الرئيسية / أخبار / التقارب الأخير بين خصوم الشرق الأوسط خفض تكتيكي للتصعيد.. والصراعات ستتجدد

التقارب الأخير بين خصوم الشرق الأوسط خفض تكتيكي للتصعيد.. والصراعات ستتجدد

علق تحليل نشرته مؤسسة “أوبزرفر” للأبحاث، على التقارب الأخير بين إيران والسعودية، وتركيا ومصر، ومصر وقطر، وتركيا والإمارات، وتركيا السعودية، معتبرا أنها مجرد خفض تكتيكي للتصعيد مدفوعا بتطورات عالمية، وليست مواءمات استراتيجية، كما تزعم تحليلات أخرى.

، الذي كتبه محمد سليمان، مدير برنامج التقنيات الاستراتيجية والأمن السيبراني في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، وترجمه ، يرى أن الصراعات بالوكالة في اليمن والعراق وليبيا وسوريا، والمنافسة الإقليمية في المساحات البحرية في شرق البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر والخليج العربي، تشير إلى أن العواصم الإقليمية “لا تزال تسير على طريق التصعيد، لكنها قررت خفضه بشكل تكتيكي استجابة لأحداث عالمية كبيرة”.

ويعتبر سليمان أن النظرة لتلك التقاربات على أنها تحالفات استراتيجية من شأنها تغيير الخريطة الجيوسياسية للمنطقة “قاصرة وغير دقيقة”.

يرى التحليل أن الاضطراب الذي يشهده العالم حاليا، والذي بدأ بجائحة “كوفيد-19″، وتداعياتها الاقتصادية، والحرب الروسية الأوكرانية، والحقائق السياسية في منطفة غرب آسيا، دفع القوى الإقليمية تهدف إلى إعادة ضبط مواقعها.

ويضيف الكاتب: كان للوباء تأثير هائل وأدى إلى تباطؤ اقتصادات المنطقة، وتعطيل سلاسل التوريد، وزيادة مستويات الديون.

وعلى الرغم من نطاق وحجم الاضطراب الناجم، لكنه لم يكسر حلقة الصراع بالوكالة المكثف والمواقف الجيوسياسية.

لكن العواصم الإقليمية فوجئت أنها متروكة مع قدر أقل من الحماية للتعامل مع التصعيد اللاحق في أوكرانيا والاضطرابات الرئيسية المستقبلية، مثل التصعيد المحتمل في مضيق تايوان، يقول التحليل.

ويؤكد الكاتب أن الصراع في أوكرانيا أدى إلى تعديل الخريطة السياسية الإقليمية، حيث حوّل النوايا الإستراتيجية للدول من التركيز على المنافسة الإقليمية إلى التعامل مع العواقب الاقتصادية للحرب، لا سيما ارتفاع أسعار الطاقة، وتعطيل الأمن الغذائي، والتعرض للعقوبات الأولى والثانوية.

ويمكن الشعور بتداعيات الغزو في الأسواق الناشئة مثل مصر، التي تواجه حالة أمن غذائي صعبة لأنها أكبر مستورد للقمح في العالم ، وروسيا وأوكرانيا هما أكبر سوقين لها.

وكان للاضطراب الأوسع في النظام المالي العالمي تأثير حاد بشكل خاص على الأسواق الناشئة، وعلى رأسها مصر وتركيا.

إلى الشرق، لا تزال إيران تواجه عقوبات اقتصادية واسعة النطاق ودوامة متواصلة من المظاهرات التي تضرب قلب الجمهورية الإسلامية.

وعلى الرغم من أن دول الخليج العربي آمنة ماليًا، فإنها تواجه الآن خريطة جيوسياسية معقدة يمكن أن تشكل تهديدًا لأمنها البحري، وتدفق الطاقة إلى الأسواق الآسيوية، والأهم من ذلك، سلامتها وأمنها كأثر غير مباشر للصراع في اليمن وإيران في الخليج مصدر قلق.

موقف واشنطن

وبحسب الكاتب، فإن هناك عنصرا آخر يقف وراء توجه دول المنطقة لـ”خفض التصعيد التكتيكي”، وهو عدم اليقين بموقف الولايات المتحدة في المنطقة بالنظر إلى اختلاف أولوياتها، من الشرق الأوسط وغرب آسيا لصالح مسرحها ذي الأولوية القصوى؛ منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

ويضيف أنه بالنسبة للعواصم الإقليمية التي تراعي رغبة واشنطن في الحفاظ على نفوذها السياسي والدبلوماسي في غرب آسيا مع تقليل وضعها العسكري طويل الأمد، فإن حقيقة أن واشنطن لا تزال تحتفظ ببصمة أمنية وعسكرية لا مثيل لها في المنطقة ستستمر في التأثير بشكل كبير على حساباتها الاستراتيجية.

هل سيستمر خفض التصعيد التكتيكي الإقليمي هذا؟

يستبعد الكاتب هذا الأمر، قائلا إن الذريعة الهيكلية التي قادت دورة المنافسة والصراع بالوكالة في المنطقة لا تزال قائمة دون حل واضح في الأفق.

وأدى غياب ميزان القوى، الناجم إلى حد كبير عن الغزو الأمريكي للعراق والحرب الأهلية السورية، إلى تحويل تركيا وإيران لقوى عابرة للأقاليم تتمتع بالقدرة على ممارسة النفوذ في العراق وسوريا واليمن ولبنان وليبيا والمساحات البحرية لشرق المتوسط والبحر الأحمر وبحر العرب.

لم تتغير هذه الظروف الهيكلية، بحسب التحليل، ولن يكون التراجع التكتيكي الإقليمي، بغض النظر عن متانته ونطاقه، قادرًا على تهدئة الاختلافات الاستراتيجية بين العواصم الإقليمية.

وختم الكاتب مقال بالقول: “لا ينبغي أن يتفاجأ المراقبون إذا عادت المنطقة إلى الوضع المألوف للصراع بالوكالة والمنافسة في الوقت القادم”.