د. شهاب المكاحله
منذ تهديد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستخدام السلاح النووي في أوكرانيا رداً على التهديد الذي تتعرض له مصالح بلاده، زادت حدة النقاش في الغرب عن التهديد النووي المحتمل. وهنا لن أتحدث عن القدرات النووي الروسية لأنها ستكون في مقالة أخرى.
روسيا تستطيع تدمير أي دولة بمساحة ٣ مليون كم مربع بقوتها التقليدية. فإذا أراد بوتين استخدام القوة القصوى لسلاح الجو الروسي والأسلحة التقليدية الأخرى التي لم تستخدم بعد وفق مصادر روسية، فإننا سنرى تحولاً كبيراً في المشهد الحربي في شرق أوروبا بل في العالم.
روسيا لا تواجه أوكرانيا كما سبق وقلت بل هي حرب بين روسيا وحلفاؤها الذين يمثلون أكثر من ٧٥ بالمائة من سكان العالم ضد حلف الناتو مجتمعاً. صحيح أن الحرب يخوضها الجيش الروسي وحده في الميدان لكنه يحارب الماكينة العسكرية الغربية وجيوشها. وإلى الآن لم تبدأ الحرب بعد كما قال بوتين.
أقول ومن مصادر مطلعة ومقربة من الرئيس بوتين أنه كرر غير مرة عبارة أن الحرب لم تبدأ بعد وأن الغرب يريد هزيمة روسيا، فلو “كانوا رجالا فليجربوا ذلك. لم نبدأ الحرب بشكل جدي بعد حتى الآن وما يرونه ليس سوى تسلية أو ألعاب نارية في بروفات نهاية العام وقبل الألعاب النارية الحقيقية نهاية العام”.
فصمود روسيا في وجه الماكينة الإعلامية الغربية وترسانتها العسكرية غير مواقف الدول العربية والأفريقية من موقف المؤيد لسياسات واشنطن في العالم إلى المعارض لها بل والداعم لروسيا سراً وعلانية.
صحيح أن هناك مصالح تحكم دول الخليج بتقليل انتاج النفط والغاز في موسم الشتاء القادم لأنها تريد المحافظة على أسعار مرتفعة، لكن لم يكن بإمكان أي دولة أن تقول لا لواشنطن قبل الصمود الروسي في وجه الغرب قبل العملية العسكرية في فبراير ٢٠٢٢.
ولنكن واضحين مصالحنا العربية لم تعد مع الغرب أو الشرق بل مصالحنا تكمن في تحالف يجمعنا لا يتلق أوامر بالتوصيات النهائية للقمم العربية وغيرها، ومن يُدعى إلى القمة ومن لا يُدعى؟ لم ينضم حلفاء الولايات المتحدة في دول الخليج العربية إلى لائحة العقوبات المفروضة على روسيا، لتشكيكهم في دوافع الغرب لمعاقبة موسكو. وعقب زيارة الشيخ محمد بن زايد، رئيس دول الإمارات العربية المتحدة، إلى موسكو، الأولى لزعيم عربي منذ العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، باتت موسكو قبلة للدول التي تسعى إلى حماية مصالحها في نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب. وما تلك الزيارة سوى بداية الزيارات لقادة الشرق الأوسط إلى روسيا في الأيام والأسابيع القادمة للتنسيق في مآلات السياسة العالمية على ضوء انتخابات التجديد النصفي الأميركية في ٨ نوفمبر ٢٠٢٢.
في القادم من الأيام سنرى وفوداً من دول العالم الثالث تتقاطر على موسكو للقاء الرئيس الروسي طلبا للحماية، فما عادت التحالفات القديمة تخدم الدول الضعيفة ولا بد لها من تحالف استراتيجي جديد مبني على الثقة المتبادلة بعيداً عن الإملاءات.