو على الأقل حتى عام 2030، لا سيما في منطقة الخليج”.
ويذكر التقرير أن الولايات المتحدة في الماضي كانت مستعدة للتحرك ضد المنافسين المعتمدين على النفط مثل العمل الأمريكي ضد اليابان في الأشهر التي سبقت دخول الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية. قبل أشهر من شن اليابان هجومها على الولايات المتحدة في بيرل هاربور، قطعت الولايات المتحدة صادرات النفط إلى اليابان، ما عرض اقتصاد البلاد وقوتها العسكرية للخطر. واتخذ المسؤولون الأمريكيون الخطوة وهم يعلمون أنها قد تؤدي إلى حرب. وعليه قررت اليابان خوض الحرب للاستيلاء على حقول النفط في جنوب شرق آسيا.
ويرى المقال أنه بالرغم من أن المسؤولين الأمريكيين لم يبدوا اهتمامًا كبيرًا باتخاذ إجراء مماثل ضد الصين، لكنهم يعلمون أن الصين لا تزال عرضة لمثل هذه الخطوة. من خلال الحفاظ على وجود عسكري أمريكي كبير في الخليج، تحافظ الولايات المتحدة على خيار تعبئة قواتها العسكرية بسرعة لمنع شحنات الطاقة إلى الصين.
ويتوقع المقال أن يكون التركيز بشكل خاص لأي عمل عسكري أمريكي على مضيق هرمز، نقطة العبور الرئيسية للنفط في المنطقة حيث يتم شحن جميع واردات الصين من الطاقة تقريبًا من الشرق الأوسط عبر المضيق.
ويرى المقال أنه مع استمرار المسؤولين الأمريكيين في البحث عن طرق للحفاظ على المزايا الاستراتيجية على الصين، يبدو أنهم أقل اهتمامًا بالعمل مع الصين لمعالجة مشاكل أكبر، مثل التهديد الوجودي لتغير المناخ حيث تتعثر الاتصالات الثنائية بين الصين والولايات المتحدة بشأن قضية تغير المناخ، بالرغم من حقيقة أن البلدين هما أكبر مستهلكين للنفط في العالم وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
ويعتقد المسؤولون الأمريكيون أن هيمنة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط توفر لهم نفوذًا قويًا على الصين، وهم ليسوا مستعدين للتخلي عنها، بغض النظر عن العواقب على البيئة والعالم.