لاحظ المراقبون والمتابعون السياسيون بان العبارة التي طالما اظهر الاردن اهتماما كبيرا بها وهي تلك المتعلقة بالدعم ومساندة الوصاية الهاشمية على المسجد الاقصى والمقدسات في القدس وردت في بطن الكلام ولأول مرة تقريبا على لسان وزير الخارجية الايراني بعد زيارته الاخيرة والمثيرة الى عمان .
وفي سياق الصيغة التي استخدمت في البيان الرسمي الاردني الذي تحدث عن تسلم العاهل الملك عبد الله الثاني لرسالة شخصية من الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي قد تكون رسالة نادره وهي الاولى من نوعها وتنطوي على مجاملات دبلوماسية بين البلدين تفتح المجال لاحقا خصوصا اذا ما ارادت عمان وتجاوبت امام مستويات مختلفة من التواصل على الاقل عبر القنوات الدبلوماسية.
بصورة نادرة تماما ورد في البيان الرسمي اخبار عن استقبال الملك الاردني لوزير الخارجية الايراني حسين عبد اللهيان ما يفهم من ان الاخير اكد خلال اللقاء على اهمية الوصاية الهاشمية في حماية ورعاية الاماكن المقدسة بالقدس الشريف.
ودبلوماسيون خبراء وعميقون لاحظوا بان العبارة التي نقلت على لسان وزير خارجية طهران هنا استندت الى عبارة الوصاية الهاشمية التي تفضل عمان دوما استخدامها كما تحدثت عن مفهومي الحماية والرعاية معا للاماكن المقدسة وخالفت بيانات رسمية ايرانية معتادة في الحديث عن القدس الشريف .
فوق ذلك منح الوزير عبد اللهيان الاردنيين فرصة للتقدم خطوات تجاه بلاده عندما تقصد التأكيد على الوصاية و الحماية والرعاية الهاشمية وعندما استعار تعبير القدس الشريف الذي ينسجم مع الادبيات الاردنية عموما.
ولا يعرف بعد ما اذا كانت المبادرة الايرانية في هذا الاتجاه يمكن البناء عليها مستقبلا خصوصا وان الوزير الايراني منح الاردن جرعة اضافية بهدف التقارب الدبلوماسي عندما اكد على ما كان يقوله دوما نظيره الاردني ايمن الصفدي بخصوص عدم التدخل بدول الجوار وهي عبارة لها علاقة بالمأخذ الذي تسجله عمان على الايرانيين في الجوار العربي عموما.
خلف الستارة والكواليس اتصالات مباشرة مع قيس الخزاعي وشخصيات عراقية بارزة محسوبة على طهران ناقشت الوضع في جنوب سوريا لابل تأكيدات من مصادر رسمية اردنية بان مناقشة الوضع الامني في الجنوب السوري و عمليات تهريب المخدرات من الجانب السوري الى الاردن حققت تقدما عند ما لجأت عمان الى شخصيات قوية عراقية في بغداد تؤيد ايران.
فوق ذلك بغداد وتفاصيلها هي محور المساحة المشتركة التي دفعت بالوزير عبد اللهيان اصلا الى زيارة عمان مؤخرا فيما خصصت له مساحة وقت خاصة فيما يمكن وصفه برد اردني ايجابيي على حضوره للقاء الملك شخصيا وتبادل الحديث والمشاورات معه.
و كل ذلك طبعا على هامش مؤتمر بغداد للشراكة والتعاون الاقليمي الذي استضافته حكومة الاردن في البحر الميت امس الاول و هدفه بحضور زعماء عرب وعدة قيادات من العالم الاتفاق على تفعيل التعاون الاقتصادي والاستقرار في العراق المجاور.
الرغبة في التحدث عن مصالح الاردن في العراق وسورية تحديدا دفعت عمان للترحيب وبحرارة مرصودة وملحوظة بمشاركة ايران في قمة البحر الميت وجلوسها على طاولة الإجتماع المخصص للملف العراقي.
وتلك المشاركة كانت هدفا مهما بحد ذاتها وبالمقابل تمد يد المصافحة طهران بدورها فتؤكد على الوصاية الهاشمية وتتبنى بعض المواقف الاردن و ترد علي السلام عمليا بمثله وتحضر وتجلس على طاولة البحر الميت.
هل تقود هذه التفاهمات الوقتية التكتيكية الى ما هوأبعد من ذلك هذا هو السؤال المطروح اليوم والاجابة عليه تحتاج الى التريث والبقاء ولو قليلا في الانتظار.