البيان السياسي الرسمي الذي أعقب لقاء القمّة الأردني المصري أمس تضمّن عبارات واضحة تؤشر على أحد المضامين الرئيسية للجولة التي يقوم بها حاليا بين عدة أطراف العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني حيث بيان باسم ملك الاردن والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يعيد التأكيد مجددا على التضامن الكامل مع الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه.
يُمكن القول بأن الزيارة التي قام بها عاهل الأردن إلى كل من مصر والجزائر مرتبطة إلى حد كبير بحكم العديد من الاعتبارات بالملف الفلسطيني حصرا.
وفي ظل التحديات التي تؤشر عليها بكل الأصابع السياسية وبكل الإيحاءات الإيماءات الحالة الإسرائيلية المتشددة جدا في تشكيل حكومة بنيامين نتنياهو اليوم حيث متطرفون مستوطنون في طريقهم لتصدّر المشهد الإسرائيلي بطريقة يخشى الأردن من أن تؤدي إلى اندلاع حالة توتّر وفوضى أمنية غير مسبوقة.
وتوسّع عمليات القتل للفلسطينيين والانتقال إلى مستوى الانتفاضة المسلحة مما يؤدي برأي غرفة القرار الأردنية إلى تقويض السلطة الفلسطينية والمساس بأجهزتها.
وعلى هذا الأساس يُمكن القول بأن الإطلالة الأردنية مع الشريك المصري وعلى القناة الجزائرية تحديدا حيث الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ناقش تفاصيل مهمة كما ذكرت مصادر دبلوماسية غربية مع العاهل الأردني في لقاء مغلق وخاص مما يعني بأن الحفاظ على السلطة الفلسطينية لا بل وتفعيل أيضا مشروع المُصالحة وفقا لبعض التقديرات من الأولويّات في هذه المرحلة مما يعني أيضا أن مؤشرات المجسّات الأردنية والمصرية قلقة جدا من صُعود اليمين الإسرائيلي.
ولاحظ المراقبون بأن العاهل الاردني توقف عند المحطّة المصرية ثم المحطّة الجزائرية التي استضافت حوارا فلسطينيا ضخما خلال الأشهر الستّة الماضية بعد زيارة خاطفة قام بها إلى أبوظبي حيث الجهة العربية الأقرب في التعامل والتواصل مع اليمين الإسرائيلي مما يعني تبادل الرسائل وتلغيز في بعض الرسائل.
ومما يعني مناقشة عربية هذه المرة للتحديات التي يمثلها اليمين الاسرائيلي على أمل الاستدراك لكن السؤال هو أي استدراك ممكن في ظل هذه الظروف المعقدة.
عمّان تبدو قلقة جدا من نتائج وتداعيات انهيار ما تبقّى من آمال في عملية السلام ثم من تفويض السلطة الفلسطينية.
وثالثا من اندلاع صدام مسلح على شكل انتفاضة مسلحة سيخسر فيها الجميع بالتقدير الأردني.
وهو أمر استدعى تحرّك للدبلوماسية الملكية على الاقل في الفضاء العربي بهدف إنشاء وتكوين حالة أو موقف عربي جماعي من الدول المعنية مباشرة بالملف الفلسطيني على أمل ايصال رسالة محددة بالتعاون مع الأمريكيين والأوروبيين حرصا على بقاء السلطة وعلى أساس قناعة الأردن بأن السلطة هي التي تمثل الشرعية الفلسطينية وبقائها هو أساس عملية الاستقرار العام أو منع الانهيار أو الاحتياط لمنع الانهيار في الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية المحتلة هو أساس التحرّك والبوصلة الآن ضمن محاولة يبدو أنها في اللحظات الاخيرة قبل الإعلان عن تشكيل حكومة وُصِفَت في عمان الرسمية بأنها حكومة مستوطنين.
وبالتالي قد تعمل على تفخيخ الوضع الأمني واستهداف السلطة وإخراج فعاليتها من موقعها ضمن مؤشرات لتقارير أمنية عميقة درست التحدّيات.
ولم يُعرف بعد ما إذا كانت عمان مهتمة بملف المصالحة أو تعتبر المصالحة التي يهتم بها الجزائريون حصرا أكثر من غيرهم بما في ذلك بند العودة إلى تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية الجديدة من المسائل التي تُثير شغف الأردنيين أو تستدعي التّركيز التّام عليها لكن على الأرجح أن الحراك الملكي الأردني يحمل في طيّاته الاهتمام حصريا بالملف الفلسطيني.