زهير أندراوس
كشفت مصادر أمنيّة إسرائيليّة وُصِفَت بأنّها رفيعة المستوى النقاب عن أنّ المؤسسة الأمنيّة في الكيان تُعارِض نقل سلاح إلى أوكرانيا، وضمن ذلك منظومات دفاع جوية، لأنّ إعطاء سلاح دفاعي لكييف سيجلب خطوة روسية مشابهة في سوريّة، على حدّ تعبيرها.
ووفقًا لذات المصادر، كما ذكرت صحيفة (هآرتس) العبريّة، فقد جاءت معارضة جهاز الأمن على خلفية طلبات أوكرانيا من إسرائيل تسليمها منظومات دفاع جوية لمواجهة المسيرات الإيرانية التي تستخدمها روسيا ضدها، وأوضح وزير الأمن بني غانتس، بأنّ “إسرائيل لن تزود أوكرانيا بأي منظومات الدفاعية”، خصوصًا منظومات سلاح دفاعي، مع ذلك، قال غانتس إنّه تم العرض على أوكرانيا بأن تنقل معلومات لإسرائيل تمكنها من تطوير منظومات إنذار ذكية من التهديدات الجوية من أجلها.
ومضت المصادر عينها قائلةً، وفق الصحيفة العبريّة، إنّ المنظومة الأمنيّة الإسرائيليّة تعتقد أنّ تزويد منظومات دفاعية لأوكرانيا قد يخرق المعادلة أمام روسيا في الساحة السورية، ويؤدي بها إلى تزويد سوريّة وإيران بمنظومات دفاعية جوية متقدمة من نوع اس 300 واس400، التي من شأنها أنْ تصعّب على إسرائيل تنفيذ الهجمات الجوية في سوريّة التي نسبت لها في السنوات الأخيرة.
ونقلت الصحيفة عن مصادر بالمؤسسة الأمنيّة في تل أبيب قولها إنّ أيّ مسٍّ بالسيطرة الحصرية لسلاح الجو في الفضاء الجوي في المنطقة هو مس بذخر استراتيجي للجيش الإسرائيليّ، على حدّ تعبيرها، لافتةً في ذات الوقت إلى أنّ المؤسسة الأمنيّة تخشى أيضًا من أنّ إعطاء منظومات دفاع جوي لأوكرانيا سيؤدي إلى إسقاط طائرات روسية وقتل الطيارين، الأمر الذي سيجعل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يوجه إصبع الاتهام لإسرائيل، وهكذا حدث في أيلول (سبتمبر) 2018 عندما أسقطت منظومات دفاع جوي سورية طائرة استخبارات روسية و15 من طاقمها قتلوا بعد هجوم نسب لإسرائيل.
عُلاوةً على ما جاء أعلاه، أكّدت المصادر أنّ إعلان غانتس بأن إسرائيل لن تزود أوكرانيا بالسلاح جاء بعد نقاشات أمنية أجراها، والتي تقرر فيها إصدار إعلان واضح ضد هذه النية، وهو موجه أيضًا للأوكرانيين وبعض الجهات في إسرائيل، كما أنّ هذا أيضًا على خلفية تصريح وزير الشتات، نحمان شاي، في بداية الأسبوع بأن يجب علينا تزويد أوكرانيا بـ “مساعدات عسكرية” كما تفعل الولايات المتحدة.
ولفتت المصادر إلى أنّ المنظومة الأمنيّة بالكيان أرادت صدّ الضغط المحتمل عن إسرائيل والذي ستستخدمه عليها أمريكا والدول الأوروبية لتوفير السلاح، موضحةً إنّه رغم أنّ جهات في جهاز الأمن قالت إنّ الإدارة الأمريكية تتفهم وضع إسرائيل الحساس، وأنّها لا تستخدم الضغط عليها لمساعدة أوكرانيا عسكريًا، إلّا أنّ إسرائيل تخشى من أنّ ضغطًا إعلاميًا ودوليًا سيؤدي إلى التغيير في مقاربة الإدارة الأمريكية.
بالإضافة إلى ذلك، قالت المنظومة الأمنيّة في تل أبيب إنّ “إسرائيل لا يمكنها التنازل عن منظومة استراتيجية مثل القبة الحديدية ونقلها إلى أوكرانيا”. وقالت جهات أمنية إنّ “القبة الحديدية لا تناسب أوكرانيا بسبب حجم الدولة، الأمر الذي يصعّب نقل المنظومة”، مُضيفة أنّ “الروس الذين يسيطرون على المجال الجوي في أوكرانيا لن يجدوا صعوبة في المس بالقوافل التي ستنقل القبة الحديدية وصواريخ الاعتراض”.
في غضون ذلك، أكّدت المصادر، يبحث جهاز الأمن ما إذا كان يمكن تزويد أوكرانيا بمنظومات إنذار من الصواريخ في مناطق مأهولة، الأمر الذي سيمكنها من تحذير المواطنين من هجوم قريب بالصواريخ في فترة معقولة وتمكينهم من الوصول إلى مكان آمن، ذلك أنّ منظومات الإنذار التي طوّرتها إسرائيل قادرة على تقسيم المنطقة إلى مناطق صغيرة وتزويد إنذار محدد حسب كل منطقة، بحسب تعبيرها.
جديرٌ بالذكر أنّ وزير الخارجية الأوكراني أرسل طلبًا رسميًا لوزارة الخارجية الإسرائيلية للحصول على منظومات دفاع جوي، من ضمنها درع الضوء والقبة الحديدية وبرق 8 وبطاريات باتريوت ومقلاع داود والحيتس، إضافة إلى ذلك، طلب أنْ تقوم إسرائيل بتدريب القوات الأوكرانية على استخدام هذه المنظومات، وجاء في الطلب أيضًا بأنّ استخدام روسيا للطائرات المسيرة والصواريخ البالستية من إنتاج إيران في الحرب ضد أوكرانيا سيؤدي إلى تحسين المنظومات الإيرانية، الأمر الذي سيسهم في زيادة قدرة إيران على إنتاج سلاح هجومي، وبالتالي سيزداد التهديد على دولة إسرائيل ومنطقة الشرق الأوسط، على حدّ تعبير وزير الخارجيّة الأوكرانيّ.